السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الجوبلان» فن عريق يروي حكايته عبر الجدران

«الجوبلان» فن عريق يروي حكايته عبر الجدران
19 يوليو 2010 21:10
تصنف اللوحات المصنوعة من قماش “الجوبلان” أو”التبستري” كفن عريق وتعد إحدى الوسائل الجمالية التزيينية القديمة التي تألقت بها الدور والقصور في العصور الوسطى، نظراً لقيمتها الجمالية العالية حيث اعتبرت تحفة ثرية تعلق على الجدران. اليوم.. وفي عصرنا الحالي عادت تلك اللوحات إلى الظهور في عالم الأثاث المنزلي والديكور لتزين جدران البيوت بعد تحديثات أدخلها الصناع الفرنسيون والبلجيكيون عليها لتناسب الطراز الشرقي للبيوت. نسجت لوحات “الجوبلان” الفنية ذات القيمة التاريخية المهمة بأنامل الحرفيين الذين قضوا وقتاً طويلاً خلف النول؛ ليحيكوا مختلف الأفكار والروايات التي كانت أساساً نتاج ثقافة الحضارات القديمة الزاخرة بمختلف أطياف الجمال والإبداع، فكانت البيئة ثرية بالفنون والحرف القديمة فبدت آثارها على مساحة سجاد الحائط أو ما يعرف بفن “الجوبلان” أو “التبستري” التي شكلت بها أنماطا ونماذج ومشاهد وصور وشخوص وثقافات لمجتمعات قديمة. إلى جانب كون الجوبلان فناً عريقاً ويعد إحدى الوسائل الجمالية التزيينية القديمة، فقد تداولها الكثير من النبلاء والارستقراطيين قديماً، نظراً لقيمتها العالية ومكانتها البارزة إبان تلك الحقبة الزمنية، فكانت تحفة ثرية تعلق على جدران القصور. وسيلة جمالية لم يتوقف هذا الفن العريق عند ذاك الزمن، بل اقتحم عصرنا وشغل أهم فراغات منازلنا وحمل لواء الطراز الكلاسيكي الساحر بدفئه وجمالياته الفنية البديعة ليتوج المكان الذي شغله بفخامة ورقي. حول هذا الفن الجميل يقول أحمد عوف- صاحب صالة عرض-: “يعتبر قماش “الجوبلان- التبستري” نوعاً من القماش المنسوج والمصنوع من خيوط ذات ألوان مختلفة، لتكوين صورة أو رسمة ما، ومعظم قماش الجوبلان يستخدم كمعلقات على الجدران الداخلية. وينسج على نول مثله كمثل الخامات المنسوجة الأخرى. لكن “الجوبلان” يتألف من خيوط رأسية تكوّن السداة وخيوط أنيقة التي تكوّن اللّحمة. وفي القماش المنسوج بالطريقة العادية، يمكن رؤية كلّ من السداة واللحمة. ولكن في فن النسيج المطرز، تُغطي اللحمة السداة تماماً. ويحصل النساج على هذه النتيجة بحزم خيوط كل صف أكمل للتو على الصف السابق بأداة شبيهة بالمشط تسمى الريشة. ويعمل النساج من خلف “الجوبلان” المطرز ويتبع شكلاً يسمى الرسم التمهيدي، الذي يوضح التصميم وألوان الخيوط. وعند اكتمال النسيج، فإن التصميم يظهر على الجانب العكسي للرسم التمهيدي وقد ظل الكتان والصوف الخامتين الأكثر استعمالاً إلى جانب خيوط الذهب والفضة”. فن ما قبل الميلاد حول تاريخ هذا الفن الرائع يوضح عوف قائلاً: “تعدّ صناعة “الجوبلان” إحدى أقدم أساليب فن النسيج، ولربما يكون قد بدأ منذ عصور ما قبل التاريخ، لكن أقدم قطع قماش وجدت بحسب الروايات التي كتبت عنه يرجع تاريخها إلى القرن السادس عشر قبل الميلاد. وهي من مناطق متعددة في العالم القديم، بما في ذلك مصر وبابل والصين وبيرو. وازدهر قماش “الجوبلان” في أوروبا في العصور الوسطى خاصة منذ القرن الرابع عشر الميلادي وحتى القرن السادس عشر. وكانت المشاغل المختصة تنتج مجموعات منه للقلاع والكنائس. وكان عمل معظم النساجين معتمداً على رسم تمهيدي متكامل يقوم برسمه فنان آخر. ولأن معظمه كان ينسج من الصوف فإنه كان يساعد في عزل الغرف حرارياً مثلما كان يزينها. وكان الملوك والنبلاء يأخذونه معهم عند سفرهم لإيجاد أجواء جذابة ومألوفة، وكانوا يعلقونه أحياناً داخل خيامهم في ساحة المعركة”. يسترسل موضحاً: “أصبحت باريس أول مركز رئيسي لصناعة “الجوبلان” في أوروبا، و”سفر الغضب” واحدة من أقدم المجموعات التي تم إنتاجها هناك خلال السبعينيات أو الثمانينيات من القرن الرابع عشر الميلادي. وخلال القرن الخامس عشر الميلادي، أصبحت أرّاس في فرنسا، وبروكسل وتورني في بلجيكا مراكز مشهورة لصناعته”. لوحات تصويرية تصور معظم أقمشة “الجوبلان” في القرون الوسطى مشاهد من التاريخ والأساطير القديمة أو الحياة اليومية، يقول عوف: “يتسم العديد منها بتصميم ملفلوري كخلفية (ملفلوري كلمة فرنسية تعني الألف زهرة). ويتكون التصميم من الأزهار والزوارق بتفصيل واقعي موزّع على الخلفية مما يجعل الصورة تبدو مسطحة مثل الحائط الذي تزينه. فيما استمرت صناعة “الجوبلان” في الازدهار في أوروبا خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر. وكان مصنع “جوبلن” في باريس واحداً من أشهر المراكز. وقد ضم فنانين مشهورين مثل، بيتر بول رُوبنز وفرانْسُوا بُوشر وفرانسيسكو جويا. لكن تراجعت صناعته خلال القرن التاسع عشر، عندما أصبح ورق الحائط يُستخدم في المساكن على نطاق واسع، كما ساعدت الثورة الصناعية في اختفاء مثل هذه الحرفة”. ويشير عوف إلى أنه منذ خمسينيات القرن المنصرم “يقوم الفنانون بتجارب على المواد والنسيج لصنع أشكال جديدة ومتعددة من “الجوبلان” باستخدام أنوال ميكانيكية حديثة إنما معقدة في الوقت ذاته كي تتمكن من نسج عدد كبير من الخيوط مختلفة الألوان لتكوين منظر دقيق التفاصيل مما يضفي واقعية على المنظر النهائي”. ألوان متعددة حول أنواعه يقول عوف: “تتنوع أشكال وألوان الجوبلان التي يمكن أن تنتقى بحيث تتلاءم مع روح المكان الذي سيكون جزءاً منه، فمنها ما تحمل بعض المشاهد التي تحاكي الطبيعة بمناظرها الخلابة وتفاصيلها الدقيقة وهذا النوع منه يجلب من فرنسا فهي تقدم لنا لوحات الفنانين مطبوعة بطريقة النسج وثرية بالألوان المختلقة والقوية، فتمنحنا إيحاء كأنها لوحة مرسومة بفضل دقتها وغرزها الكثيرة المرصوصة بطريقة محكمة وثابتة، وهناك أنواع أخرى تجلب من بلجيكا وعادة ما تنفذ من قبل أميركي من أصل لبناني هو الفنان العالمي مروان العريض حيث نسج أعماله التي تشع منها روحية الفنون والنقوش والزخارف الإسلامية من خلال الخطوط العربية وبعض الآيات القرآنية الكريمة مثل سورة الفاتحة وآية الكرسي. حيث تحمل نفس تقنية العمل ولكن بتصميمات إسلامية. وقد دخلت نوعيات أخرى من “الجوبلان” أنتجتها بعض الدول العربية لكنها تفتقر للمتانة والجودة، وللأسف ألوانها باهتة نظراً لكون عدد الغرز أقل فلا تظهر اللوحة بالصورة المطلوبة كالأنواع الأخرى مثل الفرنسي والبلجيكي اللذين يتصدران المنتجات المتميزة”. أشكال مختلفة بعد أن كانت هذه اللوحات المعلقة حكراً على القصور والنبلاء في القرون الماضية، تجددت حالياً ودخلت الكثير من الدور والمنازل في وقتنا الحالي ونسجت مفهوم النمط الكلاسيكي في أشكالها المختلفة، حيث يتم تعليقها بواسطة قطعة معدنية كالتي تستخدم في تعليق الستائر وتعلق على الجدران في المداخل بحيث توضع بشكل طولي كخلفية لكرسيين، ومن الممكن أن نضع قطعتين صغيرتين طوليتين بجانب بعضهما البعض على الجدران ذات المساحة الصغيرة، أما اللوحات العريضة فيتم وضعها على الجدران ذات المساحة الواسعة كغرف الاستقبال والمجالس، كما يمكن انتقاء الأشكال التي تصور بعض المزهريات أو الفاكهة بأن تشغل حائط غرفة الطعام”. لذا فإن الأمر أولاً وأخيراً يعود لذوق أصحاب المنزل وروح الديكور وألوانه، في حين يتحكم شكل اللوحة وحجمها بالمكان الذي يمكن أن توضع فيه.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©