الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

التوازن والعقلانية يحكمان السياسة الخارجية السعودية

23 سبتمبر 2016 00:23
لهيب عبدالخالق (أبوظبي) بات اليوم الوطني السعودي يوماً وطنياً للأمة العربية والإسلامية، فالمملكة العربية السعودية هي العمود الفقري للأمة، وتتمتع بمكانة خاصة في قلوب العرب والمسلمين، وعززت تلك المكانة مبادرات قيادتها الحكيمة التي لا تحصى في نصرة القضايا العربية والإسلامية. فقد تحملت المملكة بمسؤولية وبدعم من شقيقاتها في مجلس التعاون قيادة العالم العربي في فترة هي الأصعب في تاريج الأمة، ووقفت في وسط تلك الأعاصير التي تضرب المنطقة لتلملم الجراح وترفع الاعتداءعن الأشقاء، ودفعت وما تزال أغلى الأثمان من دماء أبنائها وأموالها، وخير مثال على ذلك ما يجري في اليمن. ولا يمكن أن تنسى الأمة العربية الأيدي الممدودة للمملكة بالخير والأخوة والعطاء لمساعدة من يحتاج إلى الدعم لتجاوز الخطر، هذا إضافة إلى العمل للمّ الشمل العربي. قامت السياسة الخارجية السعودية على مبادئ ومعطيات جغرافية، تاريخية، دينية، اقتصادية، أمنية، وسياسية، وضمن أطر رئيسة أهمها حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وتعزيز العلاقات مع دول الخليج والجزيرة العربية، ودعم العلاقات مع الدول العربية والإسلامية،، وانتهاج سياسة عدم الانحياز وإقامة علاقات تعاون مع الدول الصديقة، ولعب دور فاعل في إطار المنظمات الإقليمية والدولية. ففي الشأن الخليجي دأبت منذ تأسيسها، على اعتبار الدائرة الخليجية من أهم دوائر السياسة الخارجية لأسباب عدة أهمها، أواصر القربى والارتباط التاريخي والجوار الجغرافي المميز الذي يجمع المملكة بدول الخليج العربية إلى جانب تماثل الأنظمة السياسية والاقتصادية القائمة فيها. ?وإيماناً من المملكة وباقي دول الخليج بالقواسم المشتركة بينها ورغبة منها في توحيد وتنسيق السياسات المشتركة وأهمها الأمنية والدفاعية في خضم أزمات وصراعات، تحيط بالمنطقة، وتؤثر عليها بأشكال عدة، اتفق قادة دول الخليج الست على إنشاء (مجلس التعاون لدول الخليج العربية) في العام 1981م، ليكون الإطار المؤسسي لتحقيق تكاملية تعاونية، تلبي رغبات وطموحات المجلس على المستويين الرسمي والشعبي وعلى كل الأصعدة. وارتكزت السياسة الخارجية السعودية على أسس ومبادئ أهمها، أن أمن واستقرار منطقة الخليج هما مسؤولية شعوب ودول المنطقة، وأن من حق دول التعاون الدفاع عن أمنها وصيانة استقلالها بطرق مناسبة لمواجهة أية تحديات خارجية كانت أم داخلية. كما ارتكزت على رفض التدخل في الشؤون الداخلية لهذه الدول والوقوف صفاً واحداً أمام أي اعتداء على أي منها، وسعت إلى تعزيز التعاون مع دول المجلس وتنمية العلاقات في مختلف المجالات، وإلى تنسيق السياسات الخارجية قدر الإمكان وبخاصة تجاه القضايا المصيرية، وعملت على تصفية الخلافات (خاصة الحدودية) بين دول المنطقة وفق مبادئ الأخوة وحسن الجوار. قضايا العرب.. أولوية أدركت المملكة منذ تأسيسها أهمية العمل العربي المشترك وتوحيده ، فسعت مع ست دول عربية مستقلة العام 1945 لوضع آلية لتنظيم العلاقات العربية، فكان إنشاء (جامعة الدول العربية) والتوقيع على ميثاقها في مارس العام 1945م. وارتكزت السياسة الخارجية في دائرتها العربية على مبادئ ثابتة منها، حتمية الترابط بين العروبة والإسلام، باعتبار المملكة مهد الإسلام ومنبع العروبة، إضافة إلى ضرورة التضامن والتنسيق بهدف توحيد المواقف وتسخير كل الإمكانيات والموارد التي تملكها لخدمة المصالح العربية. وتميزت سياسة السعودية بالواقعية فابتعدت عن الشعارات والمزايدات المضرة بأمن واستقرار العالم العربي، وعن التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، والتزمت مبدأ الأخوة من خلال تقديم الدعم والمساعدة بكافة أشكالها، كما تميزت بالتوازن والعقلانية، مما دفعها للعب دور وسيط نزيه ومقبول لحل الخلافات العربية (الداخلية والإقليمية). ولعل موقف المملكة من قضية فلسطين كان الأبرز، إذ يعتبر من الثوابت الرئيسية لسياستها منذ عهد الملك عبدالعزيز، وبدأ ذلك من مؤتمر لندن العام 1935م المعروف بمؤتمر «المائدة المستديرة»، وصولا إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز. ودعمت المملكة القضية الفلسطينية في كل مراحلها وعلى جميع الأصعدة من منطلق إيمانها بأن ما تقوم به من جهود إنما هو واجب تمليه عليها عقيدتها وضميرها وانتماؤها لأمتها العربية والإسلامية. وأدانت السعودية في أكثر من محفل انتهاكات العدو الإسرائيلي المستمرة لحقوق الشعب الفلسطيني، وبخاصة الاعتداءات المتكررة على المسجد الأقصى وساحاته، وأكدت أن «مبادرة السلام العربية» هي أساس الحل الشامل والعادل والدائم الذي يمكن الشعب الفلسطيني من استعادة حقوقه، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس. وفي الشأن اليمني عملت على تشكيل تحالف عسكري لدعم الشرعية إلى جانب الشعب اليمني الشقيق. ورفضت ما قام به الانقلابيون، وأيدت مساعي مبعوث الأمين العام للوصول إلى حل سياسي وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم (2216) والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني اليمني. وبشأن القضية السورية اعتبرت المملكة أن الصراع الذي خلف مئات الآلاف من الضحايا والمصابين، وشرد الملايين، يحتم بذل جهد جماعي لوضع حد لهذه المأساة الفظيعة، التي لم يشهد التاريخ الحديث مثيلاً لها. وشددت على أن الوقت حان لإيجاد حل سياسي يضمن وحدة سوريا ويحافظ على مؤسساتها من خلال تنفيذ مقررات جنيف (1) . وفتحت المملكة أبوابها لمئات الآلاف من السوريين، ليس بصفتهم لاجئين، بل تعاملت معهم من منطلقات أخلاقية وأخوية وإنسانية ومنحتهم كل التسهيلات اللازمة، والرعاية الصحية المجانية، والانخراط في سوق العمل، والتعليم. وفي الشأن الليبي دعت إلى استكمال بناء الدولة والتصدي للجماعات الإرهابية. أما بشأن الوضع في العراق فأكدت على أهمية الحفاظ على وحدته وسلامة أراضيه وتخليصه من جميع التنظيمات الإرهابية، وشجبت أي أعمال تؤدي إلى العنف الطائفي والفرقة. في الإطار الإسلامي عملت السعودية ومنذ نشأتها على حشد وتكريس قدراتها ومواردها وتسخيرها لخدمة قضايا العالم الإسلامي، وتحقيق أسباب ترابطه وتضامنه، استناداً إلى حقيقة الانتماء إلى عقيدة واحدة، وأن التكافل الإسلامي هو السبيل لاستعادة المسلمين لمكانتهم وعزتهم. وبادرت مع شقيقاتها الدول الإسلامية بإقامة منظومة من المؤسسات الإسلامية الحكومية وغير الحكومية ومنها رابطة العالم الإسلامي في العام 1962م، ومنظمة المؤتمر الإسلامي في العام 1969م ، واحتضنت المملكة مقريهما،واضعة في نظر الاعتبار مفهوم الأمن الجماعي للدول الإسلامية، والعمل على تسوية المنازعات بين الدول الإسلامية بالطرق السلمية، وتقديم المعونات الاقتصادية للدول والمجتمعات الإسلامية ذات الإمكانيات المحدودة، وتقديم المساعدة والإغاثة العاجلة للدول الإسلامية المنكوبة، ومناصرة المسلمين والدفاع عن قضاياهم وتوفير الدعم المادي والمعنوي للتجمعات الإسلامية أينما كانت. الإطار الدولي حرصت المملكة العربية السعودية في المجال الدولي على إقامة علاقات متكافئة مع القوى الكبرى وارتبطت معها بشبكة من المصالح يمكن وصفها بأنها جاءت انعكاساً لدورها المحوري المتنامي في العالمين العربي والإسلامي. وسعت إلى توسيع دائرة التحرك السعودي على صعيد المجتمع الدولي، فتفاعلت مع مراكز الثقل والتأثير في السياسة الدولية آخذة في الحسبان كل ما يترتب على هذه السياسة من تبعات ومسؤوليات. وتعتز المملكة بكونها أحد الأعضاء المؤسسين لهيئة الأمم المتحدة في العام 1945م، انطلاقاً من إيمانها بأن السلام العالمي هدف من أهداف سياستها الخارجية وبأهمية الدور الذي تلعبه الأمم المتحدة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©