الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحساسية الجديدة بين إليوت والخراط

الحساسية الجديدة بين إليوت والخراط
6 نوفمبر 2008 01:44
اختلف بعض النقاد حول مصادر إدوار الخراط النقدية، فبعضهم يشير إلى أن ''الحساسية الجديدة'' مصطلح غامض رغم أصوله الإليوتية؛ لأنه يمكن أن يجمع بين النقائض والأضداد، ولا يحدد شيئا لأنه يحيل إلى مجرد الجدة وحدها· ويقصد هنا أن الخراط متأثر بمفهوم إليوت عن انحلال الحساسية أو بترها وانفصالها، لكن مع ذلك فإليوت لم يكن المصدر الوحيد للخراط في مفهومه للحساسية الجديدة، لأنها عند إليوت مختزلة في التقابل بين الفكر والشعور، فإذا ساد الفكر على الشعور مثلا فإن المبدع في صدد انحلال الحساسية وتفككها؛ لأن الإبداع ينشأ عن طريق انصهارهما معا في الحساسية المتماسكة أو الموحدة أو ترابط الحساسية، بالإضافة إلى أن مفهومه للحساسية يتجلى في العلاقة مع التقاليد، فالمبدع في تلقيه للتراث يلجأ إلى أن يدمجه في ذاته، فلا يحوله إلى علاقة فكرية، لأن هذا يؤدي إلى بتر الحساسية ويقود إلى جمود اللغة وميكانيكيتها وإن كانت مصقولة، فإنها خالية من الشعور وتتسم بالمباشرة، ثم أن الرومانسية ركزت على الشعور فحسب، دون أن تتوحد مع الفكر، والنتيجة أن إليوت حاول أن ينعش حضور التقاليد والتراث في الأدب، حتى يعيد بناء وجهة نظر جديدة للتاريخ الأدبي، فهو على خلاف مع الرومانسية التي تركز على الموهبة الفردية وتتجاهل التراث، فالمبدع عليه أن يطور الوعي بالتراث أو ما يسميه المعنى التاريخي، وهو غير موجود بين جماهير الناس، وإنما في أعمال محددة ومثالية مشكلة في الماضي، وهو على هذا الأساس يقدم التعارض بين النزوع الديني الروحي والنزوع العقلاني الفكري، فبتفكك السلطة الدينية والنظام الأوروبي بعد الحرب الأهلية الإنجليزية في العصر الحديث، وسيادة فكرة التنوير، تفككت الحساسية وانحلت· ويقصد الخراط مفهوما يختلف عن مفهوم إليوت للحساسية، فالعصور الذهبية للتراث العربي لا تمثل حنينا فطريا عند الخراط، والخراط نفسه يتحيز لسياقه، وثنائية الفكر والشعور لا تحضر بوصفها مركزا في مفهومه للحساسية الجديدة، لأنها جزء من مفهومه للحساسية وليست كلا، ويبدو أن الخراط يلح على فكرة اختراق التقاليد، ويفصل بين الجديد والقديم، وهذا يختلف مع مفهوم إليوت الذي يعتقد أن النص يوجد بعد تشرب التراث، ويأخذ شكلا جديدا، والمبدع يلتزم بالتراث ويخلص له، لأن النص لا يصنع من التجارب الذاتية فحسب، وهذا ما جعل بلوم يعد إليوت قارئا ضعيفا يحن إلى الأصول، على خلاف الخراط الذي يعلي من التجريب في مفهومه للحساسية الجديدة، ويجعل جدل الإبداع بين الشاعر ونفسه، أكثر من كونه بين الشاعر وأسلافه، ولهذا رأى بعض النقاد أن الخراط يشكل قطيعة مع التراث· والخراط يتحيز أيضا للحساسية التي ظهرت بعد تفكك القومية العربية وهزيمة حزيران، بينما الحساسية التي يتحيز لها إليوت هي الواقعة في الماضي قبل أن يتمزق النظام الأوروبي ويتناثر في قوميات متفرقة، فالبون بينهما شاسع؛ ويمكن أن يشار هنا إلى أن إليوت والخراط يتفقان في الدفاع عن إبداعهما والتنظير له· A.tamim@kalima.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©