الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

العلماء: حصِّنوا أبناءكـم.. ولا تتجسسوا على هواتفهم

العلماء: حصِّنوا أبناءكـم.. ولا تتجسسوا على هواتفهم
22 سبتمبر 2016 23:02
حسام محمد (القاهرة) التطورات الهائلة في صناعة الهاتف الجوال تعرِّض أبناءنا لأخطار خفية بعيدة عن عيون الآباء والأمهات، فرغم برامج الحجب، فإن الأبناء ينجحون في الالتفاف حولها وارتياد ومشاهدة المواقع والأفلام والمقاطع الانحلالية، إضافة إلى التواصل المحرم مع الأجنبيات وكشف العورات، وهكذا أصبح أبناؤنا وبناتنا عرضة لخداع المنفلتين أخلاقياً، الأمر الذي يهدد العادات والتقاليد والقيم، وأصبحت العائلات والأسر أمام واقع مرعب، فهم من ناحية يرغبون في مراقبة جوالات أبنائهم ومن ناحية أخرى، فإن الأبناء يرفضون أي رقابة عليها، ويرون أنها تعد تدخلاً في أمورهم الشخصية. الثقة المتبادلة بدايةً يقول الدكتور سيد صبحي أستاذ الصحة النفسية بجامعة عين شمس، إن التعامل الأسري مع الأبناء وهواتفهم في ظل الطفرة الكبرى في عالم الاتصالات يجب أن يبتعد عن إثارة الشكوك الدائمة في حديث الابن، وهو يتعامل مع تكنولوجيا الاتصالات عبر الهاتف الجوال، فبداية يجب ألا نفترض كذب الأبناء عندما نسألهم عن محتوى الجوالات الخاصة بهم لأن الاستمرار في الإصرار على مراقبة جوال الفتى أو الطفل واستمرار توجيه أسئلة الاتهام وإظهار عدم الثقة بهم يؤدي في النهاية إلى فقد الثقة ويضعف درجة المصداقية بين الآباء بهم إذ يشعر الابن بأنه ليس موضع ثقة والديه، وبالتالي يبتعد عنهم ويتجه إلى الكتمان والتظاهر أمامهم بأنه جدير بالثقة وفي هذه الحالة يكون الأبناء قد فقدوا الجو الأسري المريح الذي يستطيعون أن يجدوا فيه ذاتهم ويحققوا طموحهم باطمئنان وسعادة. ويضيف د. صبحي: مشكلة الجوال وتكنولوجيا الاتصال حلها يكمن ببساطة في تربية الطفل والفتى والشاب تربية سوية ومعاملته بثقة كبيرة ولا مانع من التحاور مع الأبناء بلغة ليس فيها أي نوع من الاتهام والشكوك والتوعية بخطورة الانسياق وراء كل من يحاول فتنتنا، بحيث يدرك الشاب أن والديه يثقان فيه ثقة كاملة، وبالتالي يسعى بكل جهده لعدم ضياع تلك الثقة، وعلى الجانب الآخر على الآباء والأمهات البحث عن وسيلة للتأكد من حسن سير وسلوك الابن دون أن يدرك أنه مراقب من قبل أهله لأنه لو شعر بذلك، فسنكون قد تركنا أثراً نفسياً سلبياً على الأبناء وعند حدوث خطأ من الابن أو الابنة لا بد من استخدام أسلوب النصح والتوجيه والتحاور معهم بهدوء حتى لا تنقطع سبل التواصل معهم وتعليم الأبناء منذ الصغر أسس الرقابة الذاتية وعلى الأبناء من الجانب الآخر أن يُخرجوا أنفسهم من دائرة الشك وذلك بمحافظتهم على فروضهم الدينية وواجباتهم الأخلاقية وقربهم من والديهم بإطلاعهم على كل ما يحدث معهم من مواقف يومية مع حرصهم على السعي على رضا الله، ورضا والديهم. السلوك من جانبها، تقول الدكتورة عفاف النجار أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، إن الاهتمام بتربية النشء أفضل كثيراً من مراقبة الجوالات الخاصة بهم وللأسف، هناك بعض الآباء والأمهات يبذلون قصارى جهدهم للبحث عن برامج التجسس على الجوالات حتى يعرفوا ماذا يصنع أبناؤهم بجوالاتهم، بل هناك من وضعوا لائحة عقاب للأبناء بسحب الجوال من الابن في حالة ارتكابه أي مخالفة رغم أن التجارب العملية أثبتت أن المراقبة لن تجدي والأفضل تحصين النشء بدلاً من التجسس على هواتفهم. وتستطرد د. النجار: إن تربية النشء على الطريقة الإسلامية وعلى العادات العربية الراسخة تسهم في بناء شباب وفتيات مؤهلين لحماية أنفسهم بأنفسهم من الإغراءات التي تستهدف تغريبهم عن قيمهم وعاداتهم الأصيلة، وكثير من بيوتنا اليوم تترك تربية الطفل كاملة للمربية أو الخادمة وهذا أمر غير صحي على الإطلاق لا مانع من الاستفادة من وجود الخادمة كي تساعد الأم على التربية لا أن تقوم الخادمة بالتربية، خصوصاً لو كانت غير مسلمة، فقد تسهم في تغريب الطفل عن دينه، فالأفضل أن نربيه نحن بأنفسنا على القيم والأخلاقيات والتقاليد والعادات العربية الرشيدة وبهذا نكون قد قمنا بتحصين الأبناء بدلاً من الشد والجذب معهم، فيما يخص الجوال الذي أصبح ضمن أهم الأشياء التي تصاحب الفتى أو الفتاة في أي مكان ومهما بذلنا من جهد في المراقبة، فلن نجني إلا الوقوع في مشكلات عديدة وقد سمعت تجارب عديدة لأولياء أمور يقومون بالاطلاع على محتويات الهواتف الخاصة بأبنائهم أحياناً برضاهم وكثيراً بغير رضاهم وهو ما يجعل الأبناء يحرصون على خداع الأب والأم، والالتفاف حولهم ببرامج تخفي ما على الجوال من معلومات أو برامج. التجسس مرفوض يرى الشيخ محمود عاشور، من علماء الأزهر الشريف، أن الحاجة تشتد في هذا الزمن إلى إحكام الرقابة على الأبناء، ولكن باتزان من غير إشعار بالتجسس أو الشك والريبة، وإنما رقابة أشبه ما تكون بالسياج حتى لا يقع فريسة للهوى والتقليد، «يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون»، ولكن وعي الأم والأب بكيفية التربية الصحيحة لأبنائهما هو المحصن الأساسي للأبناء، ولا بد في هذا الإطار أن تعي الأم أهمية وجودها في حياة أبنائها لأن كثيراً من الأمهات في مجتمعنا يعتمدن اعتماداً كبيراً على الخادمة في تربية الأبناء، وهذا خطأ كبير لأن الشريعة الإسلامية طالبت الأم بتربية أبنائها بنفسها وليس الاعتماد بشكل كلي على الخادمة. وقال: لا بد من متابعة الأسرة للأبناء والنظر فيمن يصادقون وأن نتابعهم جيداً في تعاملاتهم ولا أقول أن نراقب الجوال، ولكن أقول إننا لو زرعنا فيهم قيم وفضائل الإسلام والعادات والتقاليد الرشيدة، فسوف يبتعد النشء والأطفال عن مطالعة كل ما يخالف تلك التعاليم والتقاليد، وسينشأ أطفالنا وهم يراقبون أنفسهم ويخافون من الله تعالى ولا يرتكبون الخطأ وحتى لو وسوس لهم الشيطان ووقعوا في الخطأ مرة فسوف يتوبون إلى الله تعالى ولن يكرروا الخطأ مرة أخرى. التواصل المحرم، يتفق الدكتور صبري عبدالرؤوف، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، مع الشيخ محمود عاشور في رفض التجسس على جوالات الأبناء، فيقول: التجسس على هواتف الأبناء مرفوض رغم أننا نقرّ بخطورة الجوال في أيدي الأبناء، فقد أصبح أداة لإقامة العلاقات والانحلالية أحيانًا، وإجراء التواصل المحرم مع الأجنبيات والأجانب خلسةً، لهذا فلا بد أن يسعى الأبوان إلى تعريف أبنائهما بالدين الحقيقي وكيف يقيّمون الأمور وأهمية أن يلجؤوا إلى الأب والأم في مشكلاتهم، بحيث تتمكن الأسرة من غرس القيم الإسلامية في نفوسهم من نعومة أظفارهم، ليكونوا بناة المستقبل والقادرين على حمل لواء تطوره وتقدمه وليكونوا لَبناتٍ صالحة في بناء المجتمع وخدمة دينهم، فالحوار هو الطريقة الصحيحة. ويضيف د. عبدالرؤوف: التربية الإسلامية ستمكننا بسهولة من إقناع أبنائنا بضرورة متابعتهم، وبذلك نتمكن من حمايتهم حتى لا يتطرفوا، خصوصاً مع انتشار الجماعات التي ترفض الدين والتدين وتسعى لزرع العلمانية المتطرفة في رؤوس أبنائنا وهنا تكمن أهمية مراقبة هواتف الأبناء ضمن الملاحظة العامة لهم خلال عملية التنشئة، لكن لا بد أن يسبق مراقبة الجوال الخاص بالأبناء تمهيد بحيث يتأكد الطفل أن مبعث متابعة الجوال من قبل والده أو والدته هو الحرص عليه ليس أكثر ولا مانع من أن تكون الملاحظة والمتابعة بطريقة غير مباشرة، حتى لا تتأثر الثقة بين أولياء الأمور والأبناء.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©