الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

شبام حضرموت·· تاريخ يستغيث

شبام حضرموت·· تاريخ يستغيث
7 نوفمبر 2008 03:06
تعرضت مدينة شبام اليمنية التاريخية لأمطار غزيرة غير مسبوقة في أواخر اكتوبر الماضي، وزحفت السيول على المدينة مهددة ما فيها من مكتنزات تراثية وحضارية تكاد تندثر بفعل شدة الأضرار· ومع كل ماشهدته المدينة من أمطار غزيرة وسيول ورغم كل التحذيرات لتدارك الموقف، إلا أن الآذان تبدو صماء لا تسمع النداءات المتكررة لإنقاذ مدينة ''أول ناطحات سحاب طينية في جنوب الجزيرة العربية''· وهذه المرة جاءت السيول مهددة كل المباني التاريخية بكارثة، وهو ما يجعل الباحثين والمهتمين بالعمارة الطينية عاجزين أمام ما يمكن عمله اليوم لهذه المدينة ذات التوزيع المتناسق والموحد في أغلبية المنازل التي لا تزال تمثل رمز حضارة الطين المعمارية، والمخاوف تتزايد وتدق نواقيس الخطر من قرب اندثاره· ووصفت أضرار السيول في المدينة بأنها كبيرة جداً، حيث إن عمارات المدينة التاريخية وأسوارها تعاني من هبوط التربة بفعل غزارة المياه، كما أن محطة معالجة مجاري الصرف الصحي جُرفت بالكامل وانكشفت على السطح من جديد أنابيب المياه والمجاري· ودعا المهندس عمر عبدالعزيز الحلاج، الذي عمل رئيساً لخبراء المشروع اليمني الألماني للتنمية الحضرية في شبام، إلى تدخل عاجل قائلاً: ''الوضع في أطراف المدينة سيئ جداً، وإنه في السحيل و شقيّه انهار عشرون منزلاً والمزيد مهدد بالانهيار· سميت شبام بهذا الاسم نسبة إلى اسم ملكها شبام بن حضرموت بن سبأ الأصغر، ويقال في رواية أخرى إن سكان شبوة عندما تهدمت نزحوا إلى هذا الموقع وسط الوادي وقاموا بتسمية بلدتهم الجديدة شباة ثم تحولت التاء زمنياً إلى الميم· وتعتبر شبام العاصمة السياسية والاقتصادية لوادي حضرموت إن لم يكن للمحافظة كلها· ووفق الكتب التاريخية، فإنه عندما اعتنق الحضارم الدين الإسلامي في العام العاشر الهجري أرسل النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) زياد بن لبيد البياضي ليكون عاملاً له على حضرموت، واتخذ شبام مقراً لإقامته متنقلاً بينها وبين مدينة العلم في حضرموت وهي تريم· لكن هناك بعضاً آخر من المهتمين بتاريخ المنطقة يقولون إن شبام ربما يكون اسماً لأحد الملوك أو كاهن أو قائد كبير في المنطقة في ذلك الوقت، خاصة أن كثيراً من المدن تسمى بهذا الاسم، مثل شبام كوكبان، وشبام الغراس، وشبام حراز وغيرها من المناطق· ذاع صيت هذه المدينة الواقعة ضمن مدن محافظة حضرموت، وعرفت في عدد لا حصر له من كتب الاختصاصيين والمؤرخين والرحالة والمستشرقين، وأدرجت في قائمة مدن التراث العالمي التابع لمنظمة اليونيسكو، كما حصلت أخيراً على جائزة العمارة الدولية في العاصمة الماليزية كوالالمبور· وتجمع شبام بين كل فنون الحياة الفكرية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعمرانية، وتعتبر مدينة تفوقت في فن العمارة وأظهرت نمطاً معمارياً لا مثيل له في وادي حضرموت بل في اليمن كله· ويخشى المختصون من اندثار مباني شبام التاريخية التي جاءت متوافقة معمارياً وبيئياً واجتماعياً وفقهياً أيضاً، ويؤكد الباحثون أن المدينة ليست كأي مدينة شبامية وجدت في أماكن متفرقة من اليمن· وكتب عنها المؤرخون أعذب العبارات ووصفوها بعدة صفات، حيث قال عنها الرحالة الهولندي فان دير مولين: ''إنها تشبه الكعكة عندما يرش عليها السكر، وذلك لبياض سطوحها· ووصفها الرحالة الألماني هانس هافرتين بأنها ''شيكاغو الصحراء'' لموقعها المتميز وسط الصحراء· وقبل أن تندثر هذه المدينة وتصبح ضمن الأطلال يمكن للمرء زيارتها والدخول إليها من بوابة واحدة فقط تقع على الخط الرئيسي من الجهة الجنوبية، يقال إنها كانت قديماً تقفل ليلاً وتفتح صباحاً كغيرها من المدن الإسلامية· هذه البوابة التي تتكون من جزءين بوابة كبيرة كانت تستخدم لدخول الجمال والقوافل التي كانت محملة بالبضائع من تمور وبخور ولبان وغيرها، واليوم تستخدم لمرور السيارات وجزء آخر على جانب البوابة الكبيرة عبارة عن مدخل صغير كان يستخدم للجنائز ومرور النساء والبوابة تفضي إلى ساحة كبيرة تسمى ساحة القصر، علماً بأن للمدينة ثلاث ساحات أخرى وهي (ساحة القصر وسميت بهذا الاسم نسبة إلى مقر السلاطين الكثيرين والقعيطيين الذين توالوا على الحكم في المدينة حتى عام ،1967 أما الساحات الأخرى فهي ساحة الجامع وساحة با ذيب)· شبام الآن بانتظار جهود دولية تهب لإنقاذ هذا التراث الإنساني من الاندثار وحمايته باعتباره ملكاً للإنسانية على مر العصور·
المصدر: صنعاء
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©