السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العنف في الهند··· هجوم على التعددية الثقافية

العنف في الهند··· هجوم على التعددية الثقافية
1 نوفمبر 2008 03:15
مع قرب موعد الانتخابات البرلمانية التي لم يتبق عليها سوى أشهر معدودة، تغرق الهند هذه الأيام في دوامة من الصدامات الدينية والعرقية، مما دفع الكثيرين في هذا البلد إلى التساؤل حول سبب ميل ديمقراطيتهم التعددية النشطة إلى تشجيع الصدام بين الجار وجاره بدلاً من درئه· تنتشر أجواء التوتر والاحتقان في مناطق عدة من البلاد، وقد انفجر أحدث نزاع في مومباي الأسبوع الماضي، حين قام حزب يزعم أنه يمثل ''الماراثا''، الذين يشكلون المجموعة العرقية الغالبة في الولاية، بمهاجمة هنود قدموا إلى المدينة من مناطق أخرى من البلاد من أجل التقدم لوظائف في ''السكك الحديدية الهندية''· الحزب، الذي يطلق على نفسه ''ماهاراشترا نافنيرمان سينا (أو جيش إعادة تكوين ماهارشترا)، يريد أن تكون هذه الوظائف من نصيب السكان المحليين فقط· وفي الحادي والعشرين من أكتوبر، قامت الشرطة باعتقال زعيم الحزب، ''راج ثاكراي''، بتهمة التحريض على أعمال الشغب، لينطلق بعد ذلك أنصاره في المدينة وضواحيها يعيثون خراباً، واضطرت معظم المتاجر والمحال التجارية في مومباي إلى إغلاق أبوابها· وبعد يوم على ذلك، أطلقت محكمة محلية سراح ''ثاكراي'' بكفالة، مما أدى إلى أعمال تخريب في ولاية بيهار الشمالية، التي قدم منها المهاجرون الذين هوجموا من قبل أتباع ''ثاكراي''، حيث قام المحتجون بعرقلة القطارات وتخريب محطات السكك الحديدية، متسببين في تعطيل حركة المسافرين هناك، في عدد من المناطق شمال الهند· في هذه الأثناء، انفجرت أعمال عنف بين الهندوس والمسلمين في مناطق أخرى من ولاية ''ماهاراشترا''، التي ينتمي إليها ''ثاكراي''، وامتدت جنوباً إلى ولاية ''آندرا براديش''، حيث أُحرقت عائلة من ستة أفراد في منزلها منتصف أكتوبر الماضي· كما استمرت الصدامات بين الهندوس والمسيحيين في الانتشار عبر شرق ولاية ''أوريسا''· وفي شمال شرق ولاية أسام، تَحارب البودو مع المسلمين الناطقين باللغة البنغالية، مما أسفر عن مقتل 50 شخصاً· وبموازاة مع كل ذلك، ظل التوتر قائماً في عدد من المدن الهندية بعد عدد من الهجمات الإرهابية التي تم تحميل مسؤولية معظمها للمحاربين الإسلاميين، غير أنه من بين العوامل أيضاً حركة التمرد في كشمير في الشمال، والميليشيات الماوية في وسط الهند· وأمام هذه الأجواء المشحونة، نشرت صحيفة ''ذا هيندوستان تايمز'' مؤخراً خريطة الهند وعليها بقع حمراء متناثرة تشير إلى المواقع التي كانت مسرحاً مؤخراً لأحداث عنف، غير أن مزيداً من هذه البقع ينبغي أن يضاف إلى الخريطة نظراً للأحداث التي وقعت خلال الأسبوعين اللذين أعقبا نشرها· وكان رئيس الوزراء مانموهان سينج، الذي كان يخاطب ''مجلس الاندماج الوطني''، قد وصف موجة أعمال العنف هذه باعتبارها ''هجوماً على ثقافتنا التعددية ''، مضيفاً أن ''جواً من الكراهية والعنف يتم خلقه بشكل مفتعل''· ولكن كيف فشلت أكبر ديمقراطية في العالم في تجنب مثل هذه الأعمال؟ الناقد الاجتماعي ''أشيس ناندي'' يقول إن الهند ديمقراطية بمعنى محدود أكثر بكثير مما يعرفه الكثير من الهنود، مضيفاً أنه على الرغم من انتخاباتها الشفافة إلى حد بعيد، فإن بعض الأركان الأساسية الأخرى للديمقراطية، مثل التسامح واحترام حكم القانون، هشة في أحسن الأحوال· ولم يستبعد ''ناندي'' أن تكون ديمقراطية الهند قد تراجعت في ضوء سعي مجموعة من الأحزاب السياسية الصغيرة المتنافسة إلى تعبئة طبقاتها وكتلها الانتخابية العرقية· يُذكر، في هذا السياق، أنه من المقرر أن تجري الانتخابات الوطنية الربيع المقبل، فيما يُتوقع عقد انتخابات خمس ولايات في نوفمبر· ويقول ناندي: ''بعض أنواع الخطاب القوي والحاد، إضافة إلى العنف، أخذ يتعمق ويتجذر كجزء من الثقافة الديمقراطية''، ووصفه بأنه خطر لا مفر منه بالنسبة لكل الديمقراطيات الكبيرة والتعددية· ففي النهاية -يقول ''ناندي''- فإن جماعة ''الكيو كلاكس كلان'' (العنصرية) صمدت في الولايات المتحدة، وما على المرء سوى أن ينظر إلى الرسائل العدائية في السباق الرئاسي الأميركي· أما عالم الاقتصاد الهندي المولد والفائز بجائزة نوبل ''أماراتيا سين''، الذي يجادل بشكل مقنع بقدرة الديمقراطيات على تجنب المجاعة، فقد أقر بأن هذه الدول نفسها، ومنها الهند، أقل فعالية ونجاحاً بخصوص تجنب النزاعات الطائفية· ففي حالة الجوع، يقول ''سين''، فإن نقاشاً عاماً نشطاً يمكن بسرعة أن يوفر رأسمال سياسياً كافياً لتجنب المجاعة· أما وقف الديماغوجيين من تأجيج العداوات، فتلك مسألة أخرى· وبالتالي، فالتوفر على حكومة منتخبة بشكل ديمقراطي لا يكفي وحده· وكتب ''سين'' في رسالة بالبريد الإلكتروني يقول: ''إن دور الديمقراطية فيما يخص تجنب العنف الطائفي يتوقف على قدرة العمليات السياسية على هزم التعصب السام في أنماط التفكير التقسيمية''، مضيفاً ''الكثير يتوقف على نشاط وزخم الحياة السياسة الديمقراطية، وليس وجود مؤسسات ديمقراطية فقط''· أما ''ديبانكار جوبتا''، عالم الاجتماع بجامعة ''جواهرلالنيهرو'' في نيودلهي، فيرى أن زعماء الهند باتوا منشغلين جداً باستمالة الأصوات في الانتخابات المقبلة لدرجة أنهم أغفلوا حماية المواطن، وذلك بصرف النظر عن أي طبقة أو مجموعة ينتمون إليها إذ يقول: ''إن الدين مهم والطبقة مهمة· إنهما بالطبع مهمان، ولكن شريطة ألا ينتهكا مبدأ المواطنة الأساسي· ولكننا في الهند نسينا هذا الأمر''· سوميني سينجوبتا- نيودلهي ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©