الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

من أرشيف المحاكم

من أرشيف المحاكم
7 نوفمبر 2008 02:41
اقتحم عامل الزجاج مكتب رئيس مباحث الزيتون وأخبره بأنه يشم رائحة كريهة داخل غرفة نومه ويشك بأن تكون زوجته الثانية قتلت ابنته من زوجته الأولى ودفنتها داخل الغرفة· ارتسمت علامات الدهشة على وجه رئيس المباحث، وتحرك على الفور مع العامل إلى منزله والانتقال إلى الغرفة وقبل دخوله اشتم الرائحة الكريهة، واتصل بالنيابة ومفتش الصحة لكشف غموض الحادث· وانتقل فريق المعمل الجنائي الى مكان الحادث في شارع ضيق حيث المباني قديمة ومتهالكه، ازدحمت الشرفات بمن يحاولون معرفة سر التواجد الأمني الكثيف أمام المنزل الذي يقيم فيه عامل الزجاج· دخل الضابط ومعه بعض أفراد الشرطة المنزل، وهو مكون من ثلاث غرف وصالة كبيرة بالطابق الأرضي· الرائحة تملأ المكان، ومنقولات الزوجية متناثرة في كل بقعة، وملابسه على الأرض وأغلب الغرف فارغة من المنقولات ماعدا غرفة النوم التي وجد بها سرير حديد ومرتبة متهالكة وفرش أحمر مثل لون الحائط، كان قد جدده مع زوجته الثانية، وخلف الباب بعض الملابس الخاصة بالعامل ولاتوجد ملابس حريمي لزوجته مما يؤكد أنها تركت عش الزوجية· وبدأ العمال الحفر أسفل السرير وكان الحفر صعباً للغاية لوجود كتل خرسانية تم إعدادها جيداً لمنع أي أحد من الوصول الى الجثة· استمر الحفر أكثر من ثلاث ساعات· وفور الوصول الى أطراف الجثة سقط العامل على الأرض فاقداً الوعي، ارتعش جسده وتصبب عرقاً·، فأمر الضابط بنقله الى المستشفى تحت حراسة مشددة، واستمرار الحفر بهدوء حتى لا تتأثر الجثة ويتم اكتشاف القاتل· صرخ أحد عمال الحفر بأن الجثة ظهرت كاملة، وأسرع مفتش الصحة نحو الحفرة وخلفه فريق المعمل الجنائي والطب الشرعي، والتقطت الصور للجثة التي عثر عليها داخل حقيبة سفر كبيرة في باطن الأرض، وتم نقلها في سيارة الإسعاف، وهي لطفلة دون العاشرة من عمرها، طويلة، ترتدي بلوزة خضراء وبنطلون جينز وملابسها رثة للغاية وقمحية اللون· وبالكشف الطبي على الجثة عثر مفتش الصحة على عدة جروح في الرأس والرقبة، وعلامات كي بالنار على ذراعها الأيسر وظهرها ولم تسلم قدماها من الجروح والسحجات، وتم نقل الجثة الى المشرحة وأسرع فريق بحث الى منزل الزوجة 36 سنة· وفور ضبطها انخرطت في البكاء دون أن يتحدث معها أحد عن شيء· وسألها الضابط عن ''صفية'' ابنة زوجها فأجابت وهي خائفة لا أعرف عنها شيئا لأنها كانت تخرج وتغيب عن البيت عدة أيام وتعود ويقوم والدها بضربها حتى تمتنع عن الهروب ولكن دون جدوى· وخرجت الأسبوع الماضي ولم تعد وحرر والدها محضراً بغيابها في قسم شرطة الزيتون وعانت أمها أيضا الأمرين منها وتركتها لوالدها واحتفظت بطفليها عبدالله ''10 سنوات'' وعبدالرحمن ''9 سنوات'' بعد طلاقها من زوجي وظل هو يتابع أولاده· وكانت ''صفية'' هي الكارثة التي تؤرقه يومياً بسبب هروبها ومشاكلها المستمرة مع الجيران· قاطعها الضابط وسألها أكثر من مرة اين ''صفية''؟ سقطت الدموع على خديها بغزارة وأمسكت بالمنديل وجففت الدموع وانكرت معرفتها بالطفلة· فقال لها الضابط: وجدنا الجثة أسفل السرير وزوجك يتهمك بقتلها بعد قيامك بتعذيبها وارشد عن الجثة وانت متهمة بقتل ابنة زوجك مع سبق الاصرار والترصد وتواجهين حكم الإعدام· صرخت الزوجة وكان وجهها شاحباً وهي سمراء اللون ونحيفة وترتدي ملابس سوداء وشبشباً من البلاستيك تخرج منه أصابعها المتسخة· وقالت: لا، هو الذي قتلها، ''صفية'' هربت أكثر من أسبوع وكانت تنام مع أطفال الشوارع، وعلم ذات يوم بأنها تعرضت للاغتصاب من مجموعة من أطفال الشوارع، وأن مستقبلها قد انتهى، فقرر التخلص منها وضربها بعصا غليظة على رأسها وقبل ذلك قام بكي جسدها بالنار أكثر من مرة، ولكنها عادت للهرب عدة مرات، وفي يوم الحادث انتظر حتى نامت وبعد منتصف الليل أيقظها وطلب منها الجلوس أمامه لتعترف بهروبها والأطفال الذين تلتقي معهم·· واثناء اعترافها ضربها عدة ضربات وبعد ذلك تناول قرصاً مخدراً حتى ينسى ما قالته طفلته من اعترافات قاسية على أب يسمع أن ابنته الصغيرة يلتهمها أطفال الشوارع· انقض عليها وأمسك برأسها ورفع الايشارب من فوق رأسها وخنقها حتى الموت ووضعها في حقيبة سفر أسفل السرير وفي الصباح اشترى شيكارة أسمنت واجبرني على حفر مقبرة لها أسفل السرير ووضع كتلا خرسانية على جثتها لاخفاء الجريمة وبعد أيام فوجئت به يعتدي عليّ بالضرب دون رحمة وفقد أعصابه تماما واضطررت لترك المنزل وطلبت منه الطلاق وتردد عليّ كثيراً في منزل أسرتي وعندما رفضت العودة اليه هددني بالابلاغ عن الجريمة التي اشتركت معه فيها· احيلت المتهمة وزوجها الى النيابة وبمواجهتهما بالوقائع اعترف الزوج بالتفاصيل نادماً على جريمته التي ارتكبها ضد ابنته· وقال في التحقيقات إنه لم يقصد قتلها وأراد تأديبها ولكن كلام طفلته أغضبه تحت تأثير المخدر ووجد نفسه يخنقها بالايشارب دون أن يدري· وأضاف وهو يبكي ''صفية'' ابنتي لوثت سمعتي وفشلت كل محاولات اصلاحها بالضرب أو الكي بالنار أو الحبس في البيت وكانت تخرج الى الشارع وتقضي به عدة أيام وتعود والكارثة أن بعض أطفال الشوارع كانوا يحضرون معها الى البيت مما جعلني ثائراً من تصرفاتها ونحن نعيش في منطقة شعبية واعتبرتها النقطة السوداء في حياتي وكانت كابوساً· واحيل المتهم وزوجته الى محكمة جنايات القاهرة التي تداولت القضية وحكمت على الزوج بالسجن 15 عاماً مع الشغل والنفاذ وعلى زوجته بالسجن عامين·
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©