تصريحات جوبس تشعل «حرب الفضائح» التكنولوجية

في التكنولوجيا الرقمية، الخطأ مرفوض. هذا على الأقل ما أوحت به الضجة التي أثيرت عقب اكتشاف العيوب المتعددة في البرنامج التطبيقي لجهاز “آبل” المتعثّر “آي فون 4 جي”. وعندما نطق ستيف جوبس المدير التنفيذي للشركة في مؤتمر صحفي نظمه يوم الجمعة الماضي، معترفاً بعيوب الجهاز وخاصة ما يتعلّق منها بالخطأ في تصميم جهاز الاستقبال، فلقد زلّ لسانه بعبارة أثارت غضباً شديداً في أوساط صنّاع الهواتف الذكية في العالم أجمع حين قال إن هذا الخطأ شائع ومعروف في كل أنواع أجهزة الهاتف الذكي. وضمّن جوبس كلمته التي ألقاها في المؤتمر اعترافه بالأخطاء التقنية في الجهاز “آي فون 4 جي” وقدّم اعتذاره عنها لكل من اشترى الجهاز، وقال إن “آبل” انفردت بتلقي هذه الانتقادات اللاذعة لأنها حققت من النجاح مستوى لم تحققه غيرها من الشركات. وعمد جوبس أيضاً إلى عرض فيلم فيديو يشرح وجود عيوب مشابهة في جهاز “بلاك بيري” الذي تنتجه شركة “ريسيرتش إن موشن”، وكذلك في جهازي “سامسونج ويندوز” و”إتش تي سي أندرويد”. وما لبثت شركتا “إتش تي سي” و”سامسونج” أن وجّهتا أول أمس الاثنين ردّاً لاذعاً لجوبس. وقال هوي مينج تشينج المدير المالي لشركة “إتش تي سي” في معرض ردّه على جوبس: “ننصح شركة آبل أن تلتفت لمشاكلها الخاصة؛ وعليها أن تعلم أن مشكلة العيوب المكتشفة في نظام استقبال الاتصالات ليست شائعة في بقية أجهزة الهاتف الذكية كما يزعم جوبس”. وأشارت مصادر سامسونج من جهتها إلى أن مشكلة الأخطاء في نظام الاستقبال لم تعد تظهر منذ زمن بعيد في أجهزة الشركة الكورية. كما أنها لا تحدث الآن ولن تحدث في المستقبل. وقال خبراء صناعيون إن أفلام الفيديو التي عرضها جوبس لشرح عيوب الأجهزة الأخرى، لم تكن ترقى إلى مستوى الاختبار التقني الحقيقي، وأن الشكاوى حول انقطاع البث والاستقبال أكثر شيوعاً في أجهزة “آبل”. ومن الناحية التقنية التركيبية، هذه هي المرة الأولى التي تعمد فيها شركة “آبل” إلى تثبيت هوائي الإرسال والاستقبال على الحافة الطرفية للجهاز “آي فون 4 جي”، وهذا ما يجعله قابلاً للتغطية براحة اليد ومنع الإشارات من الوصول إليه. وغالباً ما تعمد الشركات الأخرى إلى الإبقاء على الهوائي داخل جهاز الهاتف مع بقية الأدوات التي يتألف منها، إلا أن هذه الطريقة تفرض عليهم أن تكون أجهزتهم أكبر حجماً. وجاء الاحتجاج الثاني على زلّة اللسان التي وقع فيها جوبس من شركة “ريسيرتش إن موشن” الكندية حيث قالت مصادرها يوم الأحد الماضي إن محاولات آبل لإقحامنا في مشاكلها الخاصة هي شيء مرفوض تماماً. وفيما عمدت شركة “آبل” لاستعادة رضى عملائها من خلال الإعلان عن تقديم غلاف مجاني لجهاز “آي فون 4 جي” لكل من سبق أن اشتراه، فلقد أعلنت شركة “ريسيرتش إن موشن” أن عملاءها لا يحتاجون إلى مثل هذا الغلاف لأجهزة “بلاك بيري” حتى تتمكن من العمل. وكانت “آبل” قد وجدت أن وضع الجهاز “آي فون 4 جي” ضمن غلاف خاص يمكن أن يحل مشكلة حجب جهاز الاستقبال ويعيد الأمور إلى نصابها. وبالرغم من أن أحداً لم يتمكن حتى الآن من الحكم على مدى نجاح الغلاف الجديد في حلّ المشكلة، إلا أن النجاح بحد ذاته سوف يعني في هذه الحالة أن الجهاز لن يعمل إلا لو كان مندسّاً ضمن غلافه، وهذه مشكلة أخرى لا سابق لها في عالم صناعة أجهزة الهاتف الذكية. وقال جيم بالسيل نائب المدير التنفيذي لشركة “ريسيرتش إن موشن” إن تصريحات جوبس حول منتجاتها لا تعدو أن تكون مجرّد محاولة يائسة لصرف أنظار الرأي العام عن مشكلة التصميم المعيب لنظام هوائي الاستقبال في جهاز “آي فون 4 جي”، كما تصبّ هذه المزاعم في هدف صرف الانتباه عن الحالة الصعبة والمعقدة التي وجدت “آبل” نفسها فيها على حين غرّة. وكانت شركة آبل أعلنت الجمعة الماضي أنها ستواصل حملة تزويد مشتري الجهاز “آي فون 4 جي” بالأغلفة المجانية حتى نهاية شهر سبتمبر المقبل، وهو الموعد المحدد من قبل الخبراء لإنهاء المشاكل التي يعاني منها البرنامج التطبيقي للجهاز. وقال المحللون الذين عبروا عن اعتقادهم من أن تصريحات جوبس يوم الجمعة الماضي يمكن أن تهدئ من حدّة المشكلة في أوساط الرأي العام، إن الأسلوب الهجومي الخاطئ الذي اتبعته “آبل” بشكل عام، لا بدّ أن يطيل أمد هذا الجدل الذي يضر بسمعتها أيّما ضرر. عن صحيفة «فاينانشيال تايمز» الإرسال والاستقبال