الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الموت يرسم لوحة حسن شريف الأخيرة

الموت يرسم لوحة حسن شريف الأخيرة
19 سبتمبر 2016 11:39
إعداد (القسم الثقافي) غيَّب الموت، مساء أمس، الفنان التشكيلي الإماراتي حسن شريف، أحد رواد الحركة التشكيلية في الإمارات، وذلك في المستشفى الأميركي بدبي، بعد صراع مع المرض. ويعتبر حسن شريف، من أوائل الفنانين والرواد في الحركة التشكيلية الإماراتية، بدأ حياته الفنية بالرسم الكاريكاتيري، ثم مارس الرسم الواقعي لكنه اشتهر وعرف بأعماله في الفن المفاهيمي، وهي التجربة التي قادته، لأهميتها وجذريتها، إلى العالمية، لا سيما في الفترة الأخيرة من حياته، حيث أقام معارض في معظم الدول الأوروبية وعواصم الفن، منها: فرنسا، ألمانيا، الولايات المتحدة الأميركية، كوبا، هولندا، ومصر، كما تُعرض باقة من أعماله في المجموعة الدائمة بالمتحف العربي للفن الحديث بالدوحة، ومتاحف أخرى في الشارقة وهولندا. لقد بذر حسن شريف مع زملائه من الفنانين الرواد، بذور الفن في المجتمع الإماراتي، ثم عمل بجد ودأب عجيبين على إرساء ونشر الفن المفاهيمي الذي بات هاجساً وحقلاً يبدع فيه عدد من الفنانين الذي تأثروا به ثم اجترحوا بصمتهم الخاصة أو بحثوا عن جدولهم في النبع الأصل.. لكن اجتراح هذا النوع من الفنون لم يكن سهلاً في ذلك الوقت، حيث لم يكن المجتمع مهياً لفن يخرج عن القواعد النمطية للوحة المسندة، ناهيك عن أن الفن بشكل عام كان موضع عدم تقبل ومعارضة في أحيان كثيرة. عانى حسن شريف، وتألم، من الرفض، وعاش مرارة الغربة الداخلية التي كانت تفتك بروحه، فيترجمها عقله الباحث، المتسائل، إلى أعمال فنية مستفزة للوعي والذائقة، كان حسن شريف فناناً مختلفاً، والمختلفون في الغالب يدفعون ثمن اختلافهم. لكن حسن شريف كان محظوظاً، أيضاً، بوجوده في الإمارات، هذه التجربة التي تطورت بسرعة هائلة، واستطاعت أن تنفتح على الحداثة والمعرفة الفنية في شتى تجلياتها، فكان حسن شريف على موعد مع الإنصاف، وسرعان ما بدأت أعماله وتجربته تأخذ حقها، بل وصار علماً من أعلام الفن في الإمارات. وقد التفتت هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة إلى تجربته المهمة والمفصلية، فما كان منها إلا أن تبنت أول معرض فني له في الإمارات عام 2011 وحمل عنوان: (تجارب وأشياء 1979-2011) في قاعة حي قصر الحصن الثقافي بأبوظبي، وترافق ذلك المعرض بإصدار كتاب حول تجربة حسن شريف بمراحلها المتعاقبة. بدءاً من رسوماته الكاريكاتورية طوال سنوات السبعينيات وحتى أعماله الأخيرة. سلطان سعود القاسمي: رائد الفن الأدائي حسن شريف فنان عملاق، وقد يكون أعظم فنان إماراتي؛ لأنه تخطى محيطه المحلي بأعمال وصلت إلى العالمية في وقتٍ مبكر، رأيت أعماله في متاحف بالبرازيل وأوروبا وفي قطر وسنغافورة وغيرها. في حياته كان يستحق أن يكون له متحف، فهو فنان نسف النمطية والكلاشيهات في الفن العربي والإماراتي، فخرج عن الرموز النمطية التي غالباً ما تظهر في الأعمال المحلية مثل النخلة والبحر والجمل والبيوت القديمة، لقد دمر الأفكار النمطية وتعامل مع المواد من البيئة ليعيد استخدامها فنياً مثل إعادة التدوير، في تمثيل للإنسان الإماراتي الأصيل الذي أعاد استخدام المواد من البيئة من حوله. لقد كان موسوعة فنية، فكان يرسم ويصور ويكتب وله أعمال تعبيرية، وهو أبو الفن المفاهيمي في المنطقة، وكان بلا منازع أول من قدم الفن الأدائي في الخليج، إنه علم من أعلام الفن الإماراتي، وتجربته تعد محطة مهمة من التأسيس للثقافة، ولا بد أن يطلق اسمه على معلم مهم في البلد. الخارج على النمطية محمد كاظم: فريد في موهبته قال الفنان التشكيلي الإماراتي محمد كاظم، أحد أبرز تلاميذ الرائد الراحل حسن شريف: «كان أستاذي، وأشرف على تجاربي وكل تجارب الجيل الأول والثاني والثالث في الإمارات في الفن التشكيلي، وساهم في نقلة وتحول كبير وجذري ليس فقط في مجال الفن التشكيلي، بل كان لحسن شريف إسهامات بارزة ومهمة وجذرية في التعليم والنقد والإعلام، وكان فريداً في موهبته وعطائه، ولا ننسى أنه كتب وترجم الكثير من الأعمال عن الفن العالمي الحديث والقديم أيضاً، وهو ما أسهم في نشر الفن البصري ليس في الإمارات فقط بل في كل منطقة الخليج». وأضاف كاظم: «هناك المئات من المقالات النقدية التي كتبها حسن شريف، إضافة إلى إبداعاته المتميزة في مجال الكاريكاتير، والتي تناولت العديد من القضايا في وقت مبكر، وهو من الفنانين القلائل الذين مارسوا فن الأداء الحركي والتجريبي، وكان ذلك في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات، وكل هذه الأعمال صنعت منه أيقونة وفناناً رائداً وكبيراً، ليس على مستوى الإنتاج والتجريب فحسب، بل على مستوى الرعاية التي وفرها للمواهب الشابة، حيث فتح قلبه وتجربته لهم، فأضاء خطواتهم، ومهد لهم الطريق بوعي مستقبلي نادر». وختم محمد كاظم: «عبد الرحيم شقيق حسن شريف حريص كل الحرص على حفظ وتوثيق تراث وأعمال الفنان الراحل، وابنه محمد عبد الرحيم قائم على هذا العمل بإخلاص حقيقي، وأتمنى من الجهات الرسمية أن تسهم في هذه الجهود، لأن حسن شريف ليس فناناً عادياً، إنه جزء من ذاكرة المكان، وذاكرة الأجيال». محمد يوسف: رائد التغيير رحل رائد التغيير في الإمارات والخليج العربي، الفنان الذي قلب المدارس والأساليب، الذي درسها ثم تمرد عليها. الفنان حسن شريف، القامة المؤسسة في تاريخ التشكيل الإماراتي، الذي زرع المكان مراسم للإبداع. وقضى عمره متنقلاً بين مرسم دبي في المكتبة العامة ومرسم الشباب في الهيئة العامة لرعاية الشباب والرياضة، ومرسم جمعية الإمارات للفنون التشكيلية، ومرسم المريجة في الشارقة مدرباً وموجهاً ومعلماً، ليشرب من كأسه الفنية الفنانون: محمد كاظم ومحمد أحمد إبراهيم وعبد الله السعدي وخليل عبد الواحد، وآخرون. حسن كان زميلاً وصادقاً وصابراً، ورغم ما لاقاه أصبح مُتابَعاً من دور العرض المحلية والعالمية، ويكفي أنه هجر الكثير من خصوصياته واقفل هواتفه ليتفرغ لفنه فقط، ليخلص له كما ينبغي. سبحان الله كنا نخطط لزيارته في مرسمه أنا وطلابي في كلية الفنون الجميلة، باعتباره واحداً من الفنانين وأنموذجاً في البحث. كان حسن شريف منفتحاً على كل الأفكار، وقد لمست ذلك في كتابته عن أعمالي التي أثارته لأَنِّني تخليت عن النحت المباشر، متجهاً إلى الأعمال التركيبية، منطلقاً من مفهوم جديد يعتمد على حركة الثابت والمتحرك. ترجل حسن شريف، وعزاؤنا أن ثروته الفنية باقية في متاحف الإمارات وبعض الجامعين لفنه، ولن ننساه لأن أعماله ومؤلفاته ستبقى أريجاً يعطر المكتبات. سعيد حمدان: فنان له حضور خاص وفاة حسن شريف خسارة كبيرة للساحة الثقافية الإماراتية والعربية والدولية، فمكانته الفنية قد تجاوزت المكان، وهو من الأسماء العربية الرائدة في مدرسة هو أستاذها وله تلاميذه ومحبيه، وحظيت أعماله الفنية بالتقدير والاهتمام في السنوات الأخيرة بعد أن أقيم له معرض شخصي أول في أبوظبي بعد سنوات طويلة من الاستمرار في العمل، وتقديم الجديد والنوعي رغم عدم التقبل لهذه المدرسة الفنية، غير أن إصراره واستمراره مع زملائه على الخط نفسه مكن من إيصال رسائله إلى المجتمع، أعماله لاقت نجاحاً لاحقاً، وتعد خالدة في تاريخ الفن. تابعته منذ بداياته في المعارض التي كان يشارك بها في الشارقة في الثمانينات، وكان دائماً له حضور قوي، وقوته أيضاً أنه استمر رغم الانتقادات وعدم التفهم لهذا التيار الفني. علي العبدان: أثرى المشهد البصري الفنان الكبير حسن شريف، هو رائد الفن المفاهيمي وغير التقليدي في الإمارات والخليج، وهو الذي كتب وترجم الكثير عن تاريخ الفن المعاصر، وكان يحمل هم التجديد في الفنون البصرية خارج نطاق اللوحة والمنحوتة التقليدي، وقد أسهم حسن شريف في إثراء مجلة التشكيل بالكثير من المقالات الفنية والنقدية المفيدة حول اتجاهات الفن المعاصر، كما شجع الكثير من الشباب الإماراتيين على خوض التجارب الجديدة في الفنون البصرية، وأنا أحد الذين استفادوا كثيراً منه، سواء في الإنتاج الفني أم في الكتابة عن الفن، لذا فإن وفاته خسارة كبيرة للساحة المحلية، لا سيما أن حسن شريف يُعد فناناً عالمياً اليوم، وأعماله مقتناة في العديد من المتاحف حول العالم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©