السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«شارلي إيبدو».. إننا في حرب !

13 يناير 2015 22:41
المذبحة التي ارتكبها متطرفون إسلاميون يوم الأربعاء عندما قتلوا نحو اثني عشر صحفياً فرنسياً، والذين كنت أعرفُ شخصياً عدداً منهم منذ عقود، تمثل ثمناً باهظاً جداً دفعته فرنسا بسبب نوع البلدان الذي اختارت أن تكونه: جنةً لحرية التعبير والسجال الفكري؛ وبلداً يستقبل المولودين في الخارج ويحتضنهم بسهولة أكبر من معظم البلدان الأخرى ويسعى، وإنْ على نحو غير مثالي، إلى إدماجهم؛ وقوةً عسكرية مستعدة لمحاربة الأعداء في الخارج باسم القيم الكونية. المسلحون الذي نفذوا المذبحة التي استهدفت مجلة «شارلي إيبدو» قاموا بما قاموا به لمعاقبة فرنسا على بعض هذه الميزات أو كلها، والحال أن امتلاك هذه الميزات هو شرف لفرنسا وفخر ما بعده فخر. واليوم، أضحى ضمان عدم تكرار مثل هذا السلوك البربري، أو النظر إليه باعتباره شيئاً آخر غير ما هو في الواقع، المهمةَ الوطنيةَ الأكثر إلحاحاً. «إنه هجوم مثل الحادي عشر من سبتمبر ولكنه أصغر»، وعبر الهاتف قال لي «فيليب لا برو»، وهو كاتب وصحفي فرنسي معروف، عندما كان ينعى لي عدداً من الأصدقاء الذين قضوا في الهجوم، مضيفاً: «هناك نفس الشعور الأولي بالرعب والصدمة، ثم تصميم على التغلب على ما أصابنا. إننا في حرب». بيد أن أوروبيين آخرين قد لا يرحبون بهذا التشبيه المحدود بيوم الرعب الأميركي والدعوة إلى اتخاذ خطوات وقائية قوية؛ ذلك أن الولايات المتحدة أثبتت أن أخطاء رد الفعل المبالغ فيه عديدة على مثل هذا الطريق. غير أنه حتى وإنْ جاءت على شكل هجمات أصغر حجماً ضد «أهداف سهلة» مثل فنانين من دون دفاع في فرنسا، أو ركاب قطارات الأنفاق في إسبانيا وإنجلترا، فإن حرب الإرهاب التي أعلنتها مجموعات «الجهاديين» على أنماط الحياة الغربية ستجعل الأمن الآن هاجساً للأوروبيين بقدر ما كان هاجساً للأميركيين على مدى أكثر من 13 عاماً. غير أنه من غير المؤكد أن نزاعات الشرق الأوسط لها علاقة مباشرة بالهجوم على مجلة «شارلي إيبدو»؛ فالأرجح أن الهجوم كان رداً انتقامياً على سخرية المجلة المتكررة على المدّعين الذين يسيطرون على بعض الحركات الإسلامية ويصدرون أحكام القتل ضد كل من يختلف مع تفسيراتهم المعوجة والمنحرفة للإسلام. ومن إحدى النواحي، يمكن القول إن رسامي الكاريكاتير اللامعين، الذين توفوا يوم الأربعاء الماضي كانوا ضحايا غير مباشرين للعولمة وثورة المعلومات، وللاتصال الإلكتروني بين مجتمعات على مستويات مختلفة من التطور، ورد الفعل الذي أثاره ذلك لدى الرجال المتوحشين، وضيقي الأفق الذين يفضلون القتل على فقدان السيطرة، بيد أن الصراع أكبر، وحضاري أكثر، مما تنبأ به حتى فال قبل بضعة أشهر فقط. ومن بعض النواحي، يمكن القول إن فرنسا أمامها مهمة أصعب في الرد على يوم الإرهاب والتدمير المدبر هذا. فإذا كان الأميركيون قد فهموا هجوم الحادي عشر على الفور باعتباره هجوماً على الوطن وكانوا (ومازالوا) غير مضطرين للقلق بشأن «عدو في الداخل»، فلا شك أن الأمر سيتطلب جهداً كبيراً، ومهارة كبيرة، لمنع تحول الهجوم على «شارلي إيبدو» إلى نقطة انقسام؛ إذ سيتعين على السياسيين الفرنسيين أن يُظهروا نوعاً غير مألوف من وحدة الهدف في القادم من الأشهر. والأكيد أنهم سيحتاجون إلى مساعدة جيرانهم الأوروبيين. ولا شك أن القتلة كانوا يجهلون أو لم يهتموا بحقيقة أن «شارلي إيبدو» (ومطبوعات فرنسية أخرى) وزعت رسوماً مماثلة تسخر من زعماء فرنسيين ومواطنين هامين. وشخصياً، كنتُ قد تعرفتُ على بعض الفنانين الذين قُتلوا هذا الأسبوع عندما كتبت مقالا في 1965 حول «آرا-كيري»، المطبوعة الساخرة التي غيّرت اسمها إلى «شارلي إيبدو» بعد أن أثار مقال تأبيني غير متعاطف حول «شارل ديجول» ضجة واحتجاجاً كبيرين على صعيد فرنسا. جيم هوجلاند * محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©