السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الكونجو وشبح التوتر في وسط أفريقيا

الكونجو وشبح التوتر في وسط أفريقيا
5 نوفمبر 2008 01:52
حين تهتز الكونجو، تهتز معها بقية أفريقيا· ذلك أن هذا البلد الواسع في وسط القارة الأخضر، والذي يغطي مساحة 905000 ميل مربع ويشترك في الحدود مع تسع دول، لا يسقط إلى الهاوية وحده أبداً· فعندما بدأت الدولة الكونجولية تتهاوى في ،1996 اندلعت حرب إقليمية· وعندما انهارت مرة أخرى في ،1998 أدى ذلك إلى دخول جيوش ستة بلدان أفريقية أخرى البلاد· ومنذ ذلك الحين أسفرت الحربان والفوضى التي أعقبتهما عن مقتل نحو خمسة ملايين شخص، رقم تقول منظمات حقوق الإنسان إنه الأسوأ من نوعه في أي نزاع مسلح منذ الحرب العالمية الثانية· اليوم يسود القلق من أن تكون الكونجو على شفير الهاوية مرة أخرى، وبخاصة في ضوء استعداد جيرانها إلى التدخل ، وهو ما يفسر لماذا أثار الاقتتال صغير النطاق نسبياً الذي اندلع الأسبوع الماضي نشاطاً دبلوماسياً مكثفاً لم تشهد الكونجو مثيلاً له منذ سنوات، حيث توجه كل من وزير الخارجية الفرنسي، ووزير الخارجية البريطاني، ودبلوماسيون رفيعو المستوى من الأمم لمتحدة، إضافة إلى أعلى مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية مكلف بشؤون أفريقيا إلى مدينة جوما الساحلية المتهالكة والمهمة في الوقت نفسه· التلال المحيطة بجوما باتت اليوم تحت سيطرة المتمردين، بعد أن حملوا الجيش الكونجولي أواخر الشهر الماضي على الانسحاب، وإذا لم يعلن المتمردون وقفاً لإطلاق النار في آخر لحظة، فالأرجح أن جوما نفسها ستقع بين أيديهم· ويقول ''كوين فلاسنروت''، الأستاذ بجامعة جينت في بلجيكا والمتخصص في شرق الكونجو: ''إن الضرر السياسي الذي سببه ذلك كبير جداً''· ويكشف انتصار المتمردين عن ضعف الحكومة الكونجولية، بعد عامين على تنظيم أغلى انتخابات في تاريخ أفريقيا مولت من الخارج، وذلك على الرغم من أنه لدى الكونجو أكبر بعثة لحفظ السلام تابعة للأمم المتحدة يبلغ قوامها 17000 جندي· غير أن الأكثر إثارة للقلق ربما هو أداء هذه البعثة، فقوات حفظ السلام لم تعجز عن وقف تقدم المتمردين فحسب- يذكر هنا أن المتمردين استولوا على قاعدة تابعة للأمم المتحدة وحولوها إلى ملعب رياضي - وإنما عجزت أيضاً عن إنجاز المهمة الرئيسية التي بُعثوا من أجلها: حماية المدنيين· ليلة الأربعاء الماضي، وبينما حاصر المتمردون مدينة جوما، عاث جنود حكوميون خرجوا عن السيطرة في الأرض دماراً حيث أخذوا ينهبون ويغتصبون ويقتلون أثناء انسحابهم من المدينة· والجدير بالذكر أن السلوك نفسه حدث في التسعينيات حين كانت الكونجو في وضع مماثل· ويوم الخميس الماضي، جلست أسرة في جوما في غرفة صغيرة جرداء تحملق في جثة طفل في السابعة عشرة من عمره يدعى ''ميرسي''، الذي أجبر تحت تهديد السلاح على تحميل كل ما يوجد في منزل العائلة في شاحنة للجيش، كما يروي أفراد الأسرة والجيران· وقبل انسحابهم من المدينة، قام الجنود الحكوميون بإطلاق النار على ''ميرسي'' في الظهر· لم يكن أي جنود تابعين لقوات حفظ السلام في المكان، وذلك على الرغم من وجود قاعدة تابعة للأمم المتحدة على بعد ميلين فقط من منزل ''ميرسي''· وتقول ''سافي دايو''، وهي أم لستة قررت مغادرة جوما تلك الليلة: ''لقد تخلوا عنا وتركونا لوحدنا''· والواقع أن مئات الآلاف من الأشخاص مثلها أصبحوا لاجئين والكثير منهم في حاجة ماسة إلى الطعام· ويقول ''جون برنديرجاست''، مؤسس ''إيناف بروجيكت'' الهيئة التي يوجد مقرها في واشنطن والتي تناضل ضد جرائم الإبادة الجماعية: ''المثير للاستغراب هو أنه بعد 14 عاماً على حدوث جريمة الإبادة الجماعية في رواندا، فإن قوات حفظ السلام الأممية مازالت غير فعالة بخصوص حماية المدنيين، وهذا على الرغم من كل الخطابات حول المسؤولية عن الحماية والحرص على عدم تكرار ذلك أبدا في المستقبل· كلها شعارات فارغة لشعوب وسط أفريقيا!''· وبالمقابل، يعتبر آلان دوس، رئيس بعثة الأمم المتحدة في الكونجو، أنه من الصعوبة بمكان الدفاع عن محيط جوما وتوفير الأمن في الشوارع بواسطة قوة صغيرة نسبيا قوامها 900 رجل في جوما إذ يقول: ''الأكيد أننا منهكون لأن ثمة الكثير الذي ينبغي فعله''· وحاليا يدرس الاتحاد الأوروبي فكرة بعث المزيد من القوات؛ غير أن التركيز اليوم يبدو منصباً على صياغة تسوية سياسية دائمة مع المتمردين· الواقع أن حكم وإخضاع شرق الكونجو كان دائماً أمراً عصياً؛ كما أن المتمردين المتمركزين في التلال الغابوية الكثيفية حول جوما يبدون أقوى من أي وقت مضى· يتزعمهم لورانت نكوندا، صاحب الشخصية الكارزمية، الذي يوجه أوامره لـرجاله المدربين والمجهزين بشكل جيد انطلاقاً من منزل مزرعة بلجيكية مهجورة في الأدغال· وينتمــي نكوندا عرقياً إلى مجموعة التوتسي؛ ولذلك، يصور المسؤولون الكونجوليون هذا الجنرال المنشق على أنه بيدق في يد رواندا المجاورة التي يحكمها التوتسي· ورغم أنه من غير الواضح مدى الدعم الذي قد تكون رواندا تقدمه لنكوندا، إلا أن التدخل الرواندي هنا ليس بالأمر الجديد· وقد عانت الكونجو من تاريخ طويل من الاستغلال الذي يعود إلى العهد الكولونيالي البلجيكي؛ كما قامت مجموعات متمردة وقوات أجنبية بضم قطاعات كبرى من البلاد طمعا في ثروات طبيعية مثل الذهب والماس والقصدير والخشب· والحق أن الحكومة الكونجولية أيضا قامت في بعض الأحيان بدعوة جيرانها للتدخل في محاولة لإيجاد المساعدة في الأوقات العصيبة· فقبل ثلاثة أيام فقط دعت الحكومة صديقتها القديمة أنجولا إلى إرسال قوات إلى الكونجو، على غرار ما فعلته عام ،1998 وذلك من أجل مواجهة تمرد نكوندا وما ينظر إليه هنا على أنه تهديد رواندي· فالأسبوع الماضي قال القرويون بالقرب من جوما إنهم رأوا جنوداً روانديين بالزي العسكري يقاتلون إلى جانب رجال ''نكوندا'' وإن الروانديين أقدموا على إضرام النار في المنازل وقتل الأطفال· ويقول ''جاكسون بوسيسي''، وهو مزارع من المنطقة: ''لقد رأيتهم يعبرون الحدود بأم عيني!''· جيفري جيتلمان- جوما شرق الكونجو ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©