الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عذبة تدرس الكيمياء والأدلة الجنائية في وقت واحد

عذبة تدرس الكيمياء والأدلة الجنائية في وقت واحد
13 مايو 2011 20:08
ظل حلم الدراسة في الخارج يراودها طويلاً، غير أنها بعد حصولها على الثانوية العامة عام 2005، اصطدمت بواقعين أولهما الولع بدراسة الطب وثانيهما عدم الابتعاث. رغم حصولها على أكثر من بعثة لدراسة أي تخصص غير الطب، إلا أنها رفضت جميع عروض الابتعاث لأنها لا تحقق حلمها، وأخيرا قررت اختيار دراسة طب الأسنان في جامعة الشارقة، وبعد سنة كاملة قرعت فكرة السفر وهو حلم الصغر أبواب مخيلتها ثانية، بعد قبولها ضمن بعثة صاحب السمو رئيس الدولة، ما حملها على مغادرة الطب للالتحاق بإحدى جامعات الولايات المتحدة الأميركية. رغم نصائح المرشد الأكاديمي في جامعة «بن ستيت» بولاية بنسلفانيا الأميركية التي أسداها للمبتعثة الإماراتية عذبة صباح عبيد، بصعوبة اختيارها في دراسة تخصصين في آنٍ واحد، إلا أن ثقتها بالنجاح جعلتها تتخذ هذا القرار، وتدرس عذبة مساقين معاً، الاول في الكيمياء الحيوية وعلم الخلية والثاني في علوم الأدلة الجنائية - قسم الأحياء – حيث لاحظت أنها تميل إلى تخصص علوم الأدلة الجنائية وهي في السنة الثانية من دراستها لتخصص الكيمياء الحيوية وعلم الخلية، عن ذلك تقول عذبة: «أدرس تخصصين معاً، مع أن المرشد الأكاديمي في الجامعة نصحني ووضح لي صعوبة الجمع بين هذين المجالين والضغط الدراسي الكبير الذي ينتظرني، ومع ذلك قررت دراسة الاثنين معاً، لأني أشعر بأني قادرة باذن الله ان أنجح فيهما، ليس غروراً ولكن ثقة وإيمان»، وتعتبر عذبة أول طالبة غير أميركية تدرس هذين التخصصين سوياً، تضيف قائلة : «سأتخرج ان شاء الله في ديسمبر 2011، وسأكون أول طالبة من خارج أميركا أجمع بين هذين التخصصين في الجامعة، هناك طالبة أميركية واحدة فقط تشاركني نفس المجالين». الخوف من الغربة عندما قررت عذبة الامتثال لرغبتها في السفر بعد مغادرتها لكلية الطب في الشارقة، استوحت الدراسة في تخصص قريب من عمل أبيها الضابط المتقاعد، والذي كان يعمل في شرطة أبوظبي، وبعد قرارها بالسفر، لم يغب عن بالها المعوقات التي قد تعترضها وهي عديدة يتمثل أهمها في الخوف من الغربة حيث يعيش المرء فيها وحيداً وبعيداً عن الأهل والوطن، وعن ذلك تؤكد عذبة: «نعم هناك العديد من المعوقات قبل السفر ولكن برأيي أهمها الخوف من الغربة، نحن في الإمارات وخاصة الفتيات اعتدنا سهولة الحياة والرفاهية نوعا ما وفي مختلف النواحي، أما في الخارج يجب علينا الاعتماد على أنفسنا بشكل كلي، ليس هناك من يقوم بأي عمل عنا، علينا تمام كل شيء من الأوراق الرسمية ، والسكن وإلى ما هنالك»، «هذه الأمور عادة يقوم بها رب الأسرة او من يعمل لدى الأسرة، لم أمارس أي منها في الدولة، كنت خائفة جداً من تولي هذه الأمور في الخارج». تضيف قائلة: باعتبار الغربة هي المحك الرئيسي للسيطرة على الأمور، فأنها تكيفت مع الوضع الجديد وعن ذلك تقول : «بعد الابتعاث وخاصة في الشهور الأولى بدأت أتعلم كيف أسيطر على مكامن خوفي، وأصبحت أتعامل معها بكل سهولة ويسر، ولكن هناك معوقا آخر ومهما وهو كيفية التعايش في مجتمع يختلف في تفكيره تماما عما تربينا عليه، مجتمع غريب نسيجه من العادات والسلوكيات التي لم نعتد عليها كمجتمع خليجي محافظ ومسلم». وحيدة في السفر وعن كيفية التغلب على الظروف الجديدة وكيفية التعامل معها توجز عذبة: «قبل السفر قامت جهة الابتعاث وهي بعثة رئيس الدولة، بتنظيم ورش توعية صيفية بغرض تهيئتنا وإرشادنا على كيفية التصرف في حال الوقوع في مشكلة أو التصرف للإمساك بزمام الأمور في الحياة الاعتيادية، كما تم تكليف مرشد أكاديمي من جهة الابتعاث في المنطقة التي ندرس فيها بمتابعة أمورنا في الشهر الأول هناك، لقد ساعدني ذلك كثيراً في تخطي معظم العقبات والمعوقات». ومع أن السفر للدراسة كان مع ثلاث طالبات إماراتيات، إلا أن عذبة كانت تشعر بقلق يشوبه الخوف من المجهول، حيث أنها ولأول مرة تسافر وحيدة الى دولة غير عربية، كما كان الحزن يغمر مشاعرها لمفارقة الأهل والبلاد، مع وجود فسحة من الأمل والفرح لتحقيق ما كانت تريده وهو الدراسة في الخارج، وعند وصولها لمكان الدراسة تشرح عذبة مشاعرها قائلة: «كانت مشاعري مزيجاً غير متجانس من الدهشة والاستغراب، لأنني توقعت أن تكون أميركا كما نشاهدها في الأفلام، لقد غلب علي شعور حب الاستطلاع، ما أن وضعت أغراضي في الفندق حتى خرجت أتمشى واتفقد المنطقة لأتعرف عليها، كانت السنة الأولى لي في ولاية إيوا لدراسة اللغة، انتقلت بعد ذلك الى بنسلفانيا لدراسة تخصصي، كنت مرتاحة وسعيدة جدا بالجامعة». اليوم الدراسي يبدأ اليوم الدراسي للمبتعثة عذبة يومياً في الصباح الباكر، لأن معظم المواد في تخصصها تبدأ الساعة الثامنة صباحاً، وبشكل متواصل، لأنه وفي معظم الأحيان لا يكون هناك وقت فراغ بين الفصول، وفي حال وجد فإنها تتوجه للمختبرات لإكمال تجربة تقوم بها أو كتابة تقرير علمي على حد قولها، كما ترتاد مكتبة الجامعة أحياناً ولكنها لا تفضل الدراسة فيها لأنها تحب الدراسة في أماكن تعج بالحركة، ثم تردف عائدة إلى المنزل لتكمل باقي واجباتها في غرفة الدراسة المخصصة لذلك، وتحرص دائما على النوم المبكر لان اليوم الدراسي طويل ومتعب ويحتاج إلى الكثير من التركيز. من جد وجد درست المبتعثة عذبة في مدارس خاصة وحكومية في الدولة، مما عزز لغتها الإنجليزية، ولم تواجه بذلك صعوبات محسوسة في دراستها للتخصصات التي انتسبت إليها، ولكن مع ذلك واجهت صعوبات بعض الشيء في المصطلحات العلمية وعن ذلك تقول: «كانت لغتي الانجليزية جيدة جدا، في البداية كانت اللغة هي مشكلة في فهم المصطلحات العلمية الصعبة ولكن مع الجهد والقراءة الدائمة استطيع أن أقول إنها ليست مشكلة أبدا، إنها صعوبات طبيعية وتواجه معظم الطلاب، لم أواجه عائقاً في المحادثات اليومية، ولكن استخدام الكلمات الأكاديمية قد تكون صعبة بعض الشيء في البداية والتي ستزول مع الوقت». ومع ذلك تعترف عذبة بأنها واجهت مشكلة كبيرة في التأقلم مع المناخ البارد، والذي يختلف عن الجو في دولة الإمارات، وتؤكد أنها مسألة وقت حتى يتكيف المرء مع الأجواء الجديدة ولا يجب أن يلقي إليها المبتعث بالاً، لأن الهدف الأساسي هو الحصول على العلم الذي كان سبب وصولها لهذه المنطقة وتقول: «في أيام الثلج تكون الأجواء باردة جداً وكئيبة، تبعث الرغبة في عدم الذهاب إلى الجامعة، ولكنه أمر يجب تجاوزه ، خاصة أن الحرم الجامعي كبير جدا ونمشي فيه كثيرا للانتقال بين مبنى الى آخر، إن الحل الوحيد هو ارتداء الملابس الثقيلة لتحمل البرد». غربة وطبخ خلال فترة وجودها والتي تجاوزت الخمس سنوات لم تتعرض عذبة صباح لأية مضايقات أو مواقف تنم عن عنصرية كونها من بلد عربي ومسلم، وتتعامل مع جميع الناس بارتياح من مبدأ «عامل الناس كما يحب أن يعاملوك»، فهي تضع حدوداً للتعامل مع الآخرين بما يناسب الجميع، وتوضح: «اتعامل مع الناس انطلاقاً من الاحترام المتبادل، بطريقة تناسبهم وتناسبني بحيث لا أتعدى حدودي ولا هم أيضا، ومن المعروف أن الشعب الأميركي مرح وطيب جدا، لطيف ولا يتردد في المساعدة، وكفتاة مسلمة لم أواجه اي عنصرية أبدا خلال وجودي في أميركا، بل على العكس عندما يعلمون أني مسلمة وعربية نفتح جلسات حوار ويسألوني فيها عن عاداتنا وتقاليدنا». وتعيش المبتعثة عذبة في المدينة الجامعية والتي معظم ساكنيها من الطلبة، وتشير إلى أن المكان هادئ ولا يوجد الكثير لتفعله ما عدا الأنشطة الطلابية، ولم يؤثر ذلك عليها لأنها لا تمتلك الكثير من الوقت للرفاهية، دراستها تستهلك معظم الوقت، كما أنها تعشق الحياة البسيطة والمتواضعة، وأكثر ما تفتقده حالها بقية الطلبة هو طعام المنزل الذي اعتادت عليه، مما حملها وأقرانها إلى التوجه لتعلم الطبخ وإعداد أطباق يحبونها بعيدا عن الوجبات الجاهزة. الأعياد والمناسبات لا تشعر عذبة بلذة الأعياد الدينية والمناسبات الوطنية في بلاد الغربة، وذلك بسبب تعارض أوقات حدوثها مع أوقات الدراسة والامتحانات في بعض الأحيان، كما تفتقد التجمعات العائلية التي اعتادت عليها في الإمارات وخاصة في المناسبات الدينية، ومع ذلك تحاول المشاركة في الأنشطة الخاصة التي تنظمها الجمعيات الطلابية الإماراتية والعربية والإسلامية في المناسبات الدينية للصلاة، مع العلم أن البعض لا يستطيع الحضور بسبب الامتحانات والالتزامات الدراسية، وهذا ما يفتقده معظم الطلاب العرب والمسلمين. كما أنها لا تشارك كثيراً في الأنشطة الطلابية فيما عدا حضور بعض الندوات العلمية التي ترتبط بدراستها. تلجأ المبتعثة الإماراتية عذبة في كثير من الأحيان إلى المرشد الأكاديمي في البعثة مروان خواصنة، وتعبر عن امتنانها له فقد ساعدها كثيرا وقدم لها النصائح التي ساعدتها على تجاوز الكثير من المشاكل، وتتواصل مع معظم الطلبة الإماراتيين والعرب في المنطقة ولكنها لا تعرف الجميع وتقول : «نتواصل في المدينة التي أدرس فيها نسبيا، كما نزور بعضنا البعض في المناسبات، ولكن من الصعب ان نعرف الجميع، في كل فصل يتوافد طلاب جدد، بالنسبة لي أحب التواصل مع العرب والخليجيين بشكل عام وليس الإماراتيين فقط، فأصدقائي كثر وفي مختلف الولايات الأميركية». زيارة العاصمة الحبيبة تزور عذبة صباح عبيد مسقط رأسها أبوظبي مرتين سنوياً، ولكنها انقطعت في الفترة الأخيرة، بحكم ظروف دراستها، حيث تجاوزت السنة ونصف السنة ولم تقم بأي زيارة للعاصمة الحبيبة والقريبة إلى قلبها، لأنها السنة النهائية، حيث قررت العودة بعد التخرج في شهر ديسمبر القادم. وتبلغ عذبة من العمر أربعة وعشرين عاماً، ومازال هوس دراسة طب الأسنان يلاحقها، حيث تفكر في ذلك وبشكل جدي، وبعد التخرج ستحاول الانتساب إلى إحدى الجامعات البريطانية لتحقيق هذا الحلم، وإن لم توفق ستفكر في إكمال دراستها في مجال علوم الأدلة الجنائية والجينات حسب قولها.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©