الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نحو تفاهم أميركي- باكستاني تجاه أفغانستان

19 يوليو 2010 22:54
التقت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، خلال الأسبوع الجاري في إسلام أباد بكبار المسؤولين في باكستان. وهذا يأتي ضمن محاولة على ما يبدو لتعزيز العلاقات الأميركية مع بلد يُعتبر محورياً لإتمام مفاوضات السلام داخل أفغانستان والتعامل مع قوى التمرد التي كثفت من نشاطاتها في الفترة الأخيرة. وتأتي زيارة الوزيرة الأميركية إلى باكستان والتي صاحبها الإعلان عن تخصيص 500 مليون دولار لتمويل مشروعات تهدف إلى تحسين البنية التحتية والارتقاء بالخدمات المقدمة وتوفير الكهرباء والمياه الصالحة للشرب، فضلا عن الاستثمار في قطاعات أخرى مثل الصحة والزراعة، مباشرة قبل مشاركة كلينتون في مؤتمر كابول الذي سيضم ستين دولة مهتمة بالوضع الأفغاني، وقد وصفت القمة التي ستعقد خلال الأسبوع الجاري بأنها تمثل فرصة للمجتمع الدولي لتحديد شروط بدء الحوار بين الحكومة الأفغانية وتنظيم "طالبان" ورسم الإطار العام للحوار وأهدافه النهائية، لكن المراقبين للعلاقات الباكستانية- الأميركية يعتقدون أن زيارة كلينتون الأخيرة إلى إسلام أباد واجتماعها بقادة البلاد يتعدى مجرد الحديث عن تقنيات التفاوض مع "طالبان" التي ستشرع فيها الحكومة الأفغانية، الى بحث سبل التوصل إلى تفاهم بين البلدين ينهي الصراع بشكل سلمي وآمن، وعن هذا البعد الجديد في العلاقات الأميركية- الباكستانية يقول "مايكل ستيمبل"، الخبير في شؤون "طالبان" من إسلام أباد "إن وجود كلينتون في باكستان هو اعتراف بالأهمية الاستراتيجية لباكستان ودورها في تهدئة أفغانستان والمساعدة على ضمان الاستقرار في المنطقة"، مضيفاً "وأعتقد أن أميركا حالياً تنظر إلى الصورة في شموليتها، وإلى العلاقات في أبعادها العامة التي تتجاوز تسهيل الحوار مع طالبان وتحديد أجندة الحوار". والحقيقة أن هذه القراءة للعلاقات الأميركية- الباكستانية عبر عنها مساعدو كلينتون الذين تحدثوا إلى الصحافة بتأكيدهم الحاجة إلى فهم الأسس التي ينطلق منها البلدان وانشغالاتهما الحقيقية باعتبارها أولوية تسبق الإجراءات على الأرض، وفي هذا الإطار قال "ريتشارك هولبروك" المبعوث الأميركي الخاص إلى أفغانستان: "لا شيء أكثر أهمية لإنهاء الصراع في أفغانستان وتحقيق الأهداف الأميركية من التفاهم بين باكستان وأفغانستان حول هدف استراتيجي ورؤية موحدة يسعيان إلى تحقيقهما بصورة مشتركة". ولبلوغ هذا الغرض وإعادة ضبط العلاقة بين البلدين الجارين، أعلنت إسلام أباد عن توصلها إلى اتفاق مع كابول يسمح بوصول البضائع الأفغانية إلى باكستان، ومن ثم إلى الهند عبر خط جوي، وتقتصر الاتفاقية على اتجاه واحد من أفغانستان إلى الهند دون أن تسمح للبضائع الهندية في هذه المرحلة بالوصول إلى أفغانستان. وعن هذا الاتفاق التجاري يقول "حسن عسكري رضوي"، المحلل السياسي في باكستان "إن السماح بمرور البضائع الأفغانية إلى الهند عبر المجال الجوي الباكستاني يندرج في إطار إثبات حسن النوايا من قبل إسلام أباد"، ويعتقد الخبراء أن باكستان في إطار العلاقة الجديدة تستطيع ممارسة بعض الضغوط على المتمردين الأفغان الذين يتخذون من الأراضي الباكستانية ملجأ لهم، وهي الضغوط التي فشلت أميركا في فرضها على إسلام أباد خلال الفترة السابقة، وهددت بتوتير العلاقات بين البلدين، هذا التحفظ الباكستاني أوضحته "كريستين فير"، الخبيرة في شؤون المنطقة بجامعة جورج تاون قائلة: (أعتقد أن محاولات أميركا في السابق لحمل باكستان على ضرب "طالبان" اصطدمت بالمصالح الباكستانية ذات الطبيعة الدائمة والهيكلية في أفغانستان والتي لا يمكن التضحية بها لتسهيل المهمة الأميركية). ويبدو أن الرؤية الأميركية لباكستان، بدأت تتغير بالتركيز على دور هذه الأخيرة في عملية المصالحة السياسية الجارية في أفغانستان بين الحكومة ومتمردي "طالبان"، ولا يعني ذلك أن باكستان التي فشلت في القضاء على المتمردين في أفغانستان ستكون قادرة لوحدها على جلب السلام إلى البلد، وهو ما يشير إليه "ستيمبل" قائلاًا "لا شك أن باكستان لها نفوذ كبير تمارسه على جارتها وتتحكم في الكثير من مجريات الأمور هناك، لكن لا ننسى أيضاً أن التمرد له استقلاليته، إذ لا أحد يذهب لتفجير نفسه في أفغانستان لأن الاستخبارات العسكرية الباكستانية تطلب منه ذلك، فالتمرد له معنى ومحتوى خاصان به". أما على الجانب الباكستاني فقد شرع البعض في إسلام أباد في تبني نظرة مركبة للتحديات المترتبة على الانسحاب الأميركي من أفغانستان، وهو ما تعبر عنه "فير" بقولها "إن ما يهم باكستان في هذه المرحلة هو استقرارها الداخلي وتأثير الانسحاب الأميركي على أمنها"، متابعة أن بعض الباكستانيين يرون في الانسحاب الأميركي فرصة لإعادة عقارب الساعة إلى العام 2000 عندما كانت إسلام أباد تتمتع بنفوذ كبير في كابول خلال حكم "طالبان". وفي هذا الصدد تتوقع باكستان عودة "طالبان" مجدداً إلى الحكم وانتهاء عملياتها داخل باكستان، لكن الباحثة تؤكد من جهة أخرى أن "هناك إدراكا بأن أفغانستان ستبقى هشة وغير مستقرة ما يحتم على باكستان الاستمرار في إدارتها"، وهو ما قد يعني تعاوناً أكبر مع الأميركيين لتهدئة الوضع، ربما من خلال تسويات متفاوض عليها، حتى لا يؤدي الانسحاب الأميركي إلى تأجيج الصراع. بين أرنولدي - نيودلهي ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©