الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

ظاهرة الطلاق المبكر .. تعددت الأسباب والمأساة واحدة

ظاهرة الطلاق المبكر .. تعددت الأسباب والمأساة واحدة
23 يوليو 2010 22:31
الطلاق المبكر ظاهرة بدأت بالانتشار في مجتمعاتنا خاصة في الآونة الأخيرة ، فهناك من يرى بأن التفاوت الفكري والثقافي هو السبب، وآخر يلقي باللوم على الزواج المبكر، وثالث يضع الأسباب الاقتصادية في مقدمة أسباب هذه القضية التي لا تترك آثاراً سلبيةً على الزوجين فقط بل تمتد لتصيب المجتمع ومؤسساته وأفراده. وبلغ عدد حالات الطلاق التي تمت أمام المحاكم الاتحادية الشرعية الابتدائية في كل من إمارة الشارقة وعجمان وأم القيوين والفجيرة 1326 حالة في عام 2007، بينما تناقص العدد في 2008 ليصل لـ 918 حالة. ففي محكمة الشارقة وصل العدد في عام 2008 إلى 313، والذيد 27، والمدام 5، وخور فكان 43، ودبا الحصن 21، وكلباء 61، وعجمان 264، وأم القيوين 13، وفلج المعلا حالة واحدة، والفجيرة 142، وفي دبا الفجيرة 28 حالة طلاق. “الاتحاد” بحثت في هذه القضية لمعرفة أسبابها ونتائجها : اختيار شريك الحياة في البداية لا ترجع مريم اليماحي، موظفة في مركز رعاية وتأهيل المعاقين في الفجيرة سبب هذا النوع من الطلاق إلى الزواج في سن مبكرة بل إلى أسباب اجتماعية وثقافية وعدم دراسة التوجه الصحيح لبناء أسرة جديدة في ظل حياة جديدة على الطرفين، لأنه لو رسم الفرد مساراً لحياته المستقبلية بشكل موجه وصحيح لاختيار شريك الحياة دراسةً صحيحةً مبنيةً على توجهات فكرية ونفسية واجتماعية ودينية وعاطفية لما حدث الطلاق المبكر. وتضيف بقولها: “ من الأسباب كذلك تدخل أسرة الطرفين في المشاكل التي تواجههما بعد إفشائهما أسرارهما الزوجية مما يترتب عليه تفاقم المشكلات وسوئها بدلاً من إيجاد حلول لها، إضافة إلى العامل الفكري ومستوى المعرفة الذي يمتلكه أحد الزوجين، فحصولهما على أعلى الشهادات العلمية ليس بمقاس لمعرفة مدى المؤهلات المعرفية التي يمتلكناها والتي تنبع من واقع تربية الأسرة لهما، ومدى الخبرة التي اكتسباها من الواقع الذي يعيشان فيه سواءً كان مع الرفاق أو في العمل أو في ميادين العلم وغيرها” . وتقول أيضاً : “ بما أن التوجه الفكري للزوجين غائب فإنه يترتب عليه أضرار جسام يكون ضحيتها الأبناء الذين لا يجدون التربية والتنشئة السليمة القائمة على القيم والمبادئ فيعيشون في شتات بين هذا وذاك، وهذا بدوره يترتب عليه تدني مستواهم العلمي وعدم إحداث تغييرات للأفضل في توجهاتهم خاصةً في فترة المراهقة، بالإضافة إلى الأضرار النفسية التي تصيب الزوجين وأبنائهم وأسرهم جراء هذا الطلاق”. قليلاً من التنازلات وتوجه مريم رسالة للمرأة بالتأكيد على أنه إذا وجدت في الرجل العصري الشرقي توجهاً فكرياً يتسم بالعناد والصلابة لابد أن تقوم ببعض التنازلات لإتمام مسيرة الحياة، واعتبارها حلاً مؤقتاً للمشكلة التي قد تواجهها في بداية حياتها الزوجية. أما هاجر أحمد فتؤيد فكرة الطلاق إذا كان في مصلحة الطرفين خاصةً المرأة التي تتأثر نفسياً، كما يكون الموضوع أصعب في حال وجود الأبناء، لأن تربيتهم في هذه الأيام صعبة في ظل غياب أحد الطرفين، فوجود الأب الشديد والأم العطوفة الحنونة يساهم في تربيتهم وتنشئتهم بشكل سليم. فروق العمر والتعليم وترجع هاجر أسباب الطلاق إلى الأسباب المادية خاصةً إذا كانت الزوجة متطلبة ولا تقدر ظروف زوجها، كما يلعب فرق السن والمستوى التعليمي للزوجين دوراً هاماً في هذا الموضوع. ويوافقها الرأي خميس اليماحي الذي يرى أن فرق العمر والزواج المبكر هما من الأسباب التي تؤدي للطلاق المبكر، إضافة إلى حب الزوجة للتفاخر وعدم تقدير ظروف زوجها الذي صرف أموالاً طائلةً في حفل الزواج وقبلها في يوم عقد القران، وعند وقوع الطلاق فإن المرأة هي المتضررة الكبرى من هذا الأمر لأنها تشعر بنظرة المجتمع القاسية لها، وفي حال تكرارها للزواج فإنها إما أن تتزوج رجلاً متزوجاً أو آخر يكبرها في السن. من جانبه يرى خليفة محمد المحرزي رئيس المجلس الاستشاري الأسري أن آفة الطلاق المبكر أو المدمر بدأت تتصاعد في المجتمع الإماراتي في الفترة الأخيرة، وأصبحت ظاهرة تنذر بالخطر الكبير على كل أفراد المجتمع ومؤسساته المختلفة، فوقوع الطلاق يعتبر دماراً للأسرة والأفراد. ويقول : “ ربما كان الطلاق المبكر في ظاهره قضية امرأة استسلمت لقرار غير مسئول يتخذه الرجل، ولكنني أراها قضية مجتمع ومسؤولية تربية جيل على احترام الزواج كمؤسسة مقدسة لا يصح التلاعب فيها أو الاستهتار بها، ومن خلال التعامل مع الحالات الواردة وجدنا أن البعض من الأزواج يسلك أنماطاً محددةً سلفاً بإمكان المتخصص في الإرشاد الأسري أن يتنبأ بوقوع الطلاق من خلال وجودها من أبرزها التفاعلات السلبية المتكررة بينهما، فالأنماط الثابتة في العلاقة الزوجية كفيلة بتعطيل العلاقة بين الطرفين بعد فترة قصيرة من إنشائها” . بناء المؤسسة الزوجية ويضيف المحرزي: “ تلعب التربية المنزلية والصورة الذهنية المتراكمة عن الزواج دوراً كبيراً في ترسيخ هذا الشعور السلبي مما ينذر بوقوع الخطر في أي وقت، فعندما يتربى الزوج على عادات وقيم لا تراعى خلالها المنهجية السليمة المطلوبة لإنجاح الحياة الأسرية فلن يحاسبه المجتمع أو يلزمه بتقديم مبررات إذا قام بتدمير علاقته الزوجية دون وجود سبب وجيه، ولهذا قد تظلم المرأة لأن المجتمع ينظر إليها على أنها تسببت في حدوث الطلاق كونها الطرف المعني بنجاح الزواج وفشله دون الإلمام بأهمية دور الطرفين في بناء المؤسسة الزوجية وإنجاحها، وهذا يؤدي إلى تبعات خطيرة تتراكم أثارها السلبية على المجتمع مع تكرار هذه الحالات لمن يدفع الثمن الأغلى في مأساة الطلاق المبكر، كما يلعب الطلاق السابق في العائلة دوراً أساسياً حيث يكرر الأبناء ما حدث لوالديهما في السابق، ويتنامى هذا الشعور أثناء التجربة الواقعية للزواج. مهارات للطرفين وأوضح المحرزي أن احتواء أزمات بداية الزواج تحتاج لمهارات يجب أن يلم بها الطرفان، كالمهارات السلوكية والعاطفية والعقلية التي يمكن تيسيرها للجنسين من قبل المؤسسات المجتمعية المهتمة بأمور الأسرة، كما أن الحديث عن الطلاق المبكر يجعلنا أمام تساؤل مهم هو مدى معرفة الشباب بالمؤسسة الزوجية؟ وما حاجة الشاب أو الشابة من الزواج؟ رأي الشرع وأوضح الداعية الإسلامي الدكتور أحمد الكبيسي أن الطلاق المبكر يعد أمراً شاذاً كالزواجين المبكر والمؤقت اللذين شاعا في هذا الزمان، واللذين وجدا لكي يزولا من ساعة ما اتفق عليهما اثنان يعرفان أن عمره قصير، فالزواج الاعتيادي الذي يقوم العقد فيه على المؤبدة لم يشهد حالات الطلاق المبكر إلا في حالات استثنائية ونادرة لا يقاس عليها، فالزواج الذي ولد ضعيفاً يكون الطلاق المبكر أمراً متوقعاً وغير مستغرباً، وفي مثل هذه الحالات لا ينبغي الشكوى منه لأنه وأمثاله ولد ليموت سريعاً، ولو لم يكن كذلك لما كان له اسم خاص، وإنما كان سيكون زواجاً اعتيادياً كزواج المسلمين عموماً الذي يؤسس أسرة وذرية ونسبا كما هو وضع الزواج في هذه الأمة. وأضاف قائلاً: “ يحرص الطرفان في هذا الزواج على عدم الإنجاب، لذلك يعد زواجاً طارئاً وعارضاً كاستراحة في الطريق العام لابد أن تفارقها بعد أن ترتاح فيها، لذا لا يوجد أثر أو أهمية لزواج أو لطلاق كهذا، والجانب الإيجابي الوحيد في هذا الزواج هو تخلص الطرفين من علاقة آثمة، أما إذا حصل الطلاق في الزواج الاعتيادي فيكون نتيجة وجود خلل منذ البداية كأن يكتشف أحد الطرفين في الآخر بعد الزواج عيباً أخفاه عنه ولا يمكن السكوت عنه”. ولتجنب هذا النوع من الطلاق أوضح الكبيسي أنه لابد أن يحسن كل من الطرفين اختيار شريك حياته وأن يتقصى كل المعلومات الممكنة عنه، ولهذا حثنا الرسول “صلى الله عليه وسلم” بقوة على هذا الأمر عندما قال “انتقوا لنطفكم” وقال “ تخيروا لنطفكم” ، فعلى كلا الزوجين أن يتخيرا الأفضل فالأفضل بالتقصي عن كل ما يمكن التقصي عنه من أخلاق ونسب وسلوك وغيره. تأثير الأفلام والمسلسلات يلفت خليفة محمد المحرزي رئيس المجلس الاستشاري الأسري إلى أن للطلاق آثاراً نفسيةً واجتماعيةً وعاطفيةً وماديةً وأمنيةً وأخلاقيةً، كما أن الكثير من الأزواج المطلقين لا يستطيعون استعادة السلوك التوافقي بعد الطلاق، ويكمن علاج هذه الكارثة في الاعتماد والثقة بالنفس عند اختيار الطرف الأخر اعتماداً على القناعة والرضا بعيداً عن الضغوط الاجتماعية، والنظر للحياة الزوجية بواقعية والشعور بالمسؤولية تجاه الطرف الآخر، واحتواء مشاكل الطرفين وحلها بينهما والحد من خروجها للمجتمع الذي يؤدي تدخله إلى حدوث المزيد من المشاحنات والفتن، إضافة إلى عدم التأثر بما تبثه وسائل الإعلام من الأفلام والمسلسلات التي لها دور لا يستهان به في حدوث الكثير من المشاكل الاجتماعية وليس الطلاق فحسب، وبالقدر الذي يكون للإعلام دور في تفكك المجتمعات يكون له الدور الأكبر في لم وحل مشكلاتها، كما أن التريث في الزواج المبكر هو أحد الحلول حيث تعتبر مشكلة الزواج المبكر هي أحد العوامل الأساسية للطلاق في المجتمع عامة.
المصدر: الفجيرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©