الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مشاعر العداء لأميركا.. تتراجع في باكستان

8 مايو 2015 22:25
خلال زياراته المتعددة لباكستان، بعد هجمات 11 سبتمبر، كان الأميركي «دوج شابوت» يلجأ أحياناً إلى إلصاق العلم الكندي على حقيبته حتى يبعد عنه «شبهة» الأميركي، لكن رغم ذلك لم يسلم من سماع المحاضرات الطويلة، التي يلقيها على أسماعه بعض الباكستانيين الحانقين على السياسة الخارجية الأميركية. غير أن «شابوت» عندما عاد في الصيف الماضي إلى باكستان تفاجأ بمشاعر «الترحيب»، التي حظي بها من قبل الباكستانيين، قائلاً «لم أعد ألمس تلك المشاعر الطاغية المناهضة لأميركا كما في السابق، بل وجدت من يحرص على عدم إيصال هذا الانطباع إلي». والحقيقة أن تجربة الناشط الأميركي الذي يدير جمعية خيرية تعنى بتشجيع تعليم الفتيات الباكستانيات، تعكس التحول الجاري في المجتمع الباكستاني والمتزامن مع اقتراب انتهاء الحرب في أفغانستان المجاورة، حيث يبدو أن المشاعر التقليدية المناوئة لأميركا ما عادت منتشرة على نطاق واسع. وهذا التحول مرتبط إلى حد كبير، حسب العديد من المحللين، بانصراف الباكستانيين إلى مشاكلهم الداخلية، وبحثهم الدؤوب عن الأسباب العميقة للاضطرابات التي تعيشها البلاد بمنأى عن توجيه اللوم للسياسات الأميركية. ويرى هؤلاء المحللون أن ما يحرك هذا التحول الجاري في المجتمع الباكستاني ومواقفه المتغيرة تجاه أميركا هو الطبقة الوسطى، التي باتت أكثر دعماً للضربات الجوية التي تنفذها الطائرات الأميركية من دون طيار، بعد أن تراجعت وتيرتها خلال السنوات الأخيرة، وتحديداً منذ مجزرة المدرسة الباكستانية في مدينة بيشاور، والتي نفذتها «طالبان» وراح ضحيتها 150 بين طلبة ومدرسين في ديسمبر الماضي، هذا بالإضافة إلى الإدراك المتنامي لدى الباكستانيين بأن مشاكل العالم الإسلامي والشرق الأوسط الذي تعصف به الصراعات المذهبية والطائفية، ليست كلها من صنع الولايات المتحدة. هذا الأمر يوضحه أياز عمير، المعلق السياسي والعضو السابق في البرلمان الباكستاني، قائلًا «لم نعد نرى هؤلاء المتشددين الذي يلقون الخطب النارية المنتقدة لأميركا، هناك إدراك بأنه علينا التعامل مع مشاكلنا الداخلية، ولم تعد المشاعر المعادية لأميركا ذات جدوى الآن». لكن عندما كانت الولايات المتحدة منخرطة في عمليات القصف المكثف عبر الطائرات من دون طيار لمعاقل «طالبان» في المناطق القبلية الباكستانية بسبب تداعيات الحرب في أفغانستان، كانت أميركا محط انتقادات كبيرة، وغالباً ما تحمل مسؤولية المشاكل الاقتصادية والسياسية التي تعانيها البلاد. في تلك الفترة كان الهجوم على أميركا في الصحافة الباكستانية أمراً عادياً، فيما مظاهرات الاحتجاج على السياسة الأميركية لا تتوقف، ناهيك عن استطلاعات الرأي التي تعكس جميعها نظرة باكستانية سلبية، وذلك رغم أن أميركا تظل أكبر داعم لباكستان من حيث المساعدات، بيد أن هذه المشاعر السلبية بدأت تنحسر لتصل إلى أدنى مستوى لها في شهر أغسطس الماضي عندما أظهر استطلاع للرأي أجراه معهد «بيو» أن نسبة الباكستانيين الذين يحملون تصورات سلبية عن أميركا، انخفضت لتصل 51? مقارنة بنسبة 80? قبل سنتين. وهذا التحسن لا يعني أن باكستان أصبحت آمنة تماماً للأميركيين، حيث تقع بين الفينة والأخرى حوادث قتل أو اختطاف تستهدف المقيمين الأميركيين، لكنها باتت محصورة في بعض الجماعات المتشددة أو العصابات الإجرامية. وعن ملامحهذا التغير يقول طاهر أشرفي، رئيس «مجلس علماء باكستان» الذي يضم أكثر من 25 ألف عالم دين كان بعضهم من أشد المناوئين لأميركا وسياساتها «لم يعد الأمر مجرد إغداق مشاعر الكراهية على أميركا، بل بات الناس أكثر وعياً واهتماماً بالجانب الداخلي للمشاكل الباكستانية، فالهموم التي يعيشها العالم الإسلامي في كل مكان ذات طبيعة ذاتية وليست دائماً من الخارج». ويرى بعض المراقبين أن نقطة التحول ربما كانت الهجوم الدموي على مدرسة تابعة للجيش الباكستاني في بيشاور، والذي أوقع العديد من القتلى. تلك الحادثة الأليمة التي يشبهها البعض بهجمات 11 سبتمبر، كانت حافزاً لانشغال الباكستانيين بالخطر الداخلي الذي يمثله التشدد الديني والإرهاب لتصبح بعض السياسات الأميركية مثل الاعتماد على الطائرات من دون طيار أقل خطراً من التهديد الإرهابي. وهذا الأمر عبرت عنه فارزانا باري، الناشطة الحقوقية الباكستانية، قائلة «الآن يفضل التقدميون الباكستانيون، والذين عادة ما ينتقدون قصف الطائرات الأميركية من دون طيار، التزام الصمت، وأنا أيضاً وإن كنت من أشد منتقدي تلك الطائرات، أجدني مضطرة لقبول ذلك إذا كان المستهدف هو التنظيمات الإرهابية التي تهدد أمن واستقرار باكستان». تيم كريج - باكستان ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©