معتز الشامي (دبي)
«في كأس العالم الحالية، ستكون النتائج الخاصة بتقنية الفيديو إيجابية للغاية، قبل اعتماد تلك الهدية من الفيفا إلى دوريات العالم»، هكذا بدأ السويسري إنفانتينو رئيس الاتحاد الدولي، كلماته لوسائل الإعلام قبل أيام قليلة مضت، في معرض حديثه عن رأيه في تقنية الفيديو وتوقعاته بنجاحها، لاسيما وأن مونديال موسكو، سيشهد الاستعانة بتلك التقنية للمرة الأولى وبشكل رسمي.
ويأمل الفيفا، ومعه المجلس التشريعي الدولي، إيفاب، في أن تلعب تقنية الفيديو دوراً في إعطاء كل ذي حق حقه، خلال مباريات المونديال الذي انطلق أمس بمباراة الافتتاح بين السعودية وروسيا، ويتمنى خبراء «إيفاب» أن تتقبل الجماهير تلك التجربة لاسيما وأن مباريات كأس العالم تختلف عن غيرها من البطولة، في ظل الهواجس التي تتعلق بتخوفات من فشل التطبيق أو عدم إعطاء نتائج مرجوة.
إلا أن الاتحاد الدولي استعد جيداً لإظهار تلك التقنية في أبهى صورة، عبر تطبيقات سابقة سواء في مونديال الأندية في آخر عامين، أو كأس العالم للقارات بروسيا، بخلاف متابعة نحو 1500 مباراة في دوريات العالم المختلفة والتي تطبق بالفعل تلك التقنية منها الدوري الإيطالي، والألماني والأسترالي والكوري، بالإضافة لبعض مباريات من الدوري الإماراتي، حيث تقوم مراكز أوروبية متخصصة في المتابعة الدقيقة لتطبيق التقنية على الواقع، ورصد الإيجابيات والسلبيات المرتبطة بها. وتفيد المتابعات أن الاتحاد الآسيوي، ينتظر أن يرى رد فعل العالم على تلك التقنية في بطولة بحجم المونديال، قبل أن يتخذ قراراً نهائياً بالاستعانة بالتقنية في كأس آسيا 2019، تمهيداً لفرضها في مباريات دوري أبطال آسيا في خطوة لاحقة.
فيما كشفت الإحصائيات والتقارير الرسمية الصادرة من مجلس «إيفاب»، أن التجربة التي استخدمت حتى الآن فيما يصل إلى أكثر من 1500 مباراة، ببطولات محلية وعالمية، قد شهدت تدخلاً من حكم الفيديو، بواقع 553 مباراة، بينما كانت نسبة القرارات الصحيحة هي 99%، ما يعني وجود نسبة 1%، لقرارات وتدخلات غير سليمة من حكم الفيديو، إما لسوء التواصل بين الطاقم، أو لسوء تقدير المسؤول عن تلك التقنية، وهي نسبة تعتبر مقبولة، طالما كانت كفيلة بتقليص الأخطاء «الخطيرة» المؤثرة على نتائج المباريات، خصوصاً في صحة الهدف من عدمه، وركلات الترجيح والكروت الحمراء والصفراء.
ووفق إحصائيات إيفاب، فقد أسهم تدخل تقنية الفيديو في ارتفاع الحالات الصحيحة، بالنسبة لتسجيل الأهداف من عدمها، أدى استخدام التقنية لزيادة الأهداف الصحيحة وإلغاء الخاطئة بنسبة 99.1%، كما قضت التقنية على ظاهرة عدم تحديد هوية اللاعب مرتكب الخطأ، والتي تحدث في بعض المباريات، وجاءت النسبة 100%، أما في قرار ركلات الترجيح، فقد أسهمت في الوصول بمعدل القرار إلى 98.5% بدلاً من 91% قبل التقنية في تلك المباريات التي خضعت للمسح التحليلي، والذي تتكفل به 3 جامعات متخصصة في أوروبا، ويتوقع أن يصل معدل القرارات الصحيحة خلال التطبيق في المونديال لنفس تلك الأرقام.
أما أكبر التحديات التي يأمل الفيفا في أن تتجاوزها تلك التقنية فهو الوصول بزمن إعادة اللقطة وإيقاف المباراة لاتخاذ القرار النهائي، مدة أقل من دقيقة و20 ثانية، والذي يعرف بـ«الزمن المثالي للتطبيق»، وهو ما حرصت إدارة التحكيم على علاجه خلال التدريبات المكثفة للأطقم قبل انطلاق مونديال موسكو.
على الجانب الآخر، قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بث لقطات الفيديو التي يقوم بمراجعتها حكم الفيديو المساعد عبر شاشات كبيرة داخل الملاعب المستضيفة لمباريات مونديال روسيا، وهو قرار يهدف لنشر ثقافة التعامل مع تلك التقنية وإقناع الجماهير في الملعب بالقرار الفني للحكم، حيث كانت انتقادات قد وجهت لتلك التقنية، وفي عدم قدرة الجماهير الجالسة داخل الملعب على مشاهدة إعادة اللقطات التي يراجعها حكم الفيديو المساعد، وقد استجاب الفيفا لهذا المطلب، خلال المونديال الحالي، حيث سيتم إبلاغ الجماهير عندما تتم مراجعة واقعة ما، وأسباب اتخاذ القرار. ولن يتم بث إعادة اللقطات أثناء مراجعتها من قبل الحكم، ولكن بعد أن يتخذ الحكم قراره، بهدف رفع الضغوط عن كاهله. وسيتواجد أربعة حكام للمساعدة في عملية الفيديو في كل مباراة ضمن البطولة الحالية، حيث ستعرض الإعادات على شاشات عملاقة داخل الملاعب، من جانبه شرح الإيطالي بييرلويجي كولينا، المسؤول عن التحكيم خلال ندوة تدريبية قبل انطلاق المونديال بأيام قليلة، قائلاً: «كل شيء سيكون مركزياً في مكان واحد في موسكو، وجميع الحكام سيكون مقرهم في موسكو».
وقد تم تدريب مجموعتين من 36 حكماً و63 مساعداً لكأس العالم، حيث تم تنظم ورش عمل حول تقنية المساعدة بالفيديو في التحكيم، وكشف كولينا، رئيس لجنة الحكام بالاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا»، خلال الندوة التثقيفية في إيطاليا، أنه تم اختيار 13 حكماً بشكل مبدئي لإدارة تقنية المقاطع المصورة «فيديو» المساعدة للحكام خلال كأس العالم. ولم يعلن كولينا عن أسماء الحكام الـ13 الذين تم اختيارهم، ولكنه أوضح أن ثلاثة منهم يحملون الجنسية الإيطالية، بالإضافة إلى ألمانيين وهولندي وبرتغالي، كما أكد أنه من الممكن أن يتحول 35 حكماً آخرون من الأساسيين إلى حكام فيديو لمباراة واحدة أو أكثر.
وخلال الندوة، دافع كولينا عن تطبيق تقنية «الفيديو» في المونديال، محذراً في الوقت نفسه من أن التكنولوجيا لا يمكنها القضاء على الجدل نهائياً في كرة القدم ولن تقدم دائماً إجابات شافية، لكننا واثقون من النجاح، وواثقون أن تلك التجربة ستزيد إثارة كرة القدم ولن تقتلها، على حد تعبيره.
واستطرد الحكم الإيطالي السابق قائلاً: «ستظل هناك أشياء ليست لها إجابات نهائية». وقد عقد اجتماع مساء أول من أمس في موسكو، جمع الحكام والمساعدين والمسؤولين عن تقنية الفيديو، من أجل وضع اللمسات الأخيرة على الاستعدادات التقنية للعرس الكروي الكبير. وأضاف: «إذا رأيتم أحد الحكام المساعدين لا يرفع رايته، فذلك لا يعني بأنه أخطأ، بل لأنه احترم التعليمات بعدم رفع رايته في الحالات المشكوك فيها، حيث طلبنا من جميع الحكام المشاركين عدم رفع راياتهم إذا كانت هناك حالة تسلل مشكوك بها أو غير واضحة».
على الجانب الآخر، شرح الحكم الإيطالي روبرتو روزيتي كيفية عمل تقنية الفيديو في البطولة وقال:«سيكون هناك أربعة حكام فيديو، والحكم الرئيسي سيتواصل مع حكم الساحة ويمكنه اقتراح أن يأتي للتحقق من المشاهد على الخطوط الجانبية، وستكون مهمة حكم الفيديو المساعد الرقم واحد، متابعة مجريات المباراة أثناء إجراء المراجعة، وحكم الفيديو المساعد الرقم 2 سيكون مسؤولاً عن التسلل بشكل خاص، وسيتم وضع كاميرتين معدلتين خصيصاً لمراقبة التسلل خلال كأس العالم. وسيكون حكم الفيديو رقم 3 مسؤولاً عن مساعدة حكم الفيديو الرئيس، وإلى جانب حكام تقنية المساعدة بالفيديو، سيكون هناك أربعة تقنيين مسؤولين عن الشاشات وزوايا الكاميرا مع ممثل لفيفا لنقل القرارات مع شرحها على شاشات عملاقة.
ومن وجهة نظر فنية، سيستفيد المونديال من آلتي تصوير إضافيتين مخصصتين فقط لحالات التسلل، تم تركيبهما في أعلى الملعب لتعزيز تلك المنطقة، على الرغم من وجود 33 كاميرا للمباراة الواحدة بالبطولة.
عدد اليوم
