الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شيابنا إلى أين؟؟

19 مايو 2014 22:58
حينما تجلس مع بعض كبار السن أو الذين نطلق عليهم بلغتنا المحلية (الشياب أو الشواب) لا تعلم لماذا في معظم جلساتهم مع الشباب يعتمدون عقد المقارنات بين زمانهم القديم، والحالي ويتحسرون عليه ويرونه جميلاً كل شيء له طعم ورائحة من الفواكه والطعام والزهور والعطور. ورغم أننا نعتبرهم «بركتنا وهم أحد أسباب نزول المطر علينا»، لكن للأسف لا يخرجهم أهلهم وذووهم من سجنهم الانفرادي الفخم إلا كل بضعة أشهر وأحياناً كل سنة لحضور عرس أو مناسبة اجتماعية كبيرة، وذلك لتجميل صورة الابن أو الابنة التي تعتني بأمها العجوز أو الوالد كبير السن، وبعد ذلك يعودون في نهاية المناسبة إلى سجنهم الانفرادي، وهم لا يصدقون أن يجدوا أحد الشباب أو الفتيات للحديث معهم وعقد مقارنات بين زمانهم وزماننا. حدثني رجل عن قصة حدثت له في فترة السبعينيات، وكان في ذلك الوقت يبلغ ثلاثين سنة وكان كبار السن في ذلك الوقت يوبخونه ويعلقون عليه وعلى شباب جيله (الخنافس واربع عقم على الكندورة). تدور الأيام ويصبح هذا الشاب الآن في منتصف الستينيات من العمر وكانه يستعير الكلمات نفسها التي سمعها من الشياب ليلقيها على مسامعي ومسامع بعض الشباب. وإذا كان زمن السبعينيات الذي لم يعجب من سبقه من الأجيال الماضية ماذا سوف يقولون عن جيل الألفية الثالثة؟. لقد ذكر لي ذلك الرجل أن زمن السبعينيات كان يعتبره كبار السن في ذلك الوقت زمن العجائب عندما انتشرت السيارات (طولها 2,9 متر) والتلفزيون (الأبيض والأسود) والطائرات والبيوت الشعبية والمناطق الحضرية والتعليم الإجباري للفتيات ووقت العمل الذي يبدأ من الساعة السابعة صباحا وينتهي عند الواحدة ظهرا وليس مثل هذا الزمان الدوام ما يخلص إلا بعد صلاة العصر فتنعدم الحياة الاجتماعية لنصبح مثل المجتمعات الغربية. ويصبح (التعاون الزوجي) لتعديل التركيبة السكانية معدوما لعدم توافر الوقت. لذلك انتشر الطلاق وزادت نسبة البطالة والجريمة لأن الأب والأم يعملان أو مشغولان. وأصبح هناك الإنترنت ومئات القنوات الفضائية وأصبحت مراكز التسوق والمطاعم هي أماكن التجمع بدل المنازل ومجالس الرجال وتغير نمط طعامنا بعد انتشار عشرات الأنواع من المطاعم وتدهور المستوى الصحي، وظهر علينا مرض السكر والضغط والسمنة، واستنكر ذلك الشايب عمل المرأة وتركها أولادها للخادمات. وهناك الكثير من النساء بعد استقلالهن المادي حققن الاستقلال الفردي عن طريق النسبة العالية للطلاق في مجتمعنا، وأصبحت كلمة المرأة أعلى بكثير من كلمة الرجل، وعاد ذلك الرجل ليحدثني عن زمنهم الجميل في السبعينيات. ولم يخلصني من انتقاداته إلا دخول أحفاده ليحملوه على كرسي متحرك لإعادته إلى سجنه الانفرادي الفخم ويقول لي هذه الكلمات «يا بني أقول لك ولمن سمعني الآن ويضحك على كلماتي، ولكن لن تحس بمعناها وحرارتها إلا بعد مرور 20 عاماً، ولكن عندها لن يفيدك تحذيري؛ لأنه سوف يتم سحبك بكرسي متحرك، ويتغير عليك العالم ومجتمعك الذي كنت تعتقد أنك بطله يهملك، ويعتبرك أثراً من التاريخ لا قيمة له في الوقت الحاضر، ويموت أصدقاؤك الواحد بعد الآخر، فيكون خبراً حزيناً عليك ولكن مناسبة سعيدة في الوقت نفسه لك؛ لأنها فرصة للخروج ومقابلة الناس والتحدث معهم!!». خليفة الرميثي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©