السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أزمة أوكرانيا: انتخابات في غير وقتها!

أزمة أوكرانيا: انتخابات في غير وقتها!
6 نوفمبر 2008 02:21
قبل أربعة أعوام، وفي مثل هذا الشهر، توجه مئات الآلاف من الأوكرانيين إلى شوارع العاصمة، كييف، لاسترداد انتخابات رأوا أنها سرقت منهم، وهو التدفق البشري الذي عرف وقتها ''بالثورة البرتقالية'' وساهم في إعادة بعض الأمل إلى الشعب في الحصول على حرياته السياسية والانعتاق من إرث الاتحاد السوفييتي قبل أن تتراجع الثورة ويخبو الزخم· ورغم تلاشي الوعود السياسية والشعارات الطنانة التي رفعت خلال الثورة البرتقالبة ظل الوضع الاقتصادي متماسكاً ونجحت الدولة في تدبير شؤونها بقدر معقول من المسؤولية والكفاءة، لكن اليوم وفي ظل الأزمة المالية التي وصلت تداعياتها إلى أوكرانيا تواجه البلاد أكبر تحد لها للحفاظ على استقرارها فيما يظهر قادتها عجزاً واضحاً عن صون المكتسبات وإدارة اللحظة الحرجة من تاريخ البلاد· وهكذا تخوض رئيسة الوزراء يوليا تيموشينكو، والرئيس فيكتور يوشينكو، اللذان كانا إلى وقت قريب حلفاء سياسيين، صراعاً مريراً على السلطة أدخل البلاد في مرحلة الشلل التام، محدثاً فراغاً على مستوى القيادة في الوقت الذي تحتاج فيه البلاد إلى زعامة قوية تخرجها من الأزمة المالية وتحمي استقرارها· وحتى في ظل استعداد الغرب لتقديم يد المساعدة، من خلال تعهد صندوق النقد الدولي تخصيص 16,5 مليار دولار كمبلغ استعجالي، لم تبدِ أوكرانيا ما يلزم من مسؤولية للوفاء بالشروط والحصول على المعونة بعدما انصب اهتمام الرئيس يوشينكو على الدعوة إلى انتخابات مبكرة في شهر ديسمبر المقبل· ولإرغام الخصم على الموافقة على عقد انتخابات مبكرة، قضى حزبه السياسي معظم وقته محاولا تمرير بند ضمن تشريع طلب المعونـــة، ينص على تمويـــــل الحملة الانتخابيــــة المبكرة باعتباره جزءا من المساعدات التي تحتاجها البلاد· ومع أن إدارته تراجعت عن شرطها يوم الاثنين الماضي، فإنها استمرت في إصرارها على ضرورة عقد انتخابات مبكرة، هذه الانتخابات التي وصفتها الصحفية الأوكرانية ''يوليا موستوفا'' قائلة: ''إنه جريمةٌ أن تُجرى الانتخابات في هذه الظروف العصيبة، بعد تداعي تراتبية القيادة في أوكرانيا''· والمشكلة أن ما يحدث حالياً في أوكرانيا من اضطرابات تهدد استقرارها يتجاوز حدودها الداخلية ليمتد إلى الغرب، لاسيما أن موقعها الجغرافي الفاصل بين روسيا ودول الاتحاد الأوروبي، فضلا عن عدد سكانها البالغ 46 مليون نسمة، يجعل من استقرارها أمراً بالغ الحيوية بالنسبة لدول أوروبا الغربية· والأخطر من ذلك هو المقاربة الصدامية التي اعتمدها الرئيس يوشينكو في التعامل مع روسيا وإظهار هذه الأخيرة استعدادها للتدخل العسكري، كما فعلت في جورجيا خلال الصيف الماضي، فهو أولا يساند انضمام بلاده إلى حلف شمال الأطلسي، وهي خطوة لا يتفق معها جميع الأوكرانيين الذين تشكل الإثنية الروسية حوالي 17% منهم· كما أنه تعهد بعدم تجديد اتفاق مع روسيا يسمح لأسطولها البحري باستخدام الموانئ الأوكرانية، وفي يوم السبت الماضي فرضت السلطات حظراً على برامج التلفزيون الروسي التي تبث إلى داخل الأراضي الأوكرانية· لكن في خضم هذه الصراعات يبقى اهتمام المواطن الأوكراني منصباً أكثر على مستقبله الاقتصادي، لاسيما بعدما تدنت العملة إلى أدنى مستوى لها منذ إنشائها في عام ،1996 لتتضاعف خيبة أمله في القادة السياسيين الذين بدلا من التركيز على كيفية انتشال البلاد من أزمتها المالية، يهدرون طاقتهم في صراعهم الأناني على السلطة· وتعبر عن هذه الخيبة الصحفية موستوفا قائلة: ''يشعر الناس بأنه تم التخلي عنهم، وبأنه تم استغلالهم في ظل التراجعات التي تشهدها البلاد وتلاشي وعود الثورة البرتقالية''· ويعاني الاقتصاد الأوكراني خصوصاً من تراجع أسعار المعادن الصناعية التي تشكل 40% من صادرات البلاد، وفيما حرصت الحكومة في الفترة السابقة على ضبط ديونها، انخرطت البنوك من جانبها في موجة الإقراض وحصلت على مليارات الدولارات كديون من العملة الصعبة، لذلك سيكون من الصعب، في ظل الأزمة المالية التي تجتاح العالم، إعادة تمويل تلك القروض· لكن رغم كل هذه الاضطرابات الاقتصادية ركز الرئيس يوشينكو جل اهتمامه في الأسابيع الأخيرة على مهاجمة غريمته رئيسة الوزراء تيموشينكو، حيث أصدر مراسيم رئاسية عطلت جزءاً كبيراً من قراراتها منذ أن فازت بولاية ثانية، وعندما حكم أحد القضاة في العاصمة كييف ببطلان قرار الرئيس إقالة البرلمان وتنظيم انتخابات مبكرة، قام بحل المحكمة· وفي هذا الإطار يقول ميخائيل بوجريبسكي، المحلل السياسي في معهد للأبحاث والدراسات بالعاصمة كييف، ''يعتقد يوشينكو بأنه الإله''، مشيراً إلى الزيارة الأخيرة التي قام بها إلى اسطنبول ولقائه بزعيم الكنيسة الأرثوذوكسية المشرقية والذي منحه عملة نقدية تظهر عليها صورته في الوقت الذي انحدرت فيه العملة الوطنية إلى مستويات غير مسبوقة· ولا يقتصر الشغب السياسي على الرئيس، بل يمتد إلى رئيسة وزرائه تيموشينكو التي سبق أن تحالفت معه في السنة الماضية عندما أوعزت إلى النواب المتحالفين معها في البرلمان بالانسحاب لإعطائه التبرير القانوني لحل الهيئة التشريعية والدعوة إلى انتخابات مبكرة· غير أن المحنة التي تمر بها البلاد حالياً لا ترجع فقط إلى تهافت القادة السياسيين على السلطة، بل يرجعها العديد من المراقبين والخبراء إلى أسباب تجري عميقاً في تربة المجتمع الأوكراني، حيث جعلت سنوات الحكم الشيوعي الطويلة المواطنين يعيشون في حذر دائم من بعضهم البعض، ليصبحوا بالتالي غير قادرين على الانخراط في عمل جماعي يراقب الحكومة كما في البلدان المتقدمة· سابرينا تافرنيس-أوكرانيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة >نيويورك تايمز<
المصدر: واشنطن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©