الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«عقيدة كلينتون» واستعادة الفشل!

17 أكتوبر 2016 10:03
شرحت هيلاري كلينتون مؤخراً الخطوط العريضة للكيفية التي تعتزم التعاطي بها مع تنظيم «داعش»، وقالت في برنامج «منتدى القائد الأعلى للقوات» على شبكة «إن بي سي» التلفزيونية: «علينا أن نقوم بذلك بوساطة القوة الجوية»، مضيفة: «إننا لن نستعمل قوات برية، ولن نرسل قوات برية إلى العراق من جديد أبداً. ولن نرسل قوات برية إلى سوريا، وسنهزم (داعش) من دون استعمال قوات برية أميركية». وإذا بدا هذا الكلام مألوفاً، فينبغي أن يكون كذلك بالفعل، لأنه وصف دقيق لـ«عقيدة كلينتون»، أي سياسة الرئيس بيل كلينتون الكارثية والفاشلة لمحاربة الإرهابيين من الجو. إذا ما الذي شجّع الإرهابيين وجعلهم يتجرؤون على مهاجمتنا في 11 سبتمبر؟ لقد قاموا طوال الثماني سنوات التي قضاها كلينتون في البيت الأبيض، بحملة على الولايات المتحدة لم تقابل بجهود حقيقية لوقفها وصدها. فقد شنوا سلسلة من الهجمات المتصاعدة، كانت كل واحدة منها أكثر جرأة من سابقتها: الهجوم على مركز التجارة العالمي في 1993، ثم الهجوم على برج الخبر في السعودية بعد ذلك بثلاث سنوات، فتفجيرا السفارتين الأميركيتين في كينيا وتنزانيا في 1998، وأخيراً الهجوم على السفينة الحربية الأميركية «يو إس إس كول». كل واحدة من تلك الهجمات نُفذت دون أن تقابل بأي رد أميركي قوي وفعال، حيث اكتفى كلينتون برد يشمل تطبيق القانون (توقيف رمزي يوسف عن تفجير مركز التجارة العالمي)، وتنفيذ ضربات رمزية بوساطة صواريخ كروز؛ فكان يُطلق «صاروخاً كُلفته مليونا دولار على خيمة فارغة قيمتها 10 دولارات»، كما كان يقول بوش الابن. وهكذا، سمح للإرهابيين بالحفاظ على ملاذهم في أفغانستان، الذي خططوا منه لهجمات 11 سبتمبر قبل أن يغادر كلينتون الرئاسة. والواقع أنه عندما نفذت «القاعدة» تلك الهجمات، لم يكن يخطر على بالها أبداً أن الولايات المتحدة سترسل قوات برية إلى أفغانستان لإسقاط نظام «طالبان» وطرد الإرهابيين من ملاذهم. ومثلما أشرتُ في كتابي «مغازلة الكارثة»، فعندما اعتُقل العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر خالد شيخ محمد، وسئل حول مخططاته لهجمات أخرى، ابتسم وقال: «سأخبرك بكل شيء عندما أصل إلى نيويورك وأقابل محامياً». فقد كان يعتقد أنه سيعامَل معاملة ابن أخيه رمزي يوسف. وعندما أبدى تعاوناً في النهاية، أخبر المحققين بأن «القاعدة» كانت تتوقع أن تواصل الولايات المتحدة مقاربة تطبيق القانون التي اتبعتها في عهد كلينتون، والتي كانت ستمنحه وقتاً لتنفيذ موجته الثانية المخطط لها من الهجمات. لكن تلك الهجمات أُحبطت، كما قال، بسبب الشراسة غير المتوقعة للرد الأميركي. واليوم لم يعد الإرهابيون يخشون شراسة رد الولايات المتحدة، لأنه حين وصل الرئيس باراك أوباما إلى السلطة، حاول إعادة إحياء «عقيدة كلينتون»، فزاد من الضربات الجوية وعمد إلى سحب القوات الأميركية من العراق وتقليصها بشكل كبير في أفغانستان. ثم أصبحت طائرات «الدرونز» بالنسبة لأوباما ما كانت تمثله صواريخ كروز بالنسبة إلى كلينتون: طريقة سهلة ليبدو كما لو أنه يتخذ إجراءات حازمة وصارمة ضد الإرهابيين، في حين أنه كان ينتهج سياسة انسحاب. والواقع أن صعود تنظيم «داعش» أوقف انسحاب أوباما، لكن ليس قبل أن يسمح لسرطان «داعش» بالنمو والانتشار عبر العالم. ومثلما أوضحت زميلتي في «معهد المشروع الأميركي» دانييل بليتكا مؤخراً، فإن شبكة «القاعدة» التي هاجمتنا في 11 سبتمبر، ما زالت تمثل تهديداً خطيراً؛ «إنها تنتظر وتعمل وتنتظر.. وستأتي إلينا مجدداً، ونحن غافلون عنها». وبالفعل، فإن الوضع الأمني اليوم بات أخطر بكثير مما كان عليه قبل 11 سبتمبر 2001. صحيح أن دفاعاتنا تحسنت، لكن التهديد أضحى أكثر تعقيداً. فقبل 11 سبتمبر، كنا نواجه الخطر من تنظيم إرهابي واحد («القاعدة») أنشأ ملاذاً له في بلد واحد (أفغانستان). أما اليوم فبتنا نواجه خطراً من تنظيمين إرهابيين رئيسين («داعش» و«القاعدة») يمتلكان ملاذات في أكثر من اثني عشر بلداً ويتنافسان على كسب عقول وقلوب الجهاديين عبر العالم. والطريق إلى الفوز في هذا التنافس هو ضرب الأراضي الأميركية أولاً. اليوم، ومثلما كان عليه الحال في التسعينيات، شن الإرهابيون الذين يشجّعهم ضعف الولايات المتحدة، سلسلةً من الهجمات في مدينتي باريس ونيس الفرنسيتين، وفي بروكسل، وفي سان بيرناردينو، وفي أورلاندو، دون خشية أي عواقب تقريباً. لكن، ما الرد الذي تقترحه هيلاري؟ إنه مواصلة سياسات زوجها الفاشلة وسياسات خلفه الديمقراطي: لا جنود على الأرض. ضربات جوية فقط. وإنفاذ القانون! لقد كانت استراتيجية بوش الابن تقوم على فكرة محاربتهم هناك حتى لا نضطر إلى مواجهتهم هنا. والحال أنه مثلما تعلّمنا في 11 سبتمبر، إذا حاربناهم من الجو فقط، فسنواجههم على الأرض، الأرض الأميركية بالطبع. وخلاصة القول هي أن «عقيدة كلينتون» أثبتت فشلها من قبل. فهل نرغب حقاً في تكرارها؟ *زميل «معهد المشروع الأميركي» في واشنطن وكاتب خطابات سابق للرئيس بوش الابن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©