الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«اختبارات البنوك»... للإطمئنان على الاقتصاد الأوروبي

19 يوليو 2010 22:54
من إفلاس المشاريع العقارية الإسبانية إلى تحطم اقتصاد إيرلندا التصديري، والاضطراب الذي سببته أزمة ديون اليونان، تعرضت البنوك الأوروبية لعدد من الضربات خلال الآونة الأخيرة. لكن ما مدى قوة هذه الضربات؟ لا أحد يعرف، ولكن السؤال أصبح مركزياً في النقاش الأوسع حول سبل إصلاح النظام المالي العالمي وأساسياً لمعرفة ما إن كانت الأسواق على جانبي الأطلسي ستتعافى أكثر خلال الأشهر المقبلة. ولهذا الغرض، من المرتقب أن يعلن المنظِّمون الأوروبيون أواخر الأسبوع المقبل عن نتائج اختبارات شملت 91 مؤسسة بنكية أوروبية تمثل الجزء الأكبر من الاقتصاد الأوروبي. وتهدف هذه الاختبارات إلى معرفة كيف سترد هذه البنوك على جولة أخرى من الهزات الاقتصادية ما إن كانت تمتلك رأس مال كافيا، وما إن كانت قد نظفت سجلاتها من الديون الفاسدة، وما إن كانت استراتيجياتها التجارية قابلة للنجاح. لكن هذه النتائج قد تُظهر أن البنوك الأوروبية في حاجة إلى مساعدات بعشرات المليارات من الدولارات، وهو احتمال قد يفاقم النمو الضعيف في الاقتصاد الأوروبي، ويرغمَ البنوكَ وحكوماتها المضيفة على تقديم مخطط واضح لدفع الفاتورة. ذلك أن البنوك الأوروبية، بشكل عام، لم تجمع قدراً مماثلاً من الرأسمال مثلما فعلت الشركات الأميركية منذ الأزمة. كما أنها كانت أكثر بطئاً في التخلص من القروض الفاسدة، وتورطت في مشاكل محلية مازالت تأثيراتها العامة غير واضحة. وقد انتقد صندوق النقد الدولي، بشكل خاص، اعتمادها المستمر على التمويل الحكومي والمساعدة قصيرة الأمد من البنك المركزي الأوروبي باعتبارهما لا يعملان سوى على تأخير تفكير لا مفر منه. وفي هذا الإطار، يقول دييجو إيسكارو، الخبير الاقتصادي في شركة الاستشارات "آي إتش إس جلوبال إنسايت": "انفتاح البنوك على الديون السيادية، وخسائر البنوك، وانفتاحها على أسواق العقارات... أمور تعكس أن هناك الكثير من أجواء انعدام اليقين في الوقت الراهن". وقد تم تصميم الاختبارات في أوروبا على شاكلة اختبارات الجهد التي أثبت أنها خطوة مهمة نحو تهدئة الأسواق الأميركية في أوج الأزمة، عندما أظهرت الدراسات المماثلة التي شملت البنوك الأميركية أن هذه الأخيرة توجد في حالة أفضل مما كان يعتقده الكثيرون. والأمل هو أن يحدث الشيء نفسه في أوروبا، مما سيبدد بعض الشكوك التي أثيرت حول الاقتصاد الأوروبي عندما بدا أن اليونان تسير نحو إعلان إفلاسها واحتاجت لمساعدة عاجلة من صندوق النقد الدولي. والواقع أنه سبق للسلطات الأوروبية أن أجرت اختبارات جهد كبيرة في الماضي وتقول إن نظامها المالي جيد بشكل عام؛ ولكن وبينما كانت أزمة الدين الحكومي اليوناني تتكشف في الربيع، دفعت الولايات المتحدة وصندوق النقد الدولي وآخرون أوروبا إلى القيام بدراسات لشركاتها المالية والإفراج عن النتائج المفصلة، وذلك في محاولة لطمأنة العالم بأن عجزاً يونانياً عن تسديد الديون، على سبيل المثال، لن يؤدي إلى سلسلة من الإفلاسات بين البنوك التي تمتلك أصولاً يونانية. غير أن العملية تثير مجموعة من أجواء انعدام اليقين؛ ذلك أن تفاصيل السيناريوهات التي تُستعمل لاختبار صحة كل بنك لم يفرج عنها بعد؛ وبعض المحللين يخشون ألا تكون متضمنة لأسوأ الحالات - بداية ركود آخر مثلًا، أو إفلاس وطني شامل. وإضافة إلى ذلك، فإذا كان من الواضح، في حالة الولايات المتحدة، أن البنوك والحكومة الفيدرالية ستأتي بمخطط لإعادة الرسملة إذا دعت الضرورة إلى ذلك، فإنه لا أحد يعرف كيف سيتم التعاطي مع ذلك بين مجموعة متفاوتة من البلدان الأوروبية التي تتميز باقتصاديات مختلفة، وثقافات تجارية مختلفة، ومستويات مختلفة لصبر الجمهور إزاء ما قد يكون جولة أخرى من عمليات الإنقاذ المالي. وعلاوة على ذلك، فقد أُعلن أن الصندوق الذي أنشأه الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي مؤخراً بقيمة تريليون دولار من أجل المساعدة على إرساء الاستقرار في البلدان الأوروبية المثقلة بالديون لن يستعمل في عمليات الرسملة المباشرة للبنوك؛ حيث يقول المسؤولون الأوروبيون إنه سيتعين على الحكومات المختلفة أن تهب لمساعدة بنوكها في حال لم تستطع هذه الأخيرة جمع ما يكفي من رؤوس الأموال بمفردها. وفي هذا السياق، تقول "جينفر ماكيون"، المحللة في مؤسسة "كابتل إيكونوميكس" بلندن، والتي وعلى غرار الكثيرين، تخشى أن يرفع برنامج اختبارات الجهد الأوروبية من إشارات التحذيرات قدر تلك التي سيخفضها: "لست واثقة أنه أمر يبعث على الاطمئنان إذا كنت لا تعرف من أي سيأتي المال من أجل المساعدة". ثم إن قواعد استعمال صندوق إرساء الاستقرار المالي الأوروبي لم يتم اختبارها؛ وإذا تقدم بلد مثقل بالديون لطلب المساعدة لبنوكه، تضيف ماكيون، فإنه "ليس مؤكدا أن تلك الأموال ستكون متوافرة ... كما أنه في حال احتاجت بلدان مثل إسبانيا وإيرلندا الكثير من المال، فإن دولاً أخرى قد تبدي بعض المقاومة". وفي هذه الأثناء، يراقب المسؤولون الأميركيون نتائج هذه الاختبارات عن كثب. نتائج لا تكتسي أهمية عالمية فحسب - على اعتبار أن من شأن نتيجة جيدة أن تجعل التوقعات بشأن أوروبا والانتعاش مشرقة، ومن شأن نتيجة سيئة أن تهز الأسواق والممارسات البنكية في أماكن تتجاوز بكثير حدود أوروبا – وإنما يمكن أيضاً أن تؤثر في النقاش الأوسع المتواصل حالياً حول طبيعة النظام البنكي في عالم ما بعد الأزمة. هاورد شنايدر - واشنطن ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©