الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إني لأحبك في الله يا معاذ

إني لأحبك في الله يا معاذ
12 مايو 2011 20:17
أخرج أبو داود في سننه وأحمد في مسنده «عن مُعاذ بن جبل- رضي الله عنه- أن النبي- صلى الله عليه وسلم- أخذ بيده يوماً ، ثم قال: يا معاذ، إني لأحبُّك، فقال له معاذ : بأبي أنت وأمي يا رسول الله، وأنا أحبُّك، قال: أوصيك يا معاذ، لا تدعنَّ في دُبُر كل صلاة أن تقول: اللهم أعنِّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك» (أخرجه أحمد و أبو داود). ومعاذ بن جبل الخزرجي الأنصاري، كنيته أبو عبد الرحمن أحد السبعين الذين شهدوا العقبة من الأنصار، وكان عمره ثمانية عشر عاماً، وقد آخى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بينه وبين عبد الله بن مسعود- رضي الله عنهم أجمعين-، واشترك في عدة معارك أولها معركة بدر الكبرى، وطالت صحبته لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- حتى حصّل علماً كثيراً، وقد أشاد به الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- فقال: «كنا نشبهه بإبراهيم- عليه الصلاة والسلام-، وكان أمة قانتاً لله حنيفاً، ولم يك من المشركين»، وهو أحد الأربعة الذين حفظوا القرآن زمن رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، قال عبدالله بن عمر- رضي الله عنهما- أربعة لا أزال أحبهم بعدما سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول: «اقرءوا القرآن عن أربعة، من ابن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل»، شهد له رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بأنه أعلم الصحابة بالحلال والحرام، ولا غرو فمعاذ- رضي الله عنه- رُبِّيَ في مدرسة الرسول- صلى الله عليه وسلم- منذ نعومة أظفاره وتَخَرَّج على يديه، فنهل العلم من ينابيعه الغزيرة، وأخذ المعرفة من معينها الأصيل، فكان خير تلميذ لخير مُعَلِّمٍ. وقد اهتم - رضي الله عنه - برواية الحديث، كما اهتم بالفقه والقضاء، فعينه النبي- صلى الله عليه وسلم- قاضياً ومعلماً في اليمن، ثم عاد إلى المدينة وعينه عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- والياً على بلاد الشام بعد وفاة أبي عبيد عامر بن الجراح في طاعون عمواس، وتوفي- رضي الله عنه- في غور بيسان سنة ثماني عشرة للهجرة بمرض الطاعون الذي كان منتشراً في بلاد الشام وقتئذ، وحينما علم عمر-رضي الله عنه- بوفاته تأثر وقال: «عجزت النساء أن يلدن مثل معاذ ولولا معاذ لهلك عمر». ومن المعلوم أن النبي- صلى الله عليه وسلم- كان يحب معاذاً - رضي الله عنه -حباً شديداً، ويرى فيه أنه أهل لحبه وقربه. وعند دراستنا للحديث الشريف السابق نتعرف على المنزلة الرفيعة التي حظي بها معاذ-رضي الله عنه- عند الرسول- صلى الله عليه وسلم- حيث أوصاه بهذه الوصية الجامعة الوافية بكل ما يريده المسلم في دنياه وآخرته، لأنه- رضي الله عنه- كان يحب الذكر والشكر وسائر العبادات. وإذا أعان الله عبده على ذكره بالقلب واللسان والعقل، فقد زَجَّ به في ساحة قربة، وأدناه من حضرة قدسه، {الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوب* الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ} (سورة الرعد الآيتان 28-29)، ومن المعلوم أن أحداً من الأولين والآخرين لم يُتقن فَنَّ ذكر الله كما أتقنه محمد- عليه الصلاة والسلام- ، حيث إن الصيغ التي وردت في هذا كثيرة جداً، منها أن النبي- عليه الصلاة والسلام- كان إذا أوى إلى فراشه قال: «اللهم أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهْبة إليك، لا مَلجأ ولا مَنْجي منك إلا إليك ، آمنت بكتابك الذي أنزلت، ونبيك الذي أرسلت» (أخرجه البخاري). وكان إذا استيقظ من نومه قال: «الحمد لله الذي عافاني في جسدي، ورَدَّ عليَّ روحي، وأذِن لي بذكره» (أخرجه الترمذي). وكان إذا لبس ثوباً جديدًا قال: «الحمد لله الذي كساني هذا الثوب ورَزَقَنيه مِن غير حولٍ مني ولا قوة)(أخرجه أبو داود). وكان إذا انتهى من طعامه قال: « الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين» (أخرجه الترمذي) وكان إذا خرج من الخلاء قال: «غفرانك» (أخرجه ابن ماجة)، ويقول: «الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني» (أخرجه ابن ماجة). وكان إذا بدأ سفراً قال: «اللهم أنت الصاحب في السَّفر، والخليفة في الأهل، اللهم اصحبنا بنُصحك، واقْلِبْنا بذمة، اللهم ازْوِ لنا الأرض، وهَوِّن علينا السفر، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنقلب» (أخرجه الترمذي). وكان إذا عاد من سفر أو غزوٍ قال: «آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون)(أخرجه البخاري). وكان إذا رأى الهلال قال: «اللهم أهلّه علينا باليُمْنِ والإيمان، والسلام والإسلام، ربي وربك الله»(أخرجه الترمذي). وكان فَنُّ الدعاء على لسانه غريباً.. كان يقول: «اللهم اجعلني لك شَكّاراً، لك ذكّاراً، لك رَهَّاباً، لك مُطيعاً، إليك مُخبتاً، إليك أوَّاهاً منيباً « (أخرجه ابن ماجه). وأدعيته- صلى الله عليه وسل- وأذكاره في هذا كثيرة ... نفعنا الله بصاحب الرسالة- صلى الله عليه وسلم- وبما نزل عليه من كتاب جليل كريم. وأما شكره، فهو روح الإيمان وبرهان صحته وثمرة من أعظم ثمراته، فقد كان سيدنا ?محمد- صلى الله عليه وسلم- الأسوة الحسنة، والقدوة العظمى، في الشكر لخالقه- عز وجل-، حيث قام- صلى الله عليه وسلم- الليل مصلياً وداعياً حتى تورمت قدماه، وعندما سئل- صلى الله عليه وسلم- لم كلّ ذلك يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ كان جوابه: ?«إذا كان ذلك كذلك، أفلا أكون عبداً شكوراً». وبين لنا- صلى الله عليه وسلم- أن المؤمن الصادق مأجور من الله سبحانه وتعالى في حالتي الشكر والصبر فقال: «عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له « (أخرجه مسلم). وأما حسن العبادة فهو قمة التوحيد الخالص وروح العمل الصالح، ودليل الخلق الفاضل والسلوك النبيل، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ* مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ* {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} (سورة الذاريات الآيات 56-58). وقد وعد الخالق-عز وجل- الذين يخلصون له العبادة والطاعة بالثواب الجزيل، وبالسعادة في الدنيا والآخرة، فقال تعالى : {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لايَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} (سورة الطلاق الآيتان 2-3) ، وقال أيضا: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} (سورة النحل الآية 97)، فالعبادات في الإسلام شرعها الله سبحانه وتعالى لإصلاح النفس، ولتزكية القلوب، ولسعادة الإنسان في حياته وبعد مماته فعلينا أن نحافظ عليها لنكون ممّن رضي الله عنهم ورضوا عنه. كما يجب علينا الاستمرار في طاعة الله في السراء والضراء، وفي العسر واليسر، وفي السفر والإقامة، وفي جميع الأحوال للحديث الشريف(احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك) (أخرجه مسلم) . إن الواجب علينا أن نلتزم بكتاب ربنا وسنة نبينا محمد- صلى الله عليه وسلم- فهما سبب السعادة في الدنيا والنجاة في الآخرة . الشيخ الدكتور يوسف جمعة سلامة خطيـب المسـجد الأقصـى المبـارك www.yousefsalama.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©