الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حديقة الصنائع في بيروت ملتقى المسنين

حديقة الصنائع في بيروت ملتقى المسنين
5 نوفمبر 2008 01:27
يلتقي مسنون يوميا في نزهة ''إجبارية'' في حديقة الصنائع، بعضهم يحمل عصاه ومسبحته، والبعض الآخر يلف سيجارته، وهناك من يجلس وحيدا على مقعد يتأمل الحمام الذي يجتمع حوله لالتقاط بعض الحبوب التي ينثرها له، في مشهد يختصر صور المحبة والألفة الأسرية المفتقدة· في زاوية بعيدة من زوايا حديقة الصنائع، يلعب عجائز ''دق طاولة''، فيما يحيط بهم المارة الذين ينقسمون إلى فريقين يشجع كل واحد منهم أحد ''الختيارية'' الذي يجيد لعب الطاولة بمهارة ممزوجة ببعض الغش ''المهضوم''· انتظم سمير الشامي (68 سنة) على زيارة حديقة الصنائع كل يوم تقريبا، ليقضي في أرجائها ساعات وساعات· يقول: ''أقصد الصنائع لأتفرج على الناس الذين مثلي، وأتناول فنجان قهوة، مبتعدا عن ضجيج المدينة والبشر''· وينسحب الأمر على سمير أبو عباس، الذي كان عامل صيانة في إحدى الشركات الأجنبية· يقول: ''أسير في الطرقات وأرتاح عندما أتعب، وكثيرا ما أقصد حديقة الصنائع حيث التقي الختيارية أمثالي، لأتسلى معهم في لعب الطاولة، والشطرنج، ولعبة الداما''· ويروي أبو عباس كيف ضاع تعويضه البالغ 80 الف ليرة لبنانية (نحو ألفي درهم)، بعد أن وضعها في المصرف المركزي فطارت عند ارتفاع الدولار· ثم يستدرك: ''ضاع التعب والشقاء، ذهب العمر سدى''· ويقول فيما يشبه العتاب: ''المتقاعد يعيش في رفاهية وراحة في كل بقاع الأرض، ويجد مستلزمات الحياة والتقديمات الاجتماعية، وعندنا ليس في متناوله سوى أن يرفع شعار دبر حالك بحالك''· ويبدو ان علي الحريري ''مجبر'' على زيارة الحديقة منذ إحالته إلى التقاعد· يقول: ''لاخيار لدي، إما البيت أو الصنائع· تعودت على هذا النمط وعندما أغيب عن الحديقة، أشعر بأن الحمام الذي يحيط بي وأنا أجلس على المقعد قد افتقدني، وهذا ما يجعلني آتي ولو لفترة قصيرة''· ويعتبر رياض خالد، الذي أحيل إلى التقاعد منذ سنوات، أن ''الإنسان الذي تصيبه الشيخوخة يصبح عبئاً ثقيلاً على أولاده، وعليه الاختيار إما دخول دار المسنين ليجد من يهتم به فيعيش حياة كريمة، أو أن يموت وحيداً مستجدياً العطف والشفقة''· ويقول: ''تغيّر الزمن وتبدّلت العادات، فإذا كنت لا تملك المال تصبح نكرة بنظر الجميع· سقى الله أيام زمان حين كان الجميع يطيعونك وكلمتك مسموعة''· وواقع الحال يشير إلى أن مسنين يقضون رحلة حياتهم في عالم النسيان، فيتركون للإهمال، في تجاهل واضح لوصية رب العزة ''وبالوالدين إحسانا''
المصدر: بيروت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©