الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الخوف من كلينتون وخيارات الناخبين

17 أكتوبر 2016 09:44
من أصعب الأشياء التي يمكن أن تستعصي على فهم شخص أجنبي في السياسة الأميركية، خصوصاً نسختها المتطرفة نوعاً ما في هذا العام 2016، استعداد الناخبين لتأييد مرشحين، كانوا يعتبرونهم غير مقبولين، في المرحلة المبكرة من الحملة الانتخابية. ونظراً لأن الانتخابات الرئاسية الأميركية الحالية، انحصرت في سباق بين مرشحين اثنين، فإن حسابات الناخبين، والفاعلين السياسيين، تتغير في الوقت الراهن بطريقة تسترعي الانتباه. كان هذا ملاحظاً بشكل خاص في ولاية نيوهمبشاير هذا الأسبوع. ففي يوم الأربعاء الماضي، قال «كريس كريستي» حاكم ولاية نيوجيرسي، الذي كان موجوداً في نيوهمبشاير، التي أتاحت له أفضل أداء في موسم الانتخابات التمهيدية -حصل على 7,4 في المئة من الأصوات- من أجل توجيه رسالة بسيطة للجمهوريين قال فيها: «إذا كنتم جمهوريين، ولم تعملوا من أجل ترامب خلال الخمسة وخمسين يوماً المتبقية على موعد الانتخابات، فإنكم في هذه الحالة ستكونون كمن يعمل من أجل هيلاري كلينتون». وكريستي هو ذاته الرجل الذي لخص موقفه نحو ترامب في ديسمبر عام 2015 بالقول: «نحن لا نريد تلفزيون واقع في المكتب البيضاوي في الوقت الراهن، فمنصب رئيس الولايات المتحدة ليس منصباً يصلح لأن يشغله شخص يجيد التسلية». لقد رأيت هذا الرجل في نيوهمبشاير منذ سبعة أشهر وكان رافضاً لترامب. ثم بدا بعد ذلك أن مجموعة المحافظين البراجماتيين، والتقليديين الذين يتمتعون بخبرات إدارة واسعة -جون كاسيتش، جيب بوش، وكريستي- ما زالت لديهم فرصة للتقدم على الرجل الاستعراضي ترامب. وقد سألت المستشار السياسي «باتريك هاينز»، من «لاكونيا، حول هذه التحولات الظاهرة للعيان (سبق لهاينز أن عمل مع بوش خلال الانتخابات التمهيدية، كما عمل في السابق مع جون ماكين، وميت رومني في السباق الانتخابي لعام 2012، وهو واحد من المحافظين التقليديين الذين أظهروا بجلاء كراهيتهم العميقة لترامب)، فرد عليَّ بالقول إن الملياردير ليس هو خياره الأول، ولكنه يخطط مع ذلك للتصويت له في نوفمبر المقبل، وخصوصاً أن الآلة الجمهورية في الولايات المختلفة، تدعم هذا التوجه. ولمزيد من التوضيح، يقول هاينز: «في الولايات المتحدة ينحصر الأمر دائماً في الاختيار بين أمرين اثنين. فهناك كوكاكولا، وهناك بيبسي كولا، في حين أن -آرسي كولا- مضت في الطريق نفسه الذي مضت فيه الديناصورات من قبل.. وهناك فورد وشيفروليه، وهناك كرايزلر أيضاً ولكنها تحل ثالثة بفارق كبير...وهكذا»! ولكن الأبحاث التي أجراها علماء كبار مثل عالم النفس الأميركي الشهير «ألدار شافير»، وكذلك «إيتمار سيمونسون» الأستاذ بجامعة ستانفورد، و«عاموس تفيرسكي»، أستاذ علم النفس الرياضي والعلم الاستدراكي، أظهرت مع ذلك، أنه في بعض الأحيان، قد يكون وجود خيار ثالث وسطي، سبباً في تسهيل عملية الاختيار بفضل الظاهرة التي يطلق عليها «كراهية التطرف المطلق في المواقف». وقد وصف سيمونسون هذه الظاهرة بقوله «إن الخيارات ذات القيم المتطرفة أقل جاذبية نسبياً من الخيارات ذات القيم الوسطية». ونيوهمبشاير تقدم مثالاً ممتازاً على هذا النوع من التفكير: فـ«جو ماكويد» ناشر صحيفة «نيوهمبشاير يونيون ليدر» الأكثر نفوذاً في الولاية رجل خاض لفترة طويلة حملات ضد ترامب، بل وذهب إلى حد مقارنته بشخصية «بيف» البلطجي في فيلم «العودة للمستقبل»، وبادرت صحيفته التي ظلت جمهورية متعصبة لما يزيد على قرن من الزمن، بتأييد كريستي في الانتخابات التمهيدية. والآن، وبعد أن ارتد كريستي مرة ثانية إلى التفكير الثنائي (الاختيار بين اثنين)، لم يفعل «ماكويد» ذلك. ففي افتتاحية له في الصحيفة المذكورة هذا الأسبوع، أيد المرشح التحرري «جاي جونسون»، ورفيقه على التذكرة الانتخابية «بيل ويلد» لأنهما: «في الأوقات المظلمة التي نمر بها الآن، يمثلان ضوءاً ساطعاً من الأمل والعقل». ويعني هذا أنه بالنسبة للناشر المحافظ، فإن كلاً من كلينتون وترامب يعتبران متطرفين، وهو يعرب عن تفاؤله بأن خياراً ثالثاً يمكن أن يكون قابلاً للنجاح في نيوهمبشاير. وعندما سألته عما يأمل في تحقيقه من وراء تأييد جونسون، في حين أن الناخبين الجمهوريين بشكل رئيسي يتحدون وراء ترامب، رد علىّ بالقول إنه لا يرى الكثير من الأدلة على صحة ذلك. وقال في رسالة بالبريد الإلكتروني: «إن معظم كبار حملة المناصب يرددون مقولة -إننا نركز على خط السباقات الانتخابية الخاص بالولاية- أما بالنسبة لترامب فإن إجمالي الأصوات التي حصل عليها هنا لم يكن كبيراً. ولكن ترامب، على رغم ذلك، فاز بالانتخابات التمهيدية في نيوهمبشاير بنسبة 35,3 في المئة أو ما يزيد على 100 ألف صوت، وهو عدد من الأصوات أكبر بمرتين من التالي له في الترتيب «كاسيتش». وهناك فرصة ضئيلة لأن يتمكن جونسون من إحداث تأثير هنا: فكل شخص آخر تحدثت إليه قال إنه سيخطط لدعم مرشح الحزب، وخصوصاً أن الآلة الجمهورية تعمل بتركيز تام من أجل ترامب. وقد يكون السبب في ذلك هو النزعة العدوانية الصارخة، التي اتسمت بها الانتخابات، والتي جعلتها انتخابات تتعلق بالرفض، أكثر مما تتعلق بالاختيار. وفي مثل هذه الظروف -كما يقول العلماء السابق ذكرهم- فإن السمات السلبية لمرشح ما، قد تكون أكثر أهمية من سماته الإيجابية. ولذلك فإن مرشحاً مثل ترامب، لابد أن يدين بالكثير من الفضل لهيلاري وسلبياتها، على الوحدة -التي تتم على مضض إلى حد ما- التي حققها مؤيدوه هنا. *كاتب ومحلل سياسي روسي مقيم في برلين ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©