الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الانتخابات الأميركية··· والأساطير الخمس

الانتخابات الأميركية··· والأساطير الخمس
5 نوفمبر 2008 01:52
نظراً لأن أيام الانتخابات غالباً ما تكون محفوفة بالخطر، فإنني أحذركم من إغراء استطلاعات الرأي، التي يمكن أن تكون مضللة بدرجة كبيرة· وأحذركم أكثر من استطلاع آراء الناخبين الخارجين من مراكز الاقتراع التي غالباً ما تكون خاطئة· وأحذركم كذلك من التعليقات المبكرة أكثر مما ينبغي، والأحكام المتسرعة أكثر مما ينبغي، ومن الكليشيهات الآملة المُطَمْئنة التي ستتناثر هنا وهناك الآن وغداً كي توفر راحة زائفة للفائز والمنهزم على حد سواء· وهناك خمس أساطير حول الانتخابات تعد الأكثر خطورة بين مثيلاتها· الأسطورة الأولى: إن الحزب ''الجمهوري'' سيستفيد إذا أمضى بعض الوقت خارج الحكم· ليس بالضرورة، فـ''الجمهوريون'' الذين يعزون أنفسهم بتلك الحجة، عليهم أن يتذكروا نموذج حزب ''المحافظين'' البريطاني الذي أطيح به من السلطة على أيدي بلير عام ،1997 وأمضى العقد التالي، وهو يذرف الدمع الحار حزناً على الحكم الذي لم يتسن له العودة إليه منذ ذلك التاريخ وحتى الآن· فأعضاء حزب ''المحافظين'' لم ينفقوا وقت الفراغ، الذي توافر لهم بعد خروج حزبهم من الحكم في شيء مفيد، بل أمضوه في التناحر والجدل العقيم حول المبادئ الأساسية، وانقسموا إلى معسكرات متنازعة متحاربة· وترتب على ذلك أنهم لم يتفقوا على مرشح مناسب، بل قاموا المرة بعد المرة بترشيح رجل غير جدير بالانتخاب وخسروا الانتخابات المتتابعة وظلوا بعيداً عن الحكم حتى الآن· الاسطورة الثانية: أن الحزب ''الديمقراطي'' سوف يصبح أكثر تعقلاً وإحساساً بالمسؤولية عندما يتولى السلطــة: يحكي لنــا التاريــخ قصــة مختلفة عن ذلك· فبعد أن أمضوا عقــوداً في المعارضــة، سيطر ''الجمهوريون'' على مجلس النواب عـــام 1994 وتعهدوا بإصلاح الكونجرس، وحاولــوا لفترة من الوقت أن يفوا بوعدهم ولكنهم اضطروا للتخلي عنه في النهاية· وأثبت الكونجرس تحت حكم ''الجمهوريين'' أنه أكثر إسرافاً في الإنفاق، وأكثر شراهة في التهام المغانم السياسية مما كان عليه من قبل· والكونجرس الحالي الذي يسيطر ''الديمقراطيون'' على مجلسيه ليس أفضل ـ حتى الآن على الأقل ـ من كونجرس ''الجمهوريين''· الأسطورة الثالثة: عندما يكون البيت الأبيض والكونجرس تحت سيطرة حزب واحد فإن أداءهما يكون أفضل· ويستطيع رجل مثل بيل كلينتون أن يخبرنا بوضوح أن الأمر لا يكون على هذا النحو دائماً· ويمكن هنا في سبيل التدليل على صواب رأي كلينتون الذي أميل إليه أيضاً أن أستعير القول المأثور:'' السلطة تفسد، والسلطة المطلقة تفسد إفساداً مطلقاً''، فمن دون عقد صفقات بين ممثلي الحزبين في الكونجرس، فإن إغراء اتخاذ قرارات خاطئة يكون كبيراً· أيضاً عندما يصبح الرئيس مفتقداً للقبول والشعبية، فإن الكونجرس عادة يميل إلى تحديه بصرف النظر عن الحزب الذي يتبع له، والعكس صحيح· الرابعة:إذا فاز أوباما في الانتخابات، فإن وضعنا في العالم سيتحسن على الفور فقط لأنه -أوباما- رئيس ''مختلف''· أنا متأكدة أنه ستكون هناك لحظة صدمة ومفاجئة قصيرة الأجل، عندما يعرف باقي العالم أن واحداً من أهم اعتقاداته وهو'' مهما يحدث، فإن الأميركيين عادة ما يكونون أكثر عنصرية منا'' هو اعتقاد غير صحيح· بالإضافة لذلك سيكون هناك قدر كبير من الابتهاج لرحيل إدارة بوش المكروهة، غير أن الحقائق سوف تفرض نفسها بسرعة، عندما يكتشف الأجانب والناخبون الأميركيون أيضاً أن الرئيس الأميركي ليس على هذه الدرجة من القوة التي يتخيلونها، وأنه لا يستطيع تغيير كل شيء فوراً، وأن هناك أشياء لن يتمكن من تغييرها على الإطلاق خلال مدة ولايته سواء كانت لفترة واحدة أو اثنتين· فأوباما-إذا ما فاز في الانتخابات- لن يتمكن من إنهاء القتال في العراق وأفغانستان، كما لن يتمكن من جعل مؤشر البورصة يرتفع، ولن يتمكن بالطبع من إنهاء بوادر الكساد الاقتصادي على الفور· هذه هي خيبة الأمل القصيرة الأجل التي سيحس بها العالم· أما في الأجل الطويل، فإن خيبــة أمــل العالم الخارجي- والناخبين الأميركيين أيضاً- سوف تتمثل في اكتشافهم أن أميركا ليست في وارد التخلي عن الرأسمالية العولمية، ولا البدء فوراً في إعادة توزيع ثروة الأمة على الآخرين· والكينيون على وجه الخصوص سوف يكونون هم الأكثر إحساسا بخيبة الأمل هذه· الأسطورة الخامسة: بعد أن تنتهي الانتخابات سوف يكون في مقدورنا أخيراً التوقف عن الحديث في السياسة· الأمر ليس على هذا النحو! فالموسم الانتخابي الماراثوني ـ كما أخشى ـ لن ينتهي بتلك السرعة التي يتخيلها البعض· فإذا ما فاز أوباما فإن أي خطوة يقدم عليها سوف تثير سجالاً· فهو لن يكون أول رئيس أميركي أسود، وإنمــــا سيكــــون كذلــــك أول رئيس من الجيل التالي لجيـــل الآبــــاء baby boomer (الجيل الذي ولد بعد الحرب العالمية الثانية)، كما سيكون أول رئيس'' ديمقراطي'' بعد ثماني سنوات من الحكم ''الجمهوري''· أما إذا فاز السيناتور جون ماكين، فإن كل معهد من معاهد استطلاع الرأي في الولايات المتحدة، وكل معلق من دائرة المعلقين السياسيين الأميركيين سوف يتعرضون للتشكيك في مصداقيته وكفاءته مما يضطره إلى تقديم الكثير من التفسيرات والتوضيحات والتبريرات لسبب إخفاقه في التنبؤ· بصرف النظر عن المرشح الفائز، فإن التقييمات المتعلقة بتحديد من الذي سيبقى في الكونجرس ومن الذي يخرج منه، ومن الذي سيعين في البيت الأبيض في عهد ما بعد بوش، وما هي الوظيفة التي سيعين فيها، وما الذي يعنيه كل ذلك·· سوف تستمر لأسابيع عديدة بعد الانتخابات· أيضاً، سيتعرض الرئيس الجديد ـ كما توقع زميلي جاكسون ديل ـ إلى اختبار خــلال فترة قصيرة مـــن توليه الحكم إذا لم يكن من العراق فمن إيران·· وإذا لم يكن من كوريا الشمالية فمن سوريا· واحسرتاه على هؤلاء الذين أحبوا العالم بشكل أفضل عندما لم يكن هناك تلفزيون! فالانتخابات الأميركية كما قيل ذات مرة:''لن تنتهي إلا عندما تنتهي بالفعل· وفي رأيي أنها وحتى بعد أن تنتهـــي، فلن تنتهي قبل مرور وقت طويل··· طويل''· آن أبلباوم محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©