الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإسلام... ليس القرضاوي (2 - 4)

29 يوليو 2017 21:59
الشواهد في تجاوز القرضاوي لحدود المنطق والدين كثيرة ومتعددة، ومن ذلك تحيزه الشديد لحزبه الذي ينتمي إليه بحيث أنه حارب بلده الأم وشعبها وحكومتها لمجرد خلاف سياسي في الطرح وفِي المنهج، فأصبح يوزع صكوك الغفران على من يشاء وكيفما يشاء، وأصبح يدخل الإسلام من يشاء ويخرج من الإسلام من يشاء، وأصبح يوزع ألقاب الشهادة على من يشاء من أتباعه ويدخلهم الجنة تلقائياً ويحرم لقب الشهادة ممن يشاء ممن يخالفونه في الرأي سواء كانوا أفراداً عاديين أو رجال أنظمة الشرطة والجيش (أو رجال الكفر والإلحاد على حد زعمه). ونقولها وللأسف إن الرجل تمادى في حده وتجاوز في أدبه مع ربه أولاً ومع المسلمين ثانياً ومع الإنسانية عموماً وتجاوز أدبه مع التاريخ الإنساني ومع رجالات الفكر والعلم والمعرفة، بحيث إنه اختصر الإسلام العظيم في شخصه الضعيف وفِي شخوص من يؤمنون بفكره، والذي نعتقد أنه فكر أحادي الرأي، وفكر لا يقبل الطرف الآخر ولا يقبل الرأي الآخر، هذا الفكر الأحادي الرأي الذي نتج عنه الفكر الظلامي والإجرامي داعش والقاعدة وغيرها من الأفكار الضالة والهدّامة، تلك الأفكار التي ألغت الآخر وألغت قبول رأي الطرف الآخر، على الرغم مما يزعم به أصحابه بأنهم يقبلون آراء الآخرين. هذا الإلغاء الذي نتج القتل والدمار والهرج والمرج في شرق الدنيا وغربها، والشواهد في هذا كثيرة، أعني عدم قبول القرضاوي وأتباعه آراء المعارضين لهم في الرأي، وتسفيه آراء الآخرين. نحن لا ننكر أن للرجل غزيرا عاما في أمور الفقه والشريعة وعلوم الدين، لكنه في النهاية يبقى رجلاً له ما له وعليه ما عليه، وكلامه يؤخذ منه ويُرد، وهو ليس بنبي مجتبى أو برسول مرسل، وكلامه ليس من الوحي الذي يوحى إليه، وبالتالي فان الناس أحرار في أن يأخذوا من الرجل فيما يقول أو أن يتركوا ما يقول أو حتى لا يسمعوا له من الأساس، فالعلماء في هذا الزمان كثر وفي مشارق الأرض ومغاربها، وقد يأخذ البعض في فتاوى الرجل ويتركوا بعضه أو جله، والنَّاس أحرار فيما يتبعون، فإنما هي جنة ونارٌ، وليست مسألة هينة وبالتالي المجاملة منعدمة في هذا الأمر. لكن واقع الحال عند البعض يعتقد بأن الدين كله محصور في شخص القرضاوي، ومحصور في فتاواه، وأصبح عند نقاشك مع أحد أتباعه في رأي طرحه القرضاوي وتخالفه أنت، يراك حينها كأنك تحارب الإسلام وأنك عدو للإسلام والمسلمين. وهذا الأمر للأسف واقع نعيشه هذا الزمن، وشخصياً عايشته من خلال بعض نقاشاتي مع بعض إخواني وزملائي، الذين أكن لهم تقديراً ومحبة، ولكن عند اختلافك مع رأي طرحه القرضاوي فإن هؤلاء الأصدقاء والزملاء سرعان ما يكشرون عن أنيابهم ويتهمونك بأنك تحارب الدين وتحارب الإسلام. بل وقد يمتد أثر هذا الاتهام ليتهموا بعض البلدان بأنها تحارب الإسلام لا لشيء سوى أن هذه الدول أو تلك كشفت ألاعيب وخطط أصحاب الفتن والأهواء ممن تسموا بأسماء علماء ومشايخ، وهم أبعد ما يكونون عن جوهر الإسلام وسماحته. د. إبراهيم الدبل
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©