السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«مرثية ناقصة لحسن شريف»

«مرثية ناقصة لحسن شريف»
21 سبتمبر 2016 15:22
«أن تكون ميتاً يعني أن تعبر مَحيط الأمواج التي تظل أمواجاً إلى الأبد بلا فائدة إذن من انتظار هدأة البحر» إيتالو كالفينو (1) مات حسن شريف متأخراً ربما .. أو مبكراً بعض الشيء فصار هذا اليوم، هو يوم أسود آخر من أيام حياتي وسوف يليه يوم آخر وآخر و آخر على أية حال لا أتوقع أن أرى أحداً ولم يبق شيء حتى انتظره لا أحد ينتظر أحداً كل شيء قد تلاشى وراء ذلك الغروب المحبب إليّ حتى الثلج قد خدعنا ! لكن ماذا عن الزمن الذي مضى ؟ وإلى أين ستحملني الموجة هذه المرّة ؟ وماذا عن الحب والمرض والجنون والموت هذا الموت الذي هو بمثابة تهديد خفي ماذا حدث ؟ ماذا يحدث لي ؟ ولماذا كل هذا الضباب الداكن في التوابيت ؟ هل أستطيع أن أقول إنه هو شعوري بتفاهة الحياة وعبثية الوجود ؟ هل هو ذروة اللذة في تعذيب النفس ؟ هل هي الرغبة اللاشعورية في الهروب من قسوة الوقت أم هو الاقتراب من حافة الهاوية ؟ يا لها من خسارة لقد فات الأوان لم يأت أحد ولن يجلس أحد إلى مقعد في حديقة كل أشجارها من صفصاف ونسيان لقد مات حسن شريف لا يهم موعد الموت، فقد رحل لقد اختفى لكنه اختار موته لقد أنهى حياته، ولن يزعجه أحد هذه المرة لقد أنهى حياته من دون أسف أو ندم، وهذا يكفيه لنرحل إلى مكان آخر هذا ما يقوله أندريه جيد. لكن إلى أين هذه المرة، ولماذا الآن تحديداً ؟ بعد رحيل «أحمد راشد ثاني» أصبت بخيبة أمل وبدأت أحس بالاختناق لقلّة الحب وعفونة الهواء. لا أعرف، ولا يهّمني أن أعرف، ولا شيء يهم ! وكل ما قمت به هو الهروب إلى الفلبين مثل طائر يبحث عن بيضته هناك في بلاد الفلبين وتحت سماء عارية رأيت فراشات بيضاء بلون الثلج رأيت طيوراً بدأت أفتقدها رأيت البحر لآخر مرة. بدا البحر بعيداً، وأبعد بصورة غير عادية غداً كلنا سنموت، الليل سيموت، والنهار أيضاً سيموت واليوم يا حسن شريف ترحل دون أن تخبرنا إلى متى نأسف على حياة لم تعد تشبهنا، ولا تليق بِنَا إلى متى نأسف على الموت. الموت الذي يسرقنا من دون أن يستأذن. وكم من الوقت يلزمنا كي نرمم ذاكرتنا. كي نرسم صور الأصدقاء في رؤوسنا. الأصدقاء الذين لن نمتلكهم أبداً وكم من السنوات يلزمني حتى انتظر الذين لا يأتون وأنا هو الشخص الذي لا يريد أن يصدق أنه مات في يوم آخر أسود كما مات أصدقاؤه الرائعون من قبل. (2) «اليوم الأخير لشخص هو يومه الأجمل» آرثر رامبو لأننا نتذكر أيام طفولتنا لأننا نفتقد أشياءنا الصغيرة ولا نكف عن ترتيب أحلامنا التي بلون زهرة زرقاء حتى البحر يتنفس الأزرق ويستقبلنا بقميصه الأزرق وربطة عنقه الصفراء يقف أمام المرآة مثل جنرال متقاعد ليتذكر آخر حبيباته وبعد أقل من ساعة وربما أكثر يتمدد على سرير فارغ في نهاية هذا العالم ثم يسرق آخر نظرة للحياة ويموت بسبب قلة النوم لأننا نتذكر كل ذلك سوف نتألم كثيراً لأجل من أحببناهم ولأجل من نفتقدهم على الدوام ولأجل كل من تسبب لنا بالكثير من الدموع وعلى أية حال وفي هذه اللحظة وفي هذا اليوم من العام سوف أجلس إلى طاولتي وأحاول أن أكتب لكم : إنني افتقد حسن شريف كثيراً وأن العاصفة ، باتت تهز أبواب روحي المنهكة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©