الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الاقتصاد في الإنفاق.. ادخار للتحرر من قيود العمل

16 يونيو 2018 21:37
برلين (د ب أ) تخلى لارس هاتفيج عن التدخين وقضاء العطلات والخروج مع الأصدقاء، كما أنه يضيء مصباحاً كهربائياً واحداً داخل شقته السكنية بالعاصمة الألمانية برلين، وعندما يأتيه زائرون، فإنه يطلب منهم استخدام صندوق الطرد داخل دورة المياه في أقل حدود ممكنة، وهو يفعل كل هذا من أجل تحقيق هدفه، ألا وهو التحرر من قيود العمل والرواتب. وتقاعد هاتفيج منذ ثلاث سنوات، ويبلغ حالياً من العمر 47 عاماً، وهو من بين عدد لا بأس به من الألمان مخلصين لفكرة الاقتصاد في الإنفاق، وهي فلسفة تتعلق في المقام الأول بتبسيط الأمور والتواضع والاعتدال. ويدخر هؤلاء الأشخاص، الذين يطلقون على أنفسهم اسم المقتصدين في الإنفاق، دخلهم قدر المستطاع، وكثيراً ما يستثمرون أموالهم في الأسهم وصناديق الادخار. وإذا ما أثمرت جهودهم، فإنهم يجنون ثروة بشكل تدريجي كي يعيشوا من ريعها حتى نهاية حياتهم، دون أن يضطروا للعمل مرة أخرى. ويقول خبراء الاقتصاد الألمان إن هذه الفكرة نبعت في الولايات المتحدة بعد الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008، وذكر معهد الاتجاهات وأبحاث المستقبل في مدينة هايدلبرج أن «كثيراً من الأميركيين أصبحوا أكثر وعياً بالرغبة في الاحتفاظ بأموالهم»، مضيفاً أن «نمط الحياة القائم على الاقتصاد في الإنفاق يمكن أن يساعدهم في هذا السلوك الاستهلاكي القائم على الوعي». وبدأ حلم التحرر المالي لدى هاتفيج في توقيت كان يعاني فيه من الإفلاس. وفي عام 2003، وقف هاتفيج أمام ماكينة للصراف الآلي لتخبره بأن رصيده خالٍ تماماً من النقود، وهو ما جعله يبدأ التفكير في أمرين، أولهما من يستطيع إقراضه خمسين يورو، وثانيهما، لماذا، وهو خبير أرصاد جوية يعمل بدوام كامل، يستنفد رصيده المصرفي تماماً كل شهر؟ ويقول هاتفيج: «لم يكن مرتبي سيئاً، ولكني كنت أنفقه بالكامل»، وأردف قائلاً: «عرفت حينئذ أنني لا بد أن أغير شيئاً ما». وبدأ هاتفيج على الفور في تحويل جزء من مرتبه إلى حساب مصرفي آخر والاستثمار فيه، أولاً في السندات والأسهم ثم في الصناديق المشتركة. وأخذت ثروته الشخصية تنمو حتى وصلت إلى قرابة 50 ألف يورو (60 ألف دولار)، عندما حلت الأزمة الاقتصادية العالمية في عام 2008، ويسترجع هاتفيج تلك الأحداث قائلاً: «وفجأة خسرت كل شيء»، مضيفاً: «وفي ذلك الوقت بدأت طريقة الاقتصاد في الإنفاق». وتمسك هاتفيج بما لديه من استثمارات، والتي ارتفعت قيمتها مرة أخرى في وقت لاحق. وعن طريق التخلي عن كل شيء تقريباً، استطاع ادخار قرابة سبعين بالمئة من دخله كل شهر، وكل ذلك بهدف الوصول إلى التحرر المالي. وبحسب دراسة أجراها معهد الدراسات الاقتصادية والاجتماعية التابع لمؤسسة هانز بيوكلر، فإنه في دولة مثل ألمانيا معروفة بعادات الإنفاق المقيدة، فإن واحدة من كل عشر أسر يمكنها أن تعيش على مدخراتها لمدة 13 عاماً مع الاحتفاظ بنفس مستوى المعيشة، وأن خمسة بالمئة من الأسر يمكنها أن تعيش اعتماداً على مدخراتها لمدة عقدين من الزمان. ومن ناحية أخرى، فإن ثلاثين بالمئة من الأسر الألمانية سوف تستنفد مدخراتها في غضون عدة أسابيع أو أشهر. وكتبت خبيرة الاقتصاد أنيتا تيفينسي تقول إن «الآباء غير المتزوجين وأطفالهم عادة ما ينتمون إلى هذه الفئة». وليس من المعروف عدد الأشخاص الذين ادخروا ثروة ووصلوا إلى الحرية المالية اعتماداً على فكرة الاقتصاد في الإنفاق. ويقول هاتفيج إن عدداً قليلاً فقط من الشعب الألماني يستطيع في تقديره أن يعيش بطريقة الحياة التي يعيشها هو نفسه لعدة سنوات. ويرى هاتفيج أن الاقتصاد في الإنفاق ليس سهلاً لاسيما بالنسبة لأصحاب الدخل المحدود، مضيفاً أن أي شخص يتكسب أقل من ألف يورو شهرياً سوف يستغرق عقوداً قبل أن يصل إلى الحرية المالية. ويقول هاتفيج: «في وقت ما، تصل إلى نقطة لا تستطيع معها شد الحزام أكثر من ذلك»، وأضاف أنه مازال يقتصد في الإنفاق، ولكنه أحياناً يسافر في عطلة أو يستمتع بتناول العشاء بأحد المطاعم. وتخلى هاتفيج عن وظيفته كخبير أرصاد جوية بهيئة الأرصاد الجوية المحلية في عام 2015، ومنذ ذلك الحين، أصبح مستقلاً مالياً وصار قادراً على العيش اعتماداً على مدخراته وفوائد وأرباح الأسهم والسندات التي اشتراها. وعلاوة على ذلك، فهو يواصل العمل بشكل مستقل كخبير مالي، ولكن فقط بالقدر الذي يرغب فيه. ويقول: «أستطيع عدم الذهاب إلى العمل لمدة أسبوع، دون أن يؤثر ذلك على حسابي المصرفي».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©