أعرني صوتك..

مختارات من أشعار: ماريتسا لوبيث – لاسو* هايكو ** 1 زخات المطر تبلل العشب الأخضر مرحبا بالصيف! 2 سجادة حمراء تغطي السور الكبير بآلاف من أوراق الشجر. 3 من خلف الكراسي ستار من أشجار تتخللها أشعة الشمس. 4 بالأحمر والأخضر يتشح النبات الاستوائي استعدادا للخريف. 5 على الأحجار يستريح ظلي والشمس على رقبتي. 6 رائحة الياسمين وعطر الزهور تقبل منخاري. 7 زقزقة العصافير على أغصان الشجر توقظ أذني من غفوتها. 8 حين أمشي تتحدث الطبيعة إليّ ونحلق معا. 9 آلاف الأجرام السماوية فوق البحر تومئ لي بعيونها. 10 سوداء وبيضاء تقترب الهرة والفأر يهرب! 11 شكرا لك أيها الحزن فبدونك لا نعرف السعادة نعمة الحياة. 12 نولد ونموت نولد من جديد لتجدد الحياة 13 أحيانا نربح وأحيانا نخسر الحياة محض لعبة. 14 أصوات ضحكات على وقع أصوات الحزن أيا حياتي العزيزة! 15 جرس أبيض وفي القلب تنام النباتات الاستوائية. 16 لا أسمع صوت الصمت أعرني صوتك. 17 الضوء صديقي سعادة الروح لا غني عنها. 18 باللونين الأسود والرمادي تترك النوارس نقوشا عل السماء الزرقاء. 19 نجوم شجرة الروبلي(1) صفراء وحمراء وخضراء تغفو في الغابة الاستوائية. 20 ألسنة تكاد تشتعل تلعق شوك شجر الصفصاف وأشم رائحة الدم. 21 السعادة زهور تعانق الأسوار في غابة استوائية. حلم “ تهرب البلاد تماما كما تهرب المراهقة بقميص أبيض ورابطة عنق زرقاء” - ديانا موران(2) (بنما 1932- المكسيك1987) أحيانا أحلم بالعودة إلى بلدي إلى طفولتي وكأن شيئاً لم يتبدل أن أذرع شوارع بلادي الحافلة بالضوضاء والحركة أذرع مفتوحة وقلب حي من شارع الأرجنتين إلى ساحة فرنسا ومن ساحة إسبينوزا باتيستا المشمسة إلى ساحة إسبانيا الفسيحة أحياناً أحلم بأني أصحو على بلاد لم تعد موجودة محض خيال ضاع في الزمن أحلم مستيقظة بأني فقدت بلادي ولم تعد قدماي تتعرفان إلى الأرض التي أذرعها أحلم بأني أصبحت ابنة هذا العالم لا أنتمي إلى شيء. دم إفريقي، دم هندي “رطباً يأتي العالم إلينا من الغابات، وأشعة الشمس تحملنا في أوردتها” ـ نيكولاس جويين(3) تنتقدني لأن جسدي يرتجف عندما أسمع إيقاع الطبول وأستحضر أرواح الأجداد. تنتقدني لبشرتي الداكنة وللحلي المصنوع من المحار والشعاب المرجانية البراقة التي تزين جسدي تنتقدني لأني بعد هذا العمر الطويل الذي قضيته في عالمك الأكثر تحضراً مازلت أسمح لألوان ثمار البابايا ولزهور قصب السكر أن تحتضني ألا ترى أنى إن تخليت عما يغطيني أفقد ما تبقى لي من جذور؟ نوستالجيا “سوف أعود إلى هذه البلاد التي تنتمي إليّ قائلا: إن كان كل ما أستطيع أن أفعل هو أن أبوح بالكلام، فاني أبوح به إليك” - إيميه سيزير(4) أرنو إلى شوارع بلادي إلى البحر إلى الحوائط الزرقاء ترتفع أمام عيناي الصغيرتان ما زلت أذكر من كانوا يتحدثون معي ضحكات بريئة ضاعت مع الطفولة أكتشف سماء الحب تتفتح أمامي في ذلك البيت الأبيض ناصع مثل الصباح خضرة النخيل تتغلغل إلى القلب أذكر جدتي وبشرتها خليط من سكر وتبغ كانت كبيرة في قامتها وفي حبها تعقد غطاء رأسها على الطريقة الإسبانية على يديها وشم يلعق الحنين أصابعي ويهرب مني الزمن فلا أقاوم دموعي المتساقطة على الأوراق. كيف تتحكم في مهاجر؟ لتتحكم في مهاجر بين له برودة نظراتك. لتتحكم في مهاجر امسح ذاكرته ولا تمنحه ذاكرتك. لتتحكم في مهاجر من المهم أن ينسى حمولة الأحلام العتيقة التي سافر بها وأن تلغي لغته وأن تحرق ألوان جسده. لتتحكم في مهاجر عرقل خطواته بأوراق مستحيلة ولا تعطه إلا عملاً يبدو فيه طاعن السن كأجدادك ولا تعتبره أبداً جيداً في عمله. لتتحكم في مهاجر لا تسد رمقه في الحال. وأخيراً، لتتحكم في مهاجر لا تظهر له خوفك وغط وجهك بقناع ولا تنظر إليه أبداً في عينيه. هوامش: * تعد ماريتسا لوبيث ـ لاسو من أشهر شعراء بنما المعاصرين، تلقت تعليمها بجامعات بنما وباريس. أمضت 25 عاماً في أوروبا متنقلة بين فرنسا وإيطاليا وسويسرا قبل أن تعود إلى بنما عام 2011. لها عملين روائيين هما “دفتر حسابات” عام 2002 و”الهوى والحديد” عام 2007. ظهرت أغلب أعمالها الشعرية منشورة في الصحف والدوريات الأدبية بإسبانيا وأميركا اللاتينية. والنصوص المختارة هنا مترجمة عن كتاب: “القلب الذي أحيا به” 2008،El coraz?n con que vivo. ** الهايكو نمط شعري ياباني يتسم بالقصر الشديد. 1ـ شجرة استوائية ضخمة تعيش في أميركا الوسطى والجنوبية. 2ـ ديانا موران (1932 ـ 1987) من أشهر شعراء بنما حصلت على درجة الدكتوراه في الأدب الإسباني وتولت التدريس في جامعة المكسيك الوطنية المستقلة UNAM حتى وفاتها. من أهم أعمالها ديوان “باسم الإبن” عام 1966. 3ـ نيكولاس جويين (1902 ـ 1989) يعد أشهر شعراء كوبا ويعرف بشاعر كوبا الوطني، ومن أهم دواوينه الشعرية “قصائد حب” عام 1964 و”حديقة الحيوانات الكبرى” عام 1967. 4 ـ إيميه سيزير (1913 ـ 2008) شاعر وسياسي فرانكوفوني من جزر المارتنيك بالبحر الكاريبي. أسس حركة “الزنوجة” في الأدب الفرانكوفوني، ومن أهم أعماله “دفاتر عودة لأرض الوطن” عام 1939 ومسرحية “مأساة الملك كريتوني” عام 1963.