الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شعوب موهوبة

23 مايو 2014 23:18
(1) في الزمانات، كانت مزابلنا فقيرة ولا تحتوي على أكثر من زبل الطوابين المحروق وعروق الملوخية والكثير من الصراصير.. كنا نعيش في مجتمع الكفاف الذي (كيّف) نفسه، وأعاد تدوير المواد مراراً وتكراراً، قبل نحت هذا المصطلح بعقود. فقطعة القماش مثلاً، بعد أن ينتهي دورها كبرداية على الشباك و(تكلح تماماً) تتحول إلى وجه مخدة أو إلى كيس كتب للولد. وعندما ينتهي دورها هناك تتحول إلى مسّاكة لحمل الصواني الساخنة أو إلى فوطة بدون أجنحة ولا حواجز، وبعد أن ينتهي دورها، يوضع بداخلها حجر وتصير ركاية للباب، أو تتحول إلى ممسحة كاز لطابة صوبة البواري... وهذا ينطبق على تنكة السمن ونصية الحلاوة وكندرة الوالد.. وكل شئ. ولما دهمنا مجتمع الاستهلاك انسقنا معه وله بكل سلاسة، لكننا لم نتخلص من عاداتنا القديمة في تنويع الاستخدامات، لا بل إننا طورنا أسلوباً أعلى من مرحلة إعادة التدوير، يعتمد على تنويع الاستعمالات في ذات اللحظة. لاحظوا أننا نستخدم مفتاح السيارة مثلاً، إضافة إلى تشغيل السيارة، لدق الباب ونقر الأذن، ونستخدمه أحياناً لفتح الكراتين. أما زامور السيارة، فنسلم على الآخرين بواسطته ونادي به، ونحتفل بواسطته في الأعراس والمناسبات، ونعلن عن أنفسنا كمشجعين بواسطة نغماته، ولا يهمنا إطلاقاً إزعاجنا للآخرين، فهذا آخر اهتماماتنا. أما الصرماية، فإننا نستخدمها كأسلوب تربوي لتعليم الأولاد وتدريبهم على المناورة ومنحهم إحساساً مؤقتاً بالنشوة حينما يستطيع الولد مناورة صرماية الوالد التي تضرب بالخطأ وجه أخيه الذي (فسد عليه).. إنها قمة الفرح. طبعاً نستخدم الصرماية لقتل الصراصر والبرغش، ونستخدمها للتزلج أحياناً. وعندما تقوم بكل هذه الأدوار بنجاح وتفقد الكثير من أطرافها تتحول إلى شبشب، لكنها تستمر في القيام بأدوارها الأخرى بكل كفاءة واقتدار. الجريدة... بعد الاطلاع عليها وحل الكلمات المتقاطعة والسودوكو نحولها إلى سفرة للأكل وأرضية لدروج المطبخ والنملية ولتنظيف الزجاج ونسد بواسطتها الفوهات المفتوحة في المنزل، خصوصا بين البواري والحيط، ناهيك عن لف الخضار والفواكه، ولإشعال فحم الشواء والأرجيلة. شعوب متعددة المواهب!!. (2) تعرفون قصة الكرة المستديرة التي تسمعونها خلال أي تحليل رياضي بين الشوطين... حيث، يطيب للمعلقين الرياضيين، خصوصاً حينما يرغبون بالتباهي في درجة موضوعيتهم، يطيب لهم الادعاء بأن الكرة مستديرة، تعقيباً على سؤال من المذيع حول توقعات المعلق الرياضي لنتائج إحدى مباريات كرة القدم، وقد يكون الأمر تملصاً وهروباً من الإجابة بطريقة مباشرة. وبدون معلمانية على أحد أبداً، فالمقصود طبعاً بأن الفرص متساوية، وهناك إمكانية دائماً بأن يفوز هذا الفريق أو ذاك، لأن الكرة كروية (عبقرية فذّة)، وهي متساوية المقاييس ومحايدة تجاه الفريقين. الإجابة مخاتلة ومراوغة، لا بل هي كاذبة، إذ صحيح أن الكرة مستديرة، وهذه معلومة يعرفها حتى المهابيل، لكن ذلك لا يدل إطلاقاً على أن الفرص داخل الملعب متساوية، فهذا افتئات على الحقيقة والواقع والممارسة العملية الحيّة، فلا وجود للفرص المتساوية بين الفرق غير المتساوية، إلا في قاموس الحمقى. تخيلوا مثلاً، أن الكرة المستديرة سوف تؤدي إلى أن يغلب المنتخب الأردني المنتخب البرازيلي، دون أي اعتبار للتجربة الطويلة ولا التفرغ.!! يوسف غيشان ghishan@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©