الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مركب الزمن يبحر بالزوار خارج العصر إلى حيث الدهشة

مركب الزمن يبحر بالزوار خارج العصر إلى حيث الدهشة
23 يوليو 2010 20:55
تعتبر «القرية الفرعونية» التي أنشئت في القاهرة عام 1975 من أهم المزارات السياحية في مصر، حيث تقدم نموذجاً مهماً يعتمد على الإنسان ومقدرته على محاكاة كافة أوجه الحياة التي كان يعيشها الفراعنة قبل آلاف السنين في مجالات الزراعة والصناعة والتجارة والحياة الاجتماعية. وتضم القرية المطلة على النيل العديد من المرافق الرائعة التي تعرض الوقائع اليومية لحياة الفراعنة، فضلاً عن متاحف متعددة الأنماط لحقب مختلفة من التاريخ المصري. يعود الزمن داخل «القرية الفرعونية» الواقعة في شارع البحر الأعظم على نيل الجيزة بالقاهرة إلى الخلف كثيراً، بحيث تتم معايشة الحياة التي كانت سائدة في زمن الفراعنة قبل نحو 5 آلاف سنة. محاكاة حياة الفراعنة تعد القرية من أهم المزارات السياحية في مصر، وتقدم نموذجاً مهماً يعتمد على الإنسان ومقدرته على محاكاة نمط الحياة التي كان يعيشها الفراعنة قبل آلاف السنين وكيف كانوا يمارسون الزراعة وصيد الأسماك وتحنيط الموتى وتصنيع ورق البردي والفخار مع تجسيد القصص والحكايات الشيقة التي حدثت آنذاك كقصة النبي موسى عليه السلام مع فرعون ورحلة خروج اليهود من مصر والقصة الأسطورية إيزيس وأوزوريس. ويقول الدكتور عبدالسلام رجب- المسؤول عن إدارة القرية: «إن والده د. حسن رجب وقع اختياره قبل نحو 35 عام على جزيرة يعقوب القريبة من شاطىء نهر النيل من ناحية الجيزة لتكون المكان المناسب لتشييد القرية الفرعونية وشرع في إعدادها وفق أسس علمية تتفق مع شواهد الآثار ونظريات علماء المصريات، فبدأ زراعة النباتات والأشجار التي كانت سائدة في مصر الفرعونية كالبردي والخروع والزيتون والكافور والصبار، كما أتاحت له تلك الأشجار عندما نمت وارتفعت أطوالها عزل القرية عن كافة صور الحياة العصرية الممتدة في القاهرة والجيزة من حولها لاسيما الأبنية والعقارات». يسترسل مضيفاً: «قام والدي بجلب عشرات الأنواع من الطيور والحيوانات التي كان يعتمد عليها المصري القديم في حياته اليومية مثل (أبو قردان والبقر والجاموس والحمير والدجاج). وبعد تشييد عشرات البيوت والمعابد الفرعونية وتدريب نحو 150 شاباً على كيفية محاكاة حياة الفراعنة وارتداء ملابسهم وإتقان حرفهم التقليدية وبعد عمل متواصل لمدة عشر سنوات تم في العام 1984 افتتاح القرية للزائرين على مساحة 32 فدانا وبتكلفة بلغت 6 ملايين دولار». المركب الفرعوني يتم التجوال في أرجاء القرية بالنسبة للزائرين بواسطة المركب الفرعوني «الزمان» الذي يسير ببطء في القنوات والتفريعات المائية مما يمكن الزوار على مدى ثلاث ساعات هي زمن الرحلة من مشاهدة الشباب الذين يعملون بالقرية وهم يرتدون الأزياء الفرعونية ويجسدون صوراً مختلفة من الحياة. فهذا فلاح يحرث الأرض بمحراثه البدائي وآخر يصنع ورق البردي ويكتب الهيروغليفية وثالث يصنع الفخار. وعلى مرمى البصر يمكن مشاهدة نموذج مصغر لعمال ومهندسين يقيمون معبد الكرنك وكذلك مقبرة الملك توت عنخ آمون وكيفية نحت الصخور وتهذيبها». ومن أشهر معالم القرية عدة متاحف متنوعة لحقب مختلفة من التاريخ المصري يقول عنها د.عبدالسلام: «هناك 13 متحفاً في القرية بعضها يروي أسرار خاصة بالفراعنة مثل التحنيط والطب واستخراج الأدوية من الأعشاب ويوفر المتحف لزائريه فرصة مشاهدة خطوات عملية لطريقة التحنيط التي كان يقوم بها الفراعنة لموتاهم وكيفية لف المومياء بالكتان، إلى جانب وجود متحف خاص بطريقة تشييد الفراعنة لمراكب الصيد التي كانوا يستخدمونها وساعدتهم في الانتقال عبر البحر الأحمر إلى بلاد «بونت» بالصومال والتجارة مع شعبها». متاحف المعاصرين يوجد في القرية أيضاً متاحف لشخصيات معاصرة، يشير إليها رجب ويقول: «هناك متاحف أخرى لشخصيات عصرية لربط الماضي بالحاضر، مثل متحف مقتنيات رؤساء مصر السابقين جمال عبدالناصر وأنور السادات ومحمد نجيب والمطربة أم كلثوم ولاعب الكرة صالح سليم». ومن الأمور اللافتة في زيارة القرية الفرعونية بالجيزة أن العاملين بها ممنوعون من الكلام نهائياً مع الزوار، فقط يقومون بأداء عملهم كأنهم في حياتهم الطبيعية وقد وصلوا لتلك القدرة من الأداء بعد تدريبات متواصلة. واللافت أيضا وجود أماكن مخصصة للأطفال توفر لهم المتعة والبهجة كمتحف الشيكولاتة الذي يقدم لهم صورة واقعية عن طريقة تصنيع الشيكولاتة بأنواعها المختلفة، الى جانب مكان آخر مخصص لتعليم صناعة الفخار بالطريقة التي كانت منتشرة في عهد الفراعنة. موقع جغرافي ساهم موقع القرية الجغرافي وسط العديد من المزارات السياحية في العاصمة المصرية القاهرة في إضفاء لمسة جمالية على هذا المعلم السياحي فمن الغرب هناك الأهرامات وأبو الهول وحديقة حيوان الجيزة وعلى الضفة الأخرى من نهر النيل شارع المعز وقلعة صلاح الدين والمتحف المصري بالتحرير. فيما يحظى نموذج مقبرة توت عنخ آمون كما وجدها المكتشف هاورد كارتر عام 1922 بالأقصر بإقبال كبير من الزوار لاسيما في الأوقات التي تكون فيها المقبرة الحقيقية مغلقة للترميمات والصيانة فتكون القرية الفرعونية هي قبلة عشاق توت عنخ آمون. كما تستقطب الطيور المتنوعة في القرية الكثير من الأنواع النادرة والمهاجرة مثل (أبيض الصدر والرفراف والسنونو والسحنون الأرجواني والهدهد وأبو قردان) العديد من الزوار والسياح لمشاهدتها. انطباعات حول انطباعات الزوار والسياح عن القرية، وأبرز الجنسيات التي تفد للمكان يقول د. رجب: «نجد الدهشة والانبهار على الوجوه خاصة السياح الأجانب من فرنسا وأميركا واليابان لأنهم يعشقون التراث الفرعوني ويحرصون على زيارة المتاحف، وفي بعض الأحيان يعودون لزيارة القرية أكثر من مرة تارة بغرض متعة السفر عبر الزمن الى الماضي وأخرى للاستمتاع بالعروض الفلكلورية التي تقدمها فرق الفنون الشعبية بالقرية. كما يفد زوار من مختلف الجنسيات العربية إضافة الى أسر مصرية وشباب من طلاب المدارس والجامعات، فالكل يمضي يوماً سعيداً كأنما وجد آلة الزمن وعاد بها إلى عصر الفراعنة الذي يتمنى الكثيرون أن يمضوا به بعض الوقت للتعرف على أسراره الكثيرة». «المؤسس» ترجع فكرة إنشاء القرية الفرعونية في القاهرة إلى المعماري الراحل د.حسن رجب الذي شرع في بنائها فور عودته من أميركا عام 1974 فإعجابه بنموذج مدينة «ديزني» رغم اعتراضه على اعتمادها فقط على القدرة الميكانيكية في صناعة صور الماضي دون وجود للعنصر البشري كان أحد الأسباب المحرضة لإنشاء القرية. لكنه سعى لتلافي ذلك في مصر وتقديم نموذج يعتمد على الإنسان ومقدرته على محاكاة نمط الحياة التي كان يعيشها الفراعنة قبل آلاف السنين وكيف كانوا يمارسون حياتهم اليومية.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©