الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

شركات النفط تتجه بحراً للتنقيب عن الخام

شركات النفط تتجه بحراً للتنقيب عن الخام
23 يناير 2010 00:23
لم يسبق لكبريات شركات النفط التوجه إلى هذه المنطقة من خليج المكسيك التي يصل عمق المياه فيها إلى 1310 أمتار والحفر خلال نحو 8 كيلومترات من الصخر. إنها طريقة باهظة التكاليف للتنقيب عن النفط. وتدفع شيفرون ما يقرب من 500 ألف دولار يومياً لشركة كيلر ليدر، إحدى أحدث شركات الحفر وأقواها على الصعيد العالمي. وسيتم توصيل البئر الجديدة الواقعة قبالة سواحل لويزيانا بمنصة عائمة عملاقة مجاورة أنفقت “شيفرون” 650 مليون دولار على بنائها. وكانت المرحلة الأولى من هذا المشروع التنقيبي قد استغرقت أكثر من 10 سنوات، وبلغت كلفتها 2.7 مليار دولار دون ضمان تحقيق أية أرباح. وما ذهبت “شيفرون” إلى هذه المنطقة التي تستغرق رحلتها ساعة بطائرة مروحية جنوب نيو أولينز إلا بسبب أن العديد من المناطق السهلة التنقيب والقريبة من الساحل أصبح محظوراً أو شبه محظور. فقد استبعدت شركات نفط غربية من كثير من منطقة الشرق الأوسط خلال العقود القليلة الماضية وصودرت منشآتها في فنزويلا وشهدت تقييد كثير من المنشآت الأميركية بسبب قوانين البيئة. ولا تتوجه هذه الشركات إلى إيران بسبب العقوبات ولا إلى روسيا بسبب قيودها على الاستثمارات الأجنبية ولا إلى العراق بسبب حوادث العنف. لذا، تتوجه “شيفرون” وغيرها من شركات النفط الكبرى بعيداً عن السواحل بحثاً عن النفط. ويكلل المسعى بالنجاح، حيث تكتشف الشركات بشكل غير متوقع كميات كبرى من النفط، ليس لدى غيرها التقنية والتمويل اللازمين للتنقيب عنه واستخراجه. وفي شهر مايو 2009، بدأت الآبار الأولى من مشروع “شيفرون” في خليج المكسيك إنتاجها. وتضخ الآبار اليوم 125 ألف برميل نفط في اليوم مما يجعله أحد أكبر مشاريع خليج المكسيك إنتاجاً. وفي سبتمبر، أعلنت “بي بي” عما قد يكون أكبر اكتشاف في خليج المكسيك لسنين، وهو عبارة عن حقل ربما يكون محتوياً على ثلاثة مليارات برميل. خليج المكسيك وفي غير خليج المكسيك، أعلنت شركات عن اكتشافات كبرى قبالة سواحل البرازيل وغانا مما دعا بعض الخبراء إلى الإشارة إلى وجود مكمن نفط ضخم ممتد عبر المحيط الأطلسي من أفريقيا إلى أميركا الجنوبية. يذكر أن إنتاج النفط من مشاريع مياه عميقة (والتي يبلغ عمقها 30 متراً على الأقل من مستوى قاع البحر) قد زاد بنسبة 67 في المائة أو بما يعادل 2.3 مليون برميل في اليوم فيما بين عامي 2005 و2008، حسب “بي إف سي إينرجي” المكتب الاستشاري بواشنطن. وتأتي هذه الاكتشافات في الوقت الذي تبدأ فيه أكبر حقول نفط القرن الماضي في النضوب، فيما يحذر بعض الخبراء من احتمال بلوغ إنتاج النفط العالمي ذروته قريباً ومن تناقصه بعد ذلك. وتشكل حقول المياه العميقة الجديدة مصدراً ضخماً من النفط لم يمس معظمه بعد، الأمر الذي قد يقلل من مخاوف عدم قدرة العالم على تلبية الطلب على الطاقة المتوقع حدوثه سريعاً خلال السنوات المقبلة. وبالنسبة لشركات النفط، فإن الاكتشافات تعني أيضاً شيئاً آخر، وهو أنه بعد عقد من التراجع تعود كبريات الشركات الغربية إلى ريادة التنقيب عن البترول واستخراجه. في ذلك يقول جورج كيركلاند نائب رئيس “شيفرون”: “في مقدور كثير من الناس تحصيل النفط الشديد السهولة، ولكن لم يعد يتبقى منه الكثير”. وهناك شركات تزاحم سيطرة كبريات الشركات على نفط المياه العميقة، إذ أقدمت البرازيل مؤخراً على إعطاء حصة أكبر من نفطها البحري لشركتها الحكومية “بتروجاز”. كما أن هناك بضع شركات صغيرة مثل “أناداركو بتروليم” و”تالو أويل” حققت نجاحات في مجال الآبار البحرية خصوصاً في غانا التي تسعى فيها شركات كبرى مثل “بي بي” و”إكسون موبل” إلى الحصول على أية حصص. غير أن ضخامة الاستثمارات المالية والزمنية اللازمة لمثل تلك المشروعات أثارت شكوكاً عديدة من الخبراء في أن يكون في مقدورها تخفيف الضغط طويل الأجل على أحداث النفط العالمية. ولا يوجد سوى القليل من الشركات الصغيرة الإمكانات للحصول على تلك المشروعات الضخمة. يذكر أن حفر الآبار البحرية يعود تاريخه إلى تسعينيات القرن قبل الماضي (1890)، ولكن في مياه ضحلة، وواصلت التقنيات تقدمها التدريجي إلى أن تمكنت التقنيات الحديثة خلال العقد الماضي من الحفر في مناطق المياه العميقة. انتشار التكنولوجيا السبب الرئيس وراء الاهتمام حديثاً باكتشافات المياه العميقة ربما يعود إلى أن الشركات لم يعد لها خيارات كثيرة أخرى، ذلك أنه فيما يخص مشروعات النفط الكبرى، ولكن مع انتشار التكنولوجيا وتقدم شركات النفط الحكومية قلصت الدول اعتمادها على الشركات الأجنبية وبدأت تسيطر على ثرواتها البترولية. غير أن الغالبية العظمى من الشركات الحكومية عجزت عن التنقيب والحفر في المياه العميقة نظراً لصعوباتها الفنية البالغة واستثماراتها الهائلة اللازمة. بذلك ترك المجال للشركات الغربية فيما يخص آبار النفط البحري، ليس فقط في خليج المكسيك ولكن في مناطق أخرى منها نيجيريا وماليزيا والنرويج وأستراليا. وفي الوقت نفسه، بدأت حقول النفط التقليدية في النضوب. ففي المكسيك التي تعد سابع أكبر منتج للنفط في العالم، تراجع الإنتاج اليومي 23 في المائة منذ عام 2004 بسبب انخفاض إنتاج حقلها العملاق “كانتاريل” انخفاضاً كبيراً، وشهدت دول أخرى تراجعاً ملموساً في الإنتاج. وهناك مؤشرات إلى أن الطلب على النفط ربما يتساوى قريباً مع المعروض منه، إذ زاد استهلاك النفط العالمي بمقدار 5.4 مليون برميل في اليوم خلال السنوات الخمس الفائتة، بينما لم يزد الإنتاج سوى بمقدار 4.8 مليون برميل في اليوم. وتلك المخاوف عملت على زيادة أسعار النفط إلى ما يقرب من 150 دولاراً للبرميل في يوليو 2008. ثم عمل الركود العالمي على تخفيض الأسعار رغم أن العديد من الخبراء يتوقع عودة الأسعار إلى الارتفاع حين يتعافى الاقتصاد. وقد ارتدت الأسعار فعلياً إلى 80 دولاراً من 35 دولاراً في ديسمبر 2008. وكان من شأن ارتفاع الأسعار تشجيع التنقيب عن النفط البحري، فبحلول عام 2008 استخرج نحو 8 في المائة من النفط من حقول المياه العميقة. غير أنه حتى أكبر مشروعات المياه العميقة ليست كافية لسد احتياجات العالم، ويذكر أن أكبر منصة مياه عميقة في العالم ثاندر هورس التابعة إلى “بي بي” في خليج المكسيك لا تنتج سوى 250 ألف برميل نفط في اليوم، يعني 0.3 في المائة فقط من الاستهلاك العالمي. ويقول خبراء إن نفط المياه العميقة سيؤجل على الأقل تراجع الإنتاج العالمي. ورغم صعوبة مشروعات نفط المياه العميقة، حققت “شيفرون” نجاحاً في 45 في المائة من مشروعاتها بالمياه العميقة مؤخراً، وهو إنجاز مبهر بجميع المقاييس، ولكنه يعني أيضاً إنفاق مليارات الدولارات على مشاريع لم تثمر. وتوقع خبراء أن تكون “شيفرون” أسرع شركة نفط نمواً في العالم عام 2009 من حيث الإنتاج، وهو ما يعزى إلى حد كبير إلى مشروعات المياه العميقة الجديدة في خليج المكسيك وقبالة السواحل البرازيلية. كما أن شركات أخرى انتهجت النهج نفسه، مثل “بي بي” شهدت نمواً كبيراً، بينما مرت شركات لم تتبع ذلك النهج بصعوبات ملموسة. وكانت “شيفرون” قد بدأت الرهان على مشروعاتها البحرية في تسعينيات القرن الماضي في خليج المكسيك رغم عدم توافر التقنية اللازمة للحفر في المياه العميقة حتى تلك الفترة. وثقة منها بأن التقنية اللازمة قادمة حتماً، قدمت الشركة عرضاً عام 1996 وفازت بمزاد حكومي أميركي للتنقيب عن النفط في بضع مناطق في خليج المكسيك، أملاً في أن بعضها سيتحول إلى حقول منتجة. الموجات الصوتية ثم أمضت “شيفرون” ست سنوات تحلل مناطقها الجديدة، وكانت أهم وسيلة في جعبتها عملية التصوير الزلزالي، وهي عملية تشبه التصوير بالموجات الصوتية تطلق فيها موجات صوتية في الصخر وتلتقط صداها بواسطة أجهزة استشعار علي البر. وما زاد الأمور صعوبة أن النفط الذي كانت “شيفرون” تبحث عنه كان قابعاً أسفل طبقة سميكة من الملح التي تعرقل الموجات الصوتية الزلزالية وتشوش الصور. وكان على الشركة تحليل البيانات بواسطة حواسيب عملاقة لإزالة ذلك التشوه. وكشفت التحاليل عن إمكانية وجود مكمن نفط ضخم، ومع ذلك رأت “شيفرون” أن الاحتمال كان لا يتجاوز 12.5 في المائة للعثور على كميات تجارية من النفط، وكانت الطريقة الوحيدة للتأكد يقيناً هي الحفر. ومن ثم وفي عام 2002 أنفقت “شيفرون” نحو 100 مليون دولار في حفر أول بئر لها في الحقل سمته “تاهيتي”، التي استلزمت إصابة هدف طوله 61 متراً من على مسافة ثماني كيلومترات ما يشبه إصابة لوحة لعبة السهام من على مسافة 200 متر. وأثبتت بئر “تاهيتي” جدوى إجراء مزيد من عمليات الحفر لاكتشاف حجم الحقل. وبحلول عام 2005، كانت الشركة قد اكتشفت ما يكفي للمضي قدماً في المشروع، وهو ما استلزم آنذاك بناء منصة إنتاج نفط عائمة ارتفاعها 215 متراً ووزنها 45 ألف طن وحفر ست آبار لتغذيتها بالزيت. ولم تنتج “تاهيتي” أول كميات نفط تجارية إلا في شهر مايو الماضي. ولا تزال هناك مراحل أخرى في مشروع تاهيتي تستلزم مزيداً من الآبار وتوسيع المنصة العائمة، وهو ما يشكل ملياري دولار من النفقات مع عدم ضمان النجاح، ولكن مع طموحات كبرى وآمال أكبر. عن “وول ستريت جورنال”
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©