الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نصر للقرن الحادي والعشرين

11 مايو 2011 23:15
لقد مات الرجل الذي أطلق على نحو ناجح حرب الحضارات؛ ولكن حربه مازالت مستعرة. فأسامة بن لادن، لقي أخيراً المصير الذي وعده به بوش عندما نطق بالحكم الذي قال فيه إن الولايات المتحدة ستقبض عليه إن عاجلاً أو آجلاً، وأوباما هو من نفذ هذا الحكم. غير أن كلا الزعيمين حرصا حرصاً شديداً على أن يؤكدا للعالم الإسلامي في مناسبات مختلفة بأن الحرب على الإرهاب ليست حرباً ضد الإسلام؛ حيث كانا يعتقدان أنه من الضروري تكرار هذه التطمينات لأن الكثير من المسلمين صدقوا ادعاءات بن لادن الباطلة: أن أميركا، البلد غير المسلم، تقوم بقتل بعض المسلمين؛ وبالتالي، فإنها في حرب مع كل المسلمين. كما سقط الكثيرون في الغرب أيضاً في فخ بن لادن: بعض المسلمين هاجموا الأميركيين وغربيين آخرين؛ وبالتالي، فإن كل الإسلام هو في حالة حرب مع الغرب. وبالنسبة للمعسكرين اللذين يتبنيان هذه الآراء، فإن الحرب على الإرهاب هي حرب حضارات. غير أن الواقع، الأكثر تعقيداً والأقل قابلية للتعديل، هو أنه إذا كانت هناك حضارتان في حالة حرب، فإن هذه الحرب ليست بين المسلمين وغير المسلمين، بل بين حضارة القرن الحادي والعشرين وحضارة القرن السابع الميلادي، وذلك لأن بن لادن ومعتنقي أيديولوجيته المتطرفة يعارضون كل من يختارون (مسلمين و"كفاراً" على حد سواء) العيش في العالم المعاصر، عالم التسامح الديني بل وحتى العلمانية. فأولئك الأشخاص الذين نصبوا أنفسهم حماة للنسخة "الأصلية" و"الحقيقية" من الإسلام مثلما كان يمارس في عهد الرسول، لا يستطيعون قبول وتحمل مفاهيم من قبيل احترام أنظمة دينية مختلفة أو المساواة للنساء؛ حيث ينظر أتباع "القاعدة" و"طالبان "والسلفيون العنيفون، وما يقابلهم لدى الشيعة، إلى أنفسهم باعتبارهم حراس العقيدة الخالصة الحقيقية؛ ويريدون، بطريقة أو بأخرى، "إقناع" غير المؤمنين الضالين الامتثال لرؤيتهم للعالم. وقد وصف العاهل الأردني دافعهم بأنه "خالص" قطعاً - الرغبة الخالصة في السلطة - إذ قال: "إنهم شموليون دينيون، في صف طويل من المتطرفين من أديان مختلفة من يبحثون عن السلطة بواسطة الترهيب والعنف والوحشية". ومن جانبه، قال عنهم بوش: "لقد سبق أن رأينا أمثالهم من قبل؛ إنهم خليفة الفاشيين والنازيين والشيوعيين وشموليين آخرين من القرن العشرين؛ والتاريخ يخبرنا كيف ستكون عاقبتهم – هزيمة الشموليين الإرهابيين والانتصار لقضية الحرية". والواقع أن اللحظات الأخيرة لابن لادن ومحيطه تعكس وتلتقط بشكل جيد عقليتهم المريضة إذ لم يتوانوا في استعمال امرأة كدرع بشرية. ولاشك أنها كانت مسلمة أيضاً. إن إرهاب بن لادن لا يمثل جانباً واحداً من حرب الحضارات؛ بل هو الحرب على الحضارات. وموت بن لادن ليس نصراً للحضارة فحسب، وإنما دفاع أساسي عن الإنسانية الحديثة حول العالم. ولعل الضربة القاصمة الحقيقية للطريقة التي ترى بها "القاعدة" العالم هي حركة "الربيع العربي"، التي ترفض الحكم المستبد والشمولية الدينية؛ حيث قررت أغلبية العرب والمسلمين أن لديها القدرة (والحق) في أن تتمتع بالدين والحرية معاً. وأغلب الظن أن بن لادن ما كان ليشعر بالرضا تجاه هذه الثورة! جوزيف إيه. بوسكو مستشار في الأمن القومي الأميركي ومسؤول سابق في وزارة الدفاع الأميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©