الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإرشادات الطبية الهاتفية بين متحمس ومتحفظ

الإرشادات الطبية الهاتفية بين متحمس ومتحفظ
26 يوليو 2010 21:27
كشفت بعض التقارير الصادرة عن عدد من المستشفيات والعيادات أن الاستشارات والإرشادات الطبية الهاتفية أثبتت نجاعتها في علاج عدد من الحالات. وأفادت إحدى الدراسات أنها قد تساعد حتى المصابين بالأمراض المزمنة مثل مرض السرطان في التعافي والشفاء. لا شك أن علاقة المعالج بالمريض تكتسي أهمية بالغة، لاسيما بالنسبة للناس المصابين بأمراض مثل الكآبة والإدمان والوزن الزائد والسكري. بيد أن هذا النوع من العلاقات لا يتطلب علاقة شخصية بالضرورة حتى يكون فعالاً. فخلال العقد الماضي، قامت العديد من المستشفيات والعيادات بتجريب استخدام الرعاية الطبية الهاتفية في معالجة عدد من المشكلات المرضية وكانت النتائج مدهشة وتفوق التوقعات. وكشفت دراسة حديثة أن الرعاية الطبية عبر الهاتف يمكنها تخفيف الألم والكآبة حتى على مرضى السرطان. وتقول د. سينثيا لي دينيس، أستاذة التمريض في جامعة تورونتو والتي أجرت دراسات حول تأثير الإرشادات الطبية الهاتفية للنساء اللواتي يعانين من اكتئاب ما بعد الولادة “إن الرعاية الطبية عبر الهاتف تقدم دعماً إضافياً للناس، ومن شأنها رفع معنوياتهم بفضل الاهتمام الذي يشعرون أنهم محاطون به”. وقد يكون هذا النوع من الرعاية مناسباً أكثر من زيارة الطبيب المعالج في مكتبه وذلك نظراً لأن الاتصال الهاتفي يمكن تحديده وفق الوقت والمكان المواتي للمريض”. وتضيف دينيس “إن الإرشاد الطبي الهاتفي يساعد المرضى على التحدث بحرية أكثر ويجعلهم يتكلمون بأريحية أكثر، فيكون التواصل مع المعالج أكثر فعالية من اللقاء المباشر وجهاً لوجه”. ويقول كورت كرونكي، أستاذ الطب بجامعة إنديانا “إن الألم والكآبة هما أكثر أعراض مرضى السرطان شيوعاً بالإضافة إلى التعب. غير أنه عندما يتعلق الأمر بعيادة تضج بالمراجعين والزوار، فإن مناقشة قضايا مثل أعراض المرض قد تكون جزءاً ثانوياً من الزيارة، وبالتالي فإنها عادة لا تذكر وتظل بدون علاج”. وقد شملت الدراسة 405 مرضى، 131 منهم يعانون من الكآبة (32%)، و96 منهم يعانون من الألم المصاحب للسرطان (24%) و178 منهم كانوا يعانون من الاكتئاب والإرهاق (44%). وكان جميع هؤلاء المرضى يخضعون للعلاج من السرطان، إلا أن الرعاية الهاتفية مع المجموعة الأولى ركزت على الألم والاكتئاب، بينما لم تتلق المجموعة الأخرى هذا النوع من الرعاية. وبعد مرور 12 شهراً، تلقى مرضى الرعاية الهاتفية ما مجموعه 11 مكالمة هاتفية من قبل ممرضة وكان لهم الخيار إما في تلقي 21 اتصالاً صوتياً تفاعلياً مسجلاً أو الإجابة عن الأسئلة الواردة في 21 استبياناً إلكترونياً تتعلق بقياس مستويات الألم والكآبة لديهم. وبالإضافة إلى وجود تزويدهم بالرقم الهاتفي للممرضة، طلب من المرضى أيضاً في نهاية المكالمة الهاتفية الآلية أو الاستبيان الإلكتروني ما إذا كانوا يرغبون في أن تتصل بهم الممرضة أم لا. وقال كرونكي “صممت هذه الدراسة بهدف تطوير طريقة أكثر فاعلية في إدارة الرعاية الطبية، لكنها انتهت أيضاً بمساعدة المرضى الذين يعانون من الألم والكآبة بشكل كبير. وحققنا من ثم نتائج مبهرة، خصوصاً إذا علمنا أن غالبية العلاجات كانت تدار من خلال التسجيل الصوتي أو الاستبيان الإلكتروني وليس عبر ممرضات حقيقيات”. وقد أضيفت المكالمات الهاتفية الآلية إلى الدراسة كوسيلة لتفادي المكالمات غير المجاب عنها والاتصالات غير المرغوبة، وتحديد أكثر الصعوبات الشائعة التي تواجه المرضى خلال التنسيق مع الممرضات عبر الهاتف بشكل تقليدي، ناهيك عن أن هذه الدراسة كانت الأولى من نوعها التي تستخدم اتصالات مثيلة كوسيلة لمعالجة المرضى. وتقول دينيس “هذه الدراسة مناورة عجيبة تتوخى تطوير برامج الدعم الطبي الحديث. وهي تبين أن المرضى يمكنهم الشعور بأنهم عنصر مهم عبر إشراكهم في تحديد العلاج الأنسب لهم، ولو كان ذلك من خلال نظام اتصالات هاتفية آلية وإلكترونية”. وقد لوحظ في نهاية الدراسة أنه حصل تحسن كبير في مستويات الألم والاكتئاب بفضل الرعاية الطبية الهاتفية، إذ خف الألم لدى 57% من المرضى، في حين لم تكن نسب تخفيف الألم في الرعاية التقليدية تتجاوز 43% في أحسن الحالات. ولوحظ تحسن أيضاً في مستويات الاكتئاب لدى مرضى مجموعة أخرى، إذ خفت أعراض الاكتئاب الحادة بعد انقضاء 12 شهراً بشكل جلي بفضل الرعاية الطبية الهاتفية. وكانت النتيجة أن 21% فقط من الحالات سجلت مستويات عالية من الكآبة، مقارنة بنسبة 35% من الحالات لدى المجموعات التي تتلقى رعاية طبية تقليدية. ويعلق كرونكي على نتائج الدرسة بالقول “إن النتائج تبين أن نهج مقاربة تعاونية وتشاركية في تقديم الرعاية الطبية أكثر فاعلية ونجاعة من الطريقة العادية القائمة على تكليف طبيب ما بإرشاد المريض”. وقد أبانت برامج رعاية طبية هاتفية أخرى عن نتائج مماثلة، فخلال الدراسة التي أجرتها دينيس، وجد الباحثون أن الأمهات الشابات اللائي يعانين من القلق وكآبة ما بعد الولادة عبرن عن استفادتهن من الإرشادات الطبية الهاتفية أكثر من استفادتهن من الرعاية الروتينية المقدمة لهن في العيادة. وكانت دراسة سابقة قد وجدت أن الرعاية الطبية الهاتفية المستمرة للمصابين بالأمراض الناتجة عن تعاطي الكحول والمخدرات ساعدت هؤلاء المرضى أكثر على إكمال علاجهم والتعافي بسرعة. وفي الآونة الأخيرة، كشفت دراسة عن العلاج السلوكي أن من شأن جلسات علاج نفسي هاتفية مساعدة مرضى الاكتئاب الحاد، إذ تعافى 42% من مرضى الاكتئاب الذين شاركوا في هذه الدراسة والذين بلغ عددهم 30، وذلك بعد مرور ستة أشهر من تلقيهم العلاج، وهي نسبة لا تختلف كثيراً عن نسبة تعافي نفس الفئة من خلال الجلسات العلاجية الشخصية بحضور المريض والطبيب المعالج وجهاً لوجه. ويحذر بعض المعالجين من التعويل كثيراً على الرعاية الطبية الهاتفية كبديل عن جلسات العلاج التقليدية. فبدون التعابير غير اللفظية للمريض مثل تعابير الوجه وهزهزة بعض الأطراف كاليدين أو الرجلين والتي تعكس حالة نفسية معينة لدى المريض، سيكون من الصعب على الطبيب المعالج قراءة انفعالات المريض، وهو ما قد يؤدي إلى سوء فهم حاجاته وأعراض مرضه. ويؤمن كرونكي مع ذلك بنجاعة الرعاية الطبية الهاتفية ويعتبرها ذات مكامن نجاح كبيرة، ويقول “إن من شأنها الوصول إلى المرضى ومساعدة أكبر عدد من الناس بغض النظر عن مكان وجودهم أو إقامتهم، كما أنها قمينة بمساعدة الأطباء والممرضات على كسب الوقت وادخار المال”. عن “لوس أنجلوس تايمز”
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©