السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العنف النقابي في فنزويلا...الدلالات والأسباب

20 يوليو 2010 23:41
باعتبارها الأكثر دفاعاً عن حقوق العمال في أميركا اللاتينية، كما تحب أن تصف نفسها، أقدمت الحكومة الاشتراكية في فنزويلا تحت قيادة شافيز على خطوات مهمة لصالح الطبقة العاملة، حيث رفعت أكثر من مرة الحد الأدنى من الأجور، وسلمت الإدارة في العديد من الشركات المؤممة إلى العمال، كما سمحت بنشوء اتحادات عمالية جديدة. ومع ذلك يرى مجموعة من المراقبين ومن بينهم قادة الاتحادات العمالية ومنظمات حقوق الإنسان- أن الجهود الحكومية تلك جاءت بنتائج عكسية، وأدت إلى انتشار العنف بين صفوف الطبقة العمالية. فقد سجل العامان الماضيان مقتل 75 ناشطاً في الاتحادات العمالية بسبب الصراع المندلع بين الاتحادات القديمة وأخرى حديثة النشأة لا تخفي موالاتها لشافيز، وهو ما جعل فنزويلا إحدى الدول الأكثر خطورة لممارسة النشاط النقابي؛ هذا العنف المتصاعد يرجعه "أورلاندو كيرونوس"، أحد الحلفاء السابقين لشافيز وقائد نقابة عمالية تعرض العديد من أعضائها للقتل، إلى الحكومة قائلاً "إن الدولة مسؤولة عن عمليات القتل التي تستهدف العمال والناشطين في الاتحادات العمالية"، مضيفاً أنه "عندما يصل خبر تنظيم إضراب معين تتبارى النقابات المختلفة إلى تبنيه ويصل الناشطون من كلا الجانبين مدججين بالسلاح إلى موقع الإضراب، ورغم أن الجميع يعرف ذلك لا تكلف الحكومة نفسها التدخل عبر إرسال قواتها لمنع تدهور الوضع". وفي هذا الصدد تقول منظمة "بروفيا" الحقوقية والمعروفة بسمعتها الجيدة ومصداقيتها إن النقابات الجديدة تحولت مع مرور الوقت إلى ما يشبه القتلة المأجورين يستهدفون صغار النشطاء كما كبار القادة في النقابات التقليدية. وعن الوضع المنذر بالتصاعد يقول "بيدرو بيريز" أحد النشطاء النقابيين "إن العنف الحالي سببه النقابات الجديدة التي تسعى إلى تهميش نظيراتها الأقدم والأكثر رسوخاً، مضيفاً: "لقد سقط العديد من النقابيين، ولم يعد من السهل ممارسة العمل النقابي في هذه البلاد كما كان الأمر في السابق". وقد لاحظت المنظمات الحقوقية التي ترصد جرائم القتل أن معظمها يحدث في قطاع البناء الذي يشهد ازدهاراً في الوقت الحالي، وفي مقابل الحصول على عمل يضطر العمال إلى دفع إتاوات إلى زعماء النقابات، هذه الأموال التي تدر أرباحاً كبيرة تؤدي إلى تأجيج المزيد من العنف، وهو ما تشير إليه الأرقام حيث ارتفعت عمليات القتل من 12 عملية قبل أربع سنوات إلى 34 سُجلت خلال العام الحالي. ومع أن كولومبيا كانت البلد الأكثر خطورة بالنسبة للنقابيين بسبب الصراع الممتد بين الحكومة وميلشيات المتمردين، يبدو أن فنزويلا قد تجاوزت كولومبيا في استهداف نشاط العمل النقابي، وخلافاً لكولومبيا التي تجند مجموعة من المدعين والمحققين ورجال القانون لمتابعة الجرائم وتقديم مرتكبيها للعدالة، لم يتمكن النظام القضائي في فنزويلا، وفقاً للذراع الحقوقي لمنظمة الدول الأميركية، من معاقبة سوى القليل من المتورطين في جرائم القتل، وربما شجع على ذلك التجاهل الذي تُقابل به تلك الجرائم سواء داخل فنزويلا، أو خارجها بحيث لم تستطع استقطاب الاهتمام الإعلامي وتحويلها إلى قضية رأي عام. هذا الوضع يعبر عنه "ماينو ألفارادو"، المحقق ضمن منظمة "بروفيا" الحقوقية قائلا "هناك نوع من اللامبالاة يصاحبها الإفلات من العقاب، ولم تنجح المحاولات المتكررة لدفع المدعي العام ووزارة العمل لتحريك القضايا ومتابعتها في تحقيق نتائج مشجعة، لكن رغم ذلك اعترف "فرانشيسكو توريابلا"، النائب في البرلمان الفنزويلي ورئيس اللجنة المصغرة حول قضايا العمال، بحدة المشكلة، مؤكداً اجتماع المسؤولين الحكوميين بالاتحادات العمالية لوقف العنف ووضع حد للتدهور الحالي في العلاقات بين النقابات المختلفة. ويرجع النائب في البرلمان الفنزويلي أعمال القتل التي تستهدف النقابيين إلى ثقافة العنف المتفشية في صفوف النقابات المرتبطة بالأحزاب المعارضة لشافيز، قائلا "إن الأمر يتعلق بعلاقات غير صحية بين النقابات وبطريقة تسوية النزاعات في هذا البلد"، مشككاً في الطرح الذي يقول إن العنف تصاعد في عهد شافيز مقارنة بالفترات السابقة، ومضيفاً في هذا السياق أن الإجراءات التي اتخذتها حكومة شافيز من رفع الأجور وضمان الأمن الوظيفي للعمال جعلها الأكثر دفاعاً عن حقوقهم والتصاقاً بهمومهم، لكن منظمة "هيومن رايتس ووتش" التي قامت بدراسة الوضع العمالي في فنزويلا أكدت تدخل الحكومة في الانتخابات النقابية لدعم الاتحادات الموالية للحكومة على حساب الأخرى المعارضة، حتى لو أدى ذلك إلى إقصاء النقابات الكبرى ونشوء أخرى صغيرة تؤيد شافيز، وهو الأمر الذي يفسره قادة النقابات برغبة الحكومة في السيطرة على الحركة الاحتجاجية في البلاد، والهيمنة على جميع المؤسسات المستقلة، ما عدا الكنيسة الكاثوليكية المستعصية لحد الآن على الخضوع. وقد عانت كونفدرالية العمال الفنزويليين، وهي المظلة التي ينضوي تحتها أغلب العمال، من إضعاف كبير وتراجع لنفوذها بسبب مشاركتها في المسيرات المناهضة للحكومة والتي قادت إلى الإطاحة المؤقتة بشافيز في العام 2002، هذا وتشمل النقابات الجديدة العديد من الاتحادات، فضلا عن تناسل الكثير من النقابات على نحو كبير وصل عددها إلى أربعة آلاف نقابة جديدة مقارنة بـ1300 في العام 2001. خوان فوريرو - فنزويلا ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©