الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ترويض الأحلام وتطويع الكوابيس لصحة نفسية أفضل

ترويض الأحلام وتطويع الكوابيس لصحة نفسية أفضل
24 يوليو 2010 21:31
تبدو فكرة فيلم “الاستهلال” الذي عرض مؤخراً بالقاعات السينمائية مشوقة جداً، فالممثل ليوناردو ديكابريو الذي لعب دور الخبير المتخصص في سرقة الأحلام من خلال التسلل إلى أعماق أحلام الشخص وسرقة أسراره التي تسكن لاوعيه، بل وحتى القيام بزرع فكرة حلم معين وإيهامه بأنه حلمه الخاص كان مثيراً للعوام من الناس والمتخصصين في العلاجات المرتبطة باضطرابات النوم والأحلام على حد سواء، وطفت على السطح فكرة جديدة هي إمكانية قيام الأشخاص بالتحكم في أحلامهم بشكل محدود. إن الناس الذين يحلمون بكوابيس بشكل متكرر يمكنهم أن يتعلموا كيفية جعل هذه الكوابيس ذات نهايات سعيدة على الأقل. وممارسو الأحلام الواضحة والقابلة للتفسير والذين يتدربون على أن يكونوا على وعي بأنهم يحلمون يقولون إنهم يقومون بأمور عدة خلال حلمهم وهم واعون بها، ومن بينها الطيران والتحليق جواً. ويقول روبرت ستيكجولد، أستاذ الطب النفسي بكلية الطب بجامعة هارفارد “إن التفكير في حلم له صلة بمشكلة شخصية صعب نوعاً ما ، لكنه ممكن”. ويضيف “عندما تذهب إلى الفراش ليلاً، حاول التفكير قبل النوم في تلك القضايا العاطفية والحسية التي لم يرق لك التعاطي معها، وسيتبين لك في الصباح التالي أنها شكلت جزءاً من أحلامك”. وهذا يمثل مدخلاً لتفسير ظاهرة الأحلام ومعرفة سبب حلمنا خلال النوم. ويعتقد أن الأحلام هي نوع من التسجيلات الصوتية التي يكونها العقل الباطن من خلال مراكمته وتخزينه للانفعالات والمشاعر والمواقف التي يتعرض إليها في النهار. وتقول روزاليند كارترايت، أستاذة علم الأعصاب لجامعة راش بشيكاجو، والتي قضت حوالي 50 عاماً في دراسة الأحلام والنوم “يحمل الإنسان مشكلاته معه إلى النوم ويشتغل عليها خلال الليل”. وتشرح في كتابها الجديد “عقل الأربع وعشرين ساعة” كيف أن العقل يتسربل في خيوط عديدة من المشاعر والانفعالات التي تحدث خلال اليوم. ثم يستدعي العقل الباطن هذه الانفعالات وانفعالات أخرى ذات صلة تكون مخزنة في الذاكرة ويمزجها مع بعضها بعضاً، وذلك في فترة النوم العميق الذي تحدث خلاله الأحلام. وتضيف “امتزاج الذكريات القديمة بالحديثة هو العامل الذي يجعل أحلام الإنسان غاية في الغرابة والفرادة. وهي ارتباطات عاطفية أكثر منها عقلانية”. وعادة ما يبدأ الإنسان بالانفعالات السلبية أولاً، ثم تصبح أحلامه أكثر إيجابية مع إرخاء الليل سدوله. وقالت روزاليند عند سؤالها عن كيفية معرفة ذلك بالقول “نقوم بإيقاظ هؤلاء الأشخاص في مراحل مختلفة من فترات نومهم ونسألهم”. أما عندما يكون الحلم كابوساً، فإن الشخص يستيقظ عادةً في أوج مشاهد الخوف أو الوجل وقبل حل المشكلة في الحلم، وهذا سبب تكرر حدوثه”. ويقول شيلباي فريدمان هاريس، مدير برنامج النوم السلوكي في مركز مونتيفيور الطبي بنيويورك “إن دماغ الإنسان يبدو له وكأنه يساعده على الاستعداد، لكنه لا يسمح له بإتمام ذلك ويتحول الأمر إلى حلم مقطوع. ويعد هذا المركز، أحد المراكز التي تساعد الأشخاص الذين يعانون كوابيس متكررة، على تعلم كيفية السيطرة على اضطرابات النوم المرتبطة بالكوابيس وكيفية تشخيص وشرح الأحلام المتكررة باستخدام تقنية يصطلح عليها “العلاج بالتجريب الصوري”. وبعد تذكر تفاصيل الحلم، يكتب الحالم نصاً يصف فيه حلمه ويتخيله في أوقات مختلفة من اليوم. ويقول د. هاريس إن إحدى مرضاه كانت تعاني كابوساً يأتيها كل ليلة يخيل لها فيه أنها محاصرة بأسماك القرش. فطلب منها محاولة تخيل الدلافين بدل أسماك القرش، وحاولت ذلك خلال خمس جلسات متتالية، فكانت النتيجة أن اختفى الحلم بأسماك القرش تماماً. كما أن شخصاً كان يحلم يومياً بوجود شخص يطارده ويريد أذيته، فطلب منه أن يتخيل ذاك الشخص قطعة شوكولاتة ويلتهمه، فحصل ذلك وشفي من ذاك الكابوس. ويقول د. هاريس إن جلسات العلاج تعلم المريض كيفية السيطرة على كوابيسه ووقف تكرارها. فقد تبين بعد جلسات علاجية أن بعض المرضى يحلمون بنهاية جديدة لكابوسهم بعد محاولة تخيلها، وأن آخرين يحاولون حلم روايات جديدة لكابوسهم كله وينجحون في ذلك، بالإضافة إلى آخرين ينجحون في وقف تكرار الحلم بشكل تام. ويعي بعض الأشخاص أنهم يحلمون خلال وقت حلمهم بشكل طبيعي، في حين أن هناك من ليس لديه القدرة على التمييز خلال الحلم ما إذا كان حلمه حقيقة أم حلماً، وهذه الفئة تحتاج إلى التدرب على كيفية الوعي بأن الحلم حلم أثناء النوم. وهناك آخرون يحلمون أحلاماً واضحة وعادية، كما أن هناك ممارسين يقولون إنه يمكنهم تغيير مجريات الحلم وأحداثه وشخصياته وأبطاله كيفما يحلو لهم وتكون النتيجة وفق ما يخططون له. ويقول ستيفان لابيرج، عالم نفسي وفيزيائي متخصص في دراسة الأحلام “نوصي معظم الناس أن يبدأوا بالطيران والتحليق والاستمتاع بذلك، حيث لا يأبهون بقوانين الجاذبية في حلمهم”. وقد مارس التبتيون البوذيون الأحلام الإرادية لقرون طويلة، ولم ينتبه العلماء إلى ممارستهم هذه إلا عام 1978، حين قام د. لابيرج الذي كان طالباً آنذاك باكتشاف طريقة لجعل الحالمين يطلقون إشارة تدل على أنهم واعون بأحلامهم من خلال حركات رموش العين في منامها أثناء فترة النوم العميق. وقد أجريت منذ ذلك الحين عشرات البحوث في الجامعات ومراكز البحث، كما أقيمت المؤتمرات والندوات لمناقشة مجاهل الأحلام ومحاولة سبر أغوارها وإيجاد علاجات واضحة ومتطورة تنفع أولئك الذين يعانون كوابيس على وقفها والتخلص منها، وتجعل الناس أقدر على السيطرة على أحلامهم وتحويلها إلى صالحهم وإلى ما يساهم في تحقيق الاستقرار النفسي لديهم. عن “وول ستريت جورنال”
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©