الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العروس لماهر شرف الدين رمز ثقافي تغنى به الشاعر ليومئ لأشياء أخرى

العروس لماهر شرف الدين رمز ثقافي تغنى به الشاعر ليومئ لأشياء أخرى
6 نوفمبر 2008 01:50
ضمن منشورات الجمل في كولونيا بألمانيا يطل علينا الشاعر اللبناني ماهر شرف الدين بعمل شعري جديد ومتميز في صياغته واشتغاله، والديوان هو بعنوان ''العروس''· نقرأ في الديوان 7 قصائد متفاوتة الطول: مدد، النشوة، سعال، شهداء الشوكولا، الزهرة القرمزية، المفتاح، العروس· وهذا العمل الشعري يهديه ماهر شرف الدين إلى زوجته الشاعرة اللبنانية المعروفة زينب عساف· على غلاف الديوان نرى يدين أنثويين ترفلان في الزينة: الحناء والبياض والأساور والورد والذهب والخواتم· هنا في اشتباك اليدين نلمس حيرة وتفكير في مصير أو متاهة، وهناك في الديوان مديح للجسد الأنثوي، والتعبير على اليدين كما نرى على الغلاف له علامة ثقافية باعتبارها مدخلاً لمعرفة ثقافة الجسد، غير أن الديوان يشتغل على عتبات موازية لأنه في المتن يحدث الملتقى ليس عن الجسد المادي فقط، بل ينصرف إلى تعرية المشاعر التي ترمز إليها المؤشرات اللغوية والدلالية· وهناك في الديوان نرى ماهر شرف الدين ينحاز بعنف إلى النثري ولكن ليس على حساب الشعري سواء على مستوى سيولة الكلمات/ التعابير أو على مستوى كتابة كلمات النص على بياض الصفحة، حيث نرى ماهر شرف الدين يصوغ نصه بكاليغرافية متفردة، وبتدفق شعري بارز حين يتعامل أو يروِّض نصه الشعري بأسلوب متفرد مثل النص النثري، فلا أسطر، ولا أشطر، الشاعر يملأ بياض الورقة عن آخرها· بنهم شديد· ينحاز ماهر شرف الدين في نصوص كثيرة من عمله هذا إلى الجسد نقرأ له في قصيدته ''نشوة'': ''سحبتْ شِباكها من ظهري· اصطادت سَمَكي· هي ذي النشوة· وهذا الرجل· وهذا البحر والصيد· النشوة تُوزَّع في القناني على الناس· النشوة البيضاء كحليب التين، والفاسقة كشجرة رصيف· قطرات عَرَقها وجوه شفّافة، وخمرها دم شفّاف· تفقد صبرها في البشر، والنار تفقد صبرها في الخشب· أيضاً وأيضاً يا فتاة· يا قمر· يا لعبة· البسي أقراطك على الفور· اختاري قرطك الكبير ذا الحلقة الكبيرة كحلقات السيرك· دعي نمورنا تقفز إليك· الضحك في الفم مُراق، وفي الظهر مُراق، يسيل على الأرض ويتبخّر· الضحك لُعاب· الضحك قوس على الفم· الضحك معجزة· قصيدة تُكتب في دقيقة· يا فتاة· يا بطّة· تتنفّسين كالأشجار بلا جلبة· نسمعكِ ونقول: ضيّعناكِ· نسمعكِ ونمرّ بقربك· ليغمى علينا· عليكِ''· كما يعمل الشاعر على تشخيص الواقع العربي بمرارة وسخرية، ويقول في قصيدته ''شهداء الشوكولا'': ''الأطفال شهداء الشوكولا لم يحفظوا دروسهم ذلك اليوم، ولم يكتبوا واجباتهم· أحزنهم أنهم يأكلون الشوكولا وحدهم· فكّروا أنهم أنانيّون· توقّفوا عن قضم الشوكولا، وانفجروا· الأطفال شهداء الشوكولا لم يغسلوا وجوههم جيّداً، ولم يكملوا كتابة فروضهم المدرسيّة· أرهقتهم حرارة الشمس المحشوّة بالصمغ، وأوجعتهم أحذيتهم الضيّقة قليلاً· بعضهم كان يلبس حذاءه من دون جورب، وبعضهم عيونه سوداء وصغيرة· الأطفال شهداء الشوكولا كان ينقصهم أن يمدّوا ألسنتهم للكاميرات ساعة موتهم، وعوضاً عن ذلك ضحكوا كثيراً وقليلاً· وقبل أن تستوي لحظة الصفر، صعد أحدهم إلى أعلى المباني، ووقف على الحافّة· غمز أصدقاءه بمرح (لم تلتقط الكاميرا هذه الغمزة بالطبع)''· كما نرى الشاعر يقف عند الواقع اليومي في بيروت وقد كتب يرثي الصحفي المغتال سمير قيصر قائلاً في نصّه ''المفتاح'': ''الأشرفيّة· ضع إشارة إكس هنا، وتقدَّم· لا تحييِّ أحداً· فقط، ابتسم لهم· سامحهم رجاءً· انسَ الجريدة والجامعة· انسهم جميعاً، واذكرها بوجهها المكسور كذراع· خطوة، خطوة، كأنك تصعد الدرج· تفتح باب السيّارة· تجلس وراء المقود· تخلع الجاكيت، وتضعها جانبك، أو في حضنك؟ لا فرق· الشاهد لا يتذكّر أصلاً· تُخرج مفتاح السيّارة· تنظر إلى أعلى، إلى المرآة· تبتسم· يدك على المفتاح، وعينك في المرآة· تدير المفتاح··· أتعلم؟ أكثر ما يؤلمني اليوم أني لم آتِ إلى حفل توقيع كتابك''· ''العروس'' رمز ثقافي تغنى به الشاعر ليومئ لأشياء أخرى تختزنها التجربة الشعورية التي قد تكون الوطن المصلوب، الحبيبة المغتصبة، الأرض العذراء، الحرية المهدورة، الكرامة· ولوحة الغلاف بما هي باب نلج من خلاله إلى رحاب العمل الشعري تحتاج هي الأخرى إلى وقفة لنستنطق رموزها وحروفها الملغزة، وتحتاج إلى دراسة أنتروبولوجية وجمالية· صدرت للشاعر ماهر شرف الدين الأعمال الشعرية: ''الرسّام الفاشل'' (شعر 1999)، ''ملحق حمورابي السرّي'' (شعر 2002)، ''سورة فاطمة'' (شعر 2004)، ''أبي البعثيّ'' (سيرة 2005)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©