السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

محاضر ليوا .. عاصمة السياحة الصحراوية في الإمارات

محاضر ليوا .. عاصمة السياحة الصحراوية في الإمارات
22 يوليو 2010 23:57
تشهد محاضر ليوا خلال الفترة الحالية وحتى السابع والعشرين من الشهر الجاري من خلال الدورة السادسة لمهرجان ليوا للرطب 2010 عرسها الثقافي والتراثي. ومهرجان ليوا للرطب لم يعد مناسبة عابرة، فكل عام يتم التجديد للطروحات والضيوف وكيف تدار المواضيع المهمة التي توضع على جدول الأعمال وهذه التطورات جاءت نتيجة تراكم خبرات وتجارب وهي في هذا العام تأتي لتجدد مفهوم الجوانب التراثية والثقافية والمسابقات وغيرها، بحسب بيان صحافي بثته وكالة أنباء الإمارات “وام”. وتؤرخ محاضر ليوا لمرحلة مهمة من واقع إقليم الظفرة ودوره التاريخي والسياسي والاقتصادي الذي يظهر بشكل واضح في معالمه الأثرية من قلاع وحصون ضاربة في القدم ويؤكد أهمية الإقليم وعلاقاته مع أقطار قديمة تأثرت به وأثرت فيه. وحظيت منطقة ليوا باهتمام كبير مما كتبه عدد من الرحالة والمستشرقين الذين زاروا المنطقة خلال القرنين الماضيين، فقد تناول دراسة إقليم الظفرة فيما مضى عدد من الباحثين الأجانب أمثال “ج .ج . لوريمر” إذ جاءت كتاباته شهادة للدور الكبير الذي لعبه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه في هذا المكان وتعلقه به ومعرفته أدق تفاصيل المكان والناس. وينقل لوريمر في كتابه “دليل الخليج” تعلق الشيخ زايد بالمكان وأهله وقال: “حضرت بعثة إعلامية عربية تزور الدولة وتصف حياة الصحراء وقبل أن تذهب في رحلتها إلى البادية التقت الشيخ زايد حيث كان يجلس أمام خيمة كبيرة بيضاء وأمامه صقوره وراديو ترانزستور وبعض النوق التي يحلبون لبنها طازجاً ليقدم له ولشيوخ القبائل الذين كانوا يجلسون من حوله”. وأضاف: “بعدما صافحناهم دعانا الشيخ زايد للجلوس وكان طويل القامة رشيق البنية في عينيه بريق ذكاء وقاد ومنذ بداية حديثنا مع الشيخ زايد وتعرفه إلى مهمتنا قال لنا: هل تعرفون أن واحة ليوا كانت لها أهمية في القرون الماضية رغم ما يقوله البعض من أن العالم لم يعرفها إلا منذ القرن التاسع عشر؟ لقد كان أهلها في الماضي يعتمدون على النخيل والجمال والغوص، أما الآن وبعد انهيار صيد اللؤلؤ فقد أصبحت الحياة فيها شاقة، خصوصاً بعد أن ضعف اعتمادهم أيضاً على الجمال والتمر، إن ليوا تمتد من الشرق إلى الغرب، فهي تبدأ في الشرق عند قرية حميم وتنتهي في الغرب عند قرية عرادة، وإننا لن نجد أناساً كثيرين فبعض القرى التي سنمر بها لا يوجد فيها الآن أكثر من ستة أشخاص وهم خليط من بني ياس والمناصير وأغلب المناصير لا يملكون نخلاً وإنما يرعون في الصحراء. وتعتبر واحة ليوا الواحة الأكبر من نوعها في الجزيرة العربية والمدخل إلى الربع الخالي، حيث تشكل قوساً يمتد من الجنوب الغربي حتى الجنوب الشرقي في قلب إقليم الظفرة ويتراوح عرضها بين 40 إلى 50 ميلاً ويبلغ عدد محاضر ليوا حوالي مائة محضر على امتداد 120 كيلومتراً. وعلى الرغم من كثرة الخير الآن في المحاضر، إلا أن تلك الأيام ما زالت حاضرة في ذهن المواطن خلفان عبيد المزروعي أحد أبناء بدع زايد بالمنطقة الغربية، ولا يزال يتذكر أيام الشقاء الخوالي وضنك العيش فيها، حيث كان طعام البدو الرئيسي في المنطقة يتكون من التمر وحليب النوق والناس يعيشون على النخيل والإبل منها طعامهم ومسكنهم وشرابهم ومواصلاتهم. وقال المزروعي إن المنطقة كانت زاخرة بأشجار النخيل التي كانت أهم ما في حياة البدو وموردهم الرئيسي للعيش، إضافة إلى الركاب “الإبل” وكان أهالي المنطقة يعملون في الزراعة والرعي والغوص في جزيرة دلما القريبة منهم وكانوا يقومون ببيع إنتاجهم من التمر ومنتجات الألبان في أماكن أخرى كأبوظبي ودبي والعين وغيرها من المناطق. وأوضح أن المنطقة ظلت على حالها ولم يغيرها إلا اهتمام الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله فقرر تطويرها وبدأت يد التعمير والزراعة تطول محاضرها التي تمتد من محضر حميم في أقصى المحاضر الشرقية وحتى عرادة في أقصى المحاضر الغربية. وقال المزروعي إن أبناء ليوا يعيشون منذ زمن بعيد حياة اجتماعية تمتاز بالتماسك والألفة وتسود بينهم روح الأسرة الواحدة في كل مناسباتهم، حيث يتعاونون على إنجاز أعمالهم، لا سيما الزراعية منها ويشيدون منازلهم بصفة جماعية، حيث يجتمعون معاً صباحاً ومساء في مجالسهم تحت سقفها يتبادلون أطراف الحديث ويناقشون أمورهم ومن بين فناجين قهوتهم تصدر الحلول لكل ما يواجههم من مشكلات، وفي تلك المجالس يعلمون أبناءهم أمور دينهم وأساسيات لغتهم ويعرفونهم بعاداتهم وتقاليدهم. وأضاف أن محاضر ليوا تشتهر منذ أمد بعيد بجودة التمور وأشهرها الدباس، إضافة إلى أنواع أخرى من الرطب مثل الخلاص والبرحي والزاملي والشبيبي واليواني والخدي والجفري والحمري والخشكار والخضراوي والثويري. وأوضح أنه في محاضر ليوا تعتمد مزارع النخيل على الري من الآبار اليدوية وهذا يكون في بداية عمرها وبعد أن يكتمل نموها فإنها لا تروى بل تعتمد على نفسها في الاستفادة من المياه الجوفية ذات المستوى المرتفع حيث يتراوح عمقها ما بين 3 و5 أمتار وقد يصل إلى 10 أمتار. وأكد أنه عند الرغبة في إنشاء مزرعة جديدة في محاضر ليوا فإنه عادة ما يتم هذا العمل جماعياً ويعرف بالفزعة، حيث يتعاون عدد من السكان على حفر البئر وتبدأ عملية الحفر بصب الماء على المكان المراد حفر البئر فيه قبل عملية الحفر بيومين لكي لا يردم البئر عند حفره وعادة ما يكون موسم الزراعة بعد ظهور نجم سهيل. وقال إن الأجيال لم تتخل عن إرث آبائها وأجدادها، فقيم المجتمع وموروثاته وعاداته وتقاليده لا تزال متجذرة في نفوس أبناء الوطن على الرغم مما شهده المجتمع من تغيرات وتطورات في الفترة الأخيرة، فالأصالة والكرم والتواصل الاجتماعي خصال التصقت بأبناء الإمارات وقيادته الحكيمة. مهرجان مزاينة الرطب وقال المزروعي إن هذا المهرجان يذكرنا بأيام القيظ، حيث أعطت النخلة أهل المحاضر بلا حدود وكان موسم القيظ موسم فرح للبدو والحضر، فالحضر لا يطيب لهم المقيظ إلا تحت ظلال النخيل فيسلكون مدقات الصحراء ويعانون الكثير من أجل الوصول إلى الظلال الوارفة والرطب الطيب، أما البدوي فيرفع محصوله من الرطب على ظهور الإبل متوجهاً للمدن ليبيعه ويتقوظ “يشتري” حاجياته. من جانبه، قال حمود حميد المنصوري مدير عام بلدية المنطقة الغربية، بات أهل المحاضر يسكنون المساكن الحديثة منذ أواخر الستينيات، حين تولى الحكم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان فتغير كل شيء ولم تعد ليوا كما كانت، عدد من المحاضر غارقة في التراب ولم يعد أحد يجوب الصحراء بقطعانه من الماشية والإبل بحثاً عن الماء. وأضاف أن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان أمر منذ عام 1966 ببناء المساكن الشعبية في مختلف المحاضر وتوزيعها على الأهالي وتزويدها بالماء والكهرباء، ما أسهم في جعل أهل المنطقة يستقرون بها ويرتبطون بالأرض ويزداد تعلقهم بها. وقال إن إجمالي عدد المساكن الآن في محاضر ليوا يبلغ 773، منها 514 في المحاضر الشرقية و259 في المحاضر الغربية. وأضاف أن حكم زايد كان نقطة انعطاف في حياة بدو محاضر ليوا نحو التطور الكبير الذي نشهده ونعيشه حالياً، مشيراً إلى أن عدد المزارع في ليوا يبلغ 6 آلاف و969 مزرعة، منها 3 آلاف و949 مزرعة في المحاضر الشرقية و3 آلاف و20 مزرعة في المحاضر الغربية. 81 ألفاً و500 نخلة في ليوا وأوضح أن إجمالي عدد أشجار النخيل بمدينة ليوا حسب إحصاءات عام 2009 يبلغ حوالي 81 ألفاً و500 شجرة نخيل، مشيراً إلى أن هذا العدد لا يشمل أشجار النخيل في المزارع الخاصة. وأشار إلى أن عدد السكان في محاضر ليوا يبلغ 15 ألفاً و732 نسمة، منهم 6 آلاف و986 نسمة عدد سكان محاضر ليوا الشرقية و8 آلاف و85 نسمة عدد سكان المحاضر الغربية. وبخصوص الناحية الاقتصادية، قال: “كان أغلب سكان ليوا يمتهنون الزراعة وتربية الماشية حيث تشتهر ليوا بجودة تربتها وتنوع محاصيلها الزراعية، أما حديثاً فتوسع النشاط الاقتصادي لأهالي ليوا وذلك مواكبة لمنجزات النهضة الحديثة، فأصبح أبناء ليوا كغيرهم من أبناء الدولة يمتلكون المؤهلات العلمية والخبرات التي تؤهلهم لممارسة المهن المختلفة، فأصبح من بينهم المعلم والمهندس وغيرهم وسعوا إلى تنويع اقتصادات المحاضر حيث افتتحت فيها المحال التجارية والأسواق والمشاريع السياحية”. “الغربية” مركز سياحي وترفيهي من جانبه، أكد محمد حمد بن عزان المزروعي المدير العام لمجلس تنمية المنطقة الغربية، أن المنطقة الغربية دخلت مرحلة تاريخية من التطور والتنمية وأصبحت مركزاً سياحياً وترفيهياً بعد نجاحها في تنظيم عدد من الفعاليات والمهرجانات على مدار العالم. وقال: “إذا كانت المنطقة الغربية في يوم من الأيام تمثل الصحراء، فإنها اليوم تعتبر ورشة عمل كبيرة في مجال البناء والنفط والغاز وبها أكبر مصافي النفط في الإمارات، إضافة إلى زراعة متطورة، حيث تكثر بها المزارع”. وأوضح أن المنطقة حظيت في هذا العهد الزاهر بنهضة حديثة توافرت فيها شتى الخدمات والمرافق الحكومية وأخذت المؤسسات والدوائر الحكومية من المكان مقراً لها تقدم خدماتها للمواطنين في ظل عهد انتعشت فيه آمال أهالي المنطقة في مختلف المحاضر وهم يشاهدون يد التنمية تمتد في مختلف المجالات سواء كان ذلك في الصحراء أو البحر. استثمارات بـ98 مليار درهم أكد محمد حمد بن عزان المزروعي المدير العام لمجلس تنمية المنطقة الغربية، أن هناك عدداً من المشاريع السياحية التي ستغير شكل المنطقة بالكامل وستحتل المنطقة بعد الانتهاء منها موقعاً مميزاً على الخريطة السياحية المحلية والإقليمية وسيكون لها أثر فعال في زيادة الإقبال السياحي للمنطقة. وقال ابن عزان: “نتطلع للمستقبل بتفاؤل كبير، فالدعم الحكومي موجود والعزيمة لا حدود لها وسنستمر في بذل المزيد من الجهود حتى تتحول المنطقة إلى مركز جذب للأعمال التجارية والفرص الاستثمارية والسياحية”. وأشار إلى أنه قد تم بالفعل الإعلان عن استثمارات بقيمة 98 مليار درهم في مشاريع إنماء البنية التحتية والإنماء السياحي والاقتصادي في المنطقة. وفي ما يخص أهم المشاريع المتوقع تنفيذها خلال الفترة المقبلة، لفت ابن عزان إلى أن أهم المشاريع التي اعتمدت وسيتم تنفيذها في المحاضر هي إنشاء وإنجاز 420 مسكناً وتجهيز البنية التحتية لـ800 قطعة أرض سكنية. وأكد على أن محاضر ليوا ستستفيد من مشروع إنشاء وإنجاز أندية الحارات التي سينفذها مجلس أبوظبي الرياضي، إضافة إلى مشروع تدوير النفايات الثقيلة والذي يعتبر صديقاً للبيئة. وأشار إلى تعاون المجلس مع كل الجهات الحكومية الأخرى فيما يخدم مجال تطوير السياحة، لافتاً إلى أن منطقة ليوا تتميز بعناصر جذب سياحي متعددة من أهمها: توافر العديد من الآثار القديمة بالمنطقة والتي تظهر بعضاً من تاريخها العريق إلى جانب النهضة الحديثة التي تشهدها المنطقة وتوافر البيئة الأساسية التي تخدم النشاط السياحي كالطرق والفنادق والمتنزهات والمزارات السياحية والأسواق التجارية وغيرها. وأضاف المزروعي أن ليوا تتجه لتكون عاصمة السياحة الصحراوية في الإمارات وساعد على تأصيل ذلك بطولة تل مرعب السنوية، إضافة إلى مهرجان مزاينة الرطب.
المصدر: المنطقة الغربية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©