الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

جاك بريفير الأكثر حرية وطفولة بين شعراء الأرض

جاك بريفير الأكثر حرية وطفولة بين شعراء الأرض
15 يونيو 2018 20:14
محمد عريقات (الاتحاد) حظي الشاعر الفرنسي جاك بريفير (1900 1977) بشهرة واسعة لدى القراء العرب، وحتى بين أوساط الشعراء والنقاد، فبساطته في عدم تعقيد شكل النص ولغته جعل له قاعدة جماهرية واسعة ليس فقط في فرنسا، وإنما في العالم كلّه، وقاد ذلك عدداً من المترجمين إلى نقل مجاميعه الشعرية ومختارات شعرية منها إلى القارئ خارج فرنسا، وإلى القارئ العربي الذي استوعب تجربة بريفير النابعة من الحياة وتفاصيلها، فلغته السهلة جعلته من القلائل الذين تجاوزوا حدود القراء مخترقين قلب الشعب على حد تعبير الناقد الفرنسي غايتان بيكون صاحب الدراسة النقدية الشهيرة عن الشاعر، والتي ضمنها كتابه «الأدب الفرنسي الجديد». أو كما يقول أحد النقاد «لغته شبيهة بما يتكلم به المرء وهو سائر». بريفير الذي أصدر مجموعته الشعرية الأولى «أقوال» 1946 ظهر أثره الشعري في تجارب العديد من الشعراء العرب تحديداً في أواسط القرن العشرين، ولعل أبرز من تأثروا بشعريته ولغته ومضامينه الشاعر نزار قباني وتجلى ذلك في قصيدته الشهيرة «أخرج من معطفه الجريدة» التي نقلها نزار قباني عن قصيدة بريفر المعنونة بـ«الإفطار»، ومنحها من أوزان وقوافي الشعر العربي، الأمر الذي أفرد له نقاد ودارسون حينها العديد من المقالات والدراسات. تابع بريفير، إصدار مجاميعه الشعرية فقد تبع عمله الشعري الأول مجموعته «مشهد» 1951، ومجموعة «رقصة الربيع الكبرى»، ومجموعتيه «أضواء الإنسان»، و«المطر والصحو» 1955، وصولاً إلى مجموعته الأخيرة «أشياء وأخرى» عام 1972، اكتسب مؤهلاته وخبراته كرجل عصامي من المطالعة على كتب الآداب العالمية، ومنها العربية، كما كان شغوفًا بكتاب «الف ليلة وليلة» كما ذكر آرنو لاستر في تحقيقه عن حياة بريفير الذي نشره في مجلة «مغازين ليترير» الفرنسية. عمل بريفير، الذي لم ينل حظاً من التعليم، في السوق قبل التحاقه بالخدمة العسكرية وهو في العشرين من عمره بعدها قرر أن يجد مهنة له وعن ذلك يقول: «قررت أن تكون مهنتي هي الكتابة للسينما، إنها تريحني وأحبها، وهكذا صارت الكتابة مهنتي». وفي مجال السينما كتب بريفير فيلم «جريمة السيد لانج»، وفيلم «فاجعة غريبة»، بالإضافة إلى العديد من الأفلام التي جعلته، وفقا للشهادات النقاد أنه «من أروع كتّاب السينما الكلاسيكية الفرنسية». لم يتضمن شعر بريفير كما جاء في المقدمة التي وضعها المترجم سامي مهدي لمختارات من شعر بريفير قضايا وجودية كبرى، كذلك لم يغفلها فقد كان يدخل إليها من أكثر مداخلها بساطة ولياقة، فهو لا يتأمل بدلاً من قارئه إنما يدفعه للتأمل بنفسه، يدفعه إلى الاكتشاف ولبهجة ودهشة الخيال، ويضيف المترجم، في تقديمه للكتاب الصادر عن دار المأمون للنشر، بأن قصائده تفيض بمحبة الإنسان والقسوة على أعدائه، كان مع الحب والسعادة والجمال، مناهضا للقبح والاضطهاد، يكتب بحرية أقرب إلى العفوية والطلاقة اللسانية، بلا زخرفة ولا تزيين، يطلق المفارقة والسخرية في نوع من التداعي الحر. قهوة وسيجارة وصمت «صبّ القهوة في الفنجان صب الحليب في فنجان القهوة/‏ وضع السكر في القهوة والحليب/‏ وبالملعقة الصغيرة راح يدير/‏ شرب القهوة بالحليب/‏ ووضع الفنجان من دون أن يكلمني/‏ وأشعل سيجارة وراح يعمل دوائر من الدخان/‏ نفض الرماد في المنفضة من دون أن يكلمني/‏ من دون أن ينظر إليّ قام وضع قبعته على رأسه لبس معطفه المطري لأن الجو كان مطيرا/‏ وخرج تحت المطر من دون كلمة/‏ من دون أن ينظر إليّ/‏ وأنا وضعت رأسي بين يدي وبكيت». * من قصيدة جاك بريفير «الإفطار»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©