السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خطة لإفشال الانتخابات الأميركية

19 سبتمبر 2016 22:42
«تحقق الولايات المتحدة في خطة روسية خفيّة لإفشال انتخابات نوفمبر». قد يبدو هذا العنوان العريض لمقال نشرته صحيفة «واشنطن بوست» خلال الأسبوع الجاري، غريباً بالنسبة لأي إنسان لم يتعوّد سماع مثل هذه الأخبار أو يصدقها، وأنا أوافقه الرأي في أنه يبدو خبراً غريباً. فهل يعقل أن تتجرأ روسيا على تحقيق اختراق كبير للنظام الانتخابي الأميركي؟ يبدو لي الأمر شبيهاً بدور تمثيلي في فيلم من بطولة الممثل الأميركي المخضرم هاريسون فورد. وفي حقيقة الأمر، فإن علينا أن نتذكر أن السيناريو الذي يتم التحقيق فيه قد وقع بالفعل، ولو كان مثل ذلك قد حدث في بلدان أخرى من قبل على نحو شامل أو جزئي. وقد بدأ الرأي العام الأميركي يتداول بالفعل أجزاء متناثرة من هذه القصة. ويمكن القول بمعنى أدق، إن الأمر لم يعد «سرّياً» ولا «خفيّاً» على الإطلاق. ونظراً لأن الأميركيين لم يعهدوا التفرّج على هذا الطراز من الألعاب البهلوانية السياسية من قبل، خاصة لأنهم لا يتابعون الأخبار التي تتهاطل من أوروبا الوسطى وأوكرانيا، فإنني أعتقد أنه قد بات من الضروري نشر أخبار هذا السيناريو التآمري الروسي على أوسع نطاق، وأن يكون مبنياً على كشف التكتيكات الروسية السابقة في بلدان أخرى. ومما يبرر هذه الحاجة أن روسيا لا بدّ لها أن تنتهج في أميركا سلوكاً لا يختلف كثيراً عن ذلك الذي انتهجته في أي مكان آخر. وأعرض فيما يلي لسبعة أحداث يُحتمل أن نشهدها خلال الشهرين المقبلين: أولاً - يمكن لدونالد ترامب، المحوط بمجموعة من المستشارين من ذوي الارتباطات المريبة بشخصيات سياسية روسية، أن يقوّي من نغمة التركيز على أطروحاته التي اعتاد تكرارها مثل: تزوير الانتخابات، واستطلاعات الرأي المضللة، والناخبين الحقيقيين الذين لم يتم احتساب أصواتهم، وسياسيي النخبة الفاسدة التي تحيط بهيلاري كلينتون، والصحافة المتواطئة التي منعته من الوصول إلى البيت الأبيض. ثانياً - ستواصل روسيا توزيع ونشر المواد السرّية التي تمكن قراصنة المعلومات الروس من الحصول عليها من خلال اختراق البريد الإلكتروني للجنة الانتخابية للحزب الديمقراطي ومؤسسة المجتمع المنفتح التي يديرها جورج سوروس، ومن بيانات القائد الأعلى السابق لحلف «الناتو» الجنرال فيليب بريلاف، وآخرين. وسيكون الهدف من وراء هذه التسريبات تشويه سمعة كل «الجوقة» السياسية التابعة للحزب الديمقراطي المسؤولة عن إدارة الانتخابات وليس كلينتون وحدها. ثالثاً - في يوم الانتخاب أو ما قبله مباشرة، سيحاول قراصنة المعلومات الروس اختراق النظام الانتخابي الإلكتروني الأميركي. ونحن متأكدون الآن من أنهم قادرون على ذلك. فقد سبق لهم أن اخترقوا أنظمة تسجيل الناخبين في ولايتي إلينوي وأريزونا، وفقاً لما نشرته صحيفة «واشنطن بوست». وقد وجه مكتب التحقيقات الفيدرالي تحذيراً إلى مسؤولي ولاية أريزونا من أنه يشك بوجود عدة فرق من قراصنة المعلومات الروس. ولا يزال المكتب يجري تحقيقات حول احتمال حدوث حالات تواطؤ في العديد من الولايات الأميركية. وبدأ هذا الخطر يتفاقم بعد أن تم تعديل البرنامج التطبيقي الانتخابي، بحيث لم يعد مركزياً، وبات في وسع كل الولايات الدخول إليه. رابعاً - سيحاول الروس توجيه المسيرة الانتخابية وفقاً لإرادتهم، ولا شك في أنهم سيحاولون العمل على ضمان فوز ترامب. أو أن يحاولوا التلاعب بنتائج الانتخابات ذاتها، وهذا هو السيناريو الذي ينطوي على الخطر الأكبر، بحيث تكون النتيجة راجحة جداً لمصلحة كلينتون بعد أن يتركوا دليلاً قابلاً للاكتشاف بسهولة ويشير إلى أن عملية تلاعب سادت الانتخابات وبحيث تتهم بها حملة كلينتون ذاتها. خامساً - بمجرد الكشف عن هذا التلاعب، ستسود قطاع الصحافة والإعلام في الولايات المتحدة حالة من الهستيريا طافحة بالاستجوابات والتحقيقات والتحديات القانونية والتشريعية والاحتجاجات الشعبية الواسعة. وقد تؤدي إلى أزمة دستورية تعقبها حالة من الفوضى السياسية والاجتماعية التي يمكن أن تفضي في نهاية المطاف إلى تقويض سمعة البيت الأبيض برمته. وهنا بالضبط، ستحل اللحظة المناسبة لترامب، لينهض من بين هذا «الحطام السياسي» ليعلن على الملأ أنه هو الرئيس الحقيقي للولايات المتحدة. وبهذا تكون قد تهيأت له الفرصة لتأكيد ما وعد به مراراً من ضرورة «إبعاد كلينتون عن المسرح السياسي»، وليفتتح عهداً جديداً من العلاقات السياسية القوية مع الرئيس فلاديمير بوتين. ولمَ لا؟.. أليس هو الرئيس الأجنبي الوحيد الذي حظي بإعجاب ترامب؟ وحتى لو بقيت هيلاري في البيت الأبيض بعد ذلك، فستكون بمثابة الرئيسة ذات السمعة المشوّهة، ولا شك في أن جزءاً كبيراً من المجتمع الأميركي سيعتبرها رئيسة فقدت شرعيتها بعد أن سرقت هي وعصبتها السياسية نتائج الانتخابات من «الشعب»! سادساً - من المرجح أن تفشل عملية القرصنة، وألا تتمكن من الخروج من تحت سطح الأرض، إلا أن مجرد زرع الشكوك بشأنها سيطلق حملة لا نهاية لها من الشائعات المغرضة وخاصة في أوساط الناس الذين دأبوا على التشكيك في المسيرات الانتخابية كلها. وقد استبق الروس هذه المرحلة حين قالت وكالة الأنباء الروسية «سبوتنيك» إن المقال الذي نشرته «واشنطن بوست» باتهام الروس، ليس إلا تمهيداً لتزوير الانتخابات ذاتها. سابعاً - وإذا فاز ترامب في الانتخابات، فستنتهي المشكلة بالنسبة له. أما إذا خسرها، فستنفتح أمامه الآفاق لحصد المزيد من الأموال من مجرد الادعاء بأن «الانتخابات قد جرى تزويرها»، إذ يمكنه أن يفتتح شركة إعلامية خاصة به، وسيدعي من خلالها أنه هو بطل الأبطال! مديرة برنامج التحولات العالمية في «معهد ليجاتوم» - لندن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©