الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كَُشاجم؟

21 سبتمبر 2016 23:16
أبو الفتح محمود بن الحسين بن السندي بن شاهك، رئيس الكتابة، والمقدم في الفصاحة، البليغ في الخطابة، ذو التحقيق المميز والتدقيق المبرز.. مولده بالرملة نواحي فلسطين سنة 280هـ.. كان جده السندي بن شاهك على شرطة الخليفة هارون الرشيد، ثم الأمين بن هارون الرشيد كما في كتاب المحبَّر لابن حبيب.. تنقل كشاجم بين القدس ودمشق وحلب وبغداد، وزار مصر أكثر من مرة واستقر بحلب.. كان طباخاً في بدايته ومغنياً، ويظهر أن وظيفته كانت قرب الأمراء، حيث تفتقت مواهبه العلمية في خصوبة النعمة، ثم ظهر بعدها شاعراً من شعراء بلاط الأمير أبي الهيجاء عبدالله الحمداني، ثم بعده شاعراً لابنه سيف الدولة الحمداني.. ذكر صلاح الدين الصفدي (ت 764 هـ) في كتابه «أعيان العصر وأعوان النصر»، أن الشيخ شمس الدين محمد بن الخباز قال: سألت شيخنا عبداللطيف بن عبد العزيز بن المرحل (ت 744هـ) فقلت: يا سيدي، كشاجم بكسر الكاف أو فتحها أو ضمها؟ فأخذ يفكر زماناً، ويقول: كُشاجم بضم الكاف مثل عُلابِط، هذا وزن صحيح، ثم التفت إليّ وقال: يا سيدنا، لا تنقل عنّي في هذا شيئاً ما يحل لك.!! قال الصّفَديّ: المعروف بين أهل الأدب أنه كَشاجم بفتح الكاف أه. وكشاجم لفظ منحوت جمع أوئل حروف أربع كلمات.. سئل كشاجم عن هذا اللقب ما هو؟ فقال: الكاف من كاتب، والشّين من شاعر، والألف من أديب، والجيم من جواد، والميم من منجم. أجاد كشاجم فنون الشّعر حتى تألق نجمه وانتشر شعره وكانت كلمات التنويه تتقدم اسمه وتتأخره، وقد أثنى النّاس على نبوغه، قال الإمام الذهبي (ت:748هـ): كشاجم شاعر زمانه، يذكر مع المتنبي، وهو أحد فُحُول الشعراء. وقال ابن خلكان (ت:681هـ) وكان ديوان كشاجم ريحانة الأدب في تلك البلاد، أه.. وديوانه مطبوع زاخر بالأوصاف الجميلة والتشبيهات الغريبة والحكمة العجيبة والنوادر اللطيفة وغير ذلك من الخصائص فمن حكمه: حكمة الصانع المدبر أن لا * شيء إلا وفيه نفعٌ وضرُّ فاجتهدْ أن يكون أكبر قسميْك * من النفعِ والأقلُّ الأَضَرُّ وتحمّلْ مرارة الرأي واعلمْ * أن عقبى هواكَ منهُ أمرّ رَضِّ بفعلِ التدبيرِ نفسكَ واقْصرْها * عليه ففيه فضْلٌ وفخرُ لا تُطِعْها على الذي تَبتغِيهِ * ولْيَرُعْها منك اعتسافٌ وقهْرُ إنَّ من شأنِها مجانبَةَ الخيرِ * وإتيانَ كل ما قد يغُرُّ ومن لطيف شعره: مستملحٌ من كلِّ أطرافِهِ * مسْتحسنُ الإِقْبالِ والملتفتِ لوْ بيعتِ الدّنيا ولذاتُها * بساعةٍ من وصْلهِ ما وفّتِ سُلّطتِ الألحاظُ منه علَى * جسْمِي فلو أودتْ بهِ ما اكتفتِ واستعذبتْ روحِي هواهُ فما * تصحُو ولا تسْلُو ولو أُتْلفَتِ ومن هجائه: ها قد كتبت فما رددت جوابي * ورجعت مختوماً علي كتابي وأتى رسولاً مستكيناً يشتكي * ذل الحجاب ونخوة البواب وكأنني بك قد كتبت معذراً * وظلمتني بملامة وعتاب فارجع إلى الإنصاف واعلم أنه * أولى بذي الآداب والأحساب يا رحمة الله التي قد أصبحت * دون الأنام علي سوط عذاب بأبي وأمي أنت من مستجمع * تيه القيان ورقة الكتاب وله رثاء ومدح شمل رثاؤه بالإضافة إلى الإنسان الحيوان، والطير، والسكين والقلم، فسبق في رثاء الأشياء غيره، ومدح الأمراء والوزراء ومدح أهل البيت لكن على نهج من يطعن في الصحابة، ونهج أهل الحق الذين يمدحون أهل البيت ويثنون عليهم ويدعون ويترضون عن الجميع فإن اعترضهم طائف قالوا: رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ (الحشر: 10) توفي كشاجم سنة 360 هـ وخلف كتباً، منها كتاب المصايد والمطارد، وأدب النديم، وخصائص الطرف (الطرب)، وكتاب الطبيخ (الصبيح) وأدب النديم، وكتاب الرسائل والبيرزة في علم الصيد وديوان شعر.. كشاجم نابغة متفرد وشاعر متمكن يستخدم الشعر وهو له مطيع، ولا يخفى من دراسة حياته أن أسرته مرت بمحن وإنْ أخفتها الكتابة التاريخية، فقد كان جده رئيس الشرطة في بغداد زمن الخليفة هارون الرشيد ثم ابنه الأمين الذي تقلد الخلافة 193هـ حتى 198هـ، وأما كشاجم فقد ولد بعيداً في الرملة من نواحي فلسطين واتخذ التّعلم سلماً حتى تعلم وهو كبير الطب فبرع، وزاد في اسمه الطاء فقال طكشاجم، على نهج اختياره للقبه، والذي تميز فيه وأكثر منه ونقل، هو الكتابة والشعر وكثرت سرقة شعره ومعانيه، ممن جاء بعده من الشعراء.. وقديماً قيل من جدّ وجد ومن زرع حصد.. الشريف سيدي محمد - أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©