الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التوتر المتكرر يبلي الجسد ويعجل الشيخوخة

التوتر المتكرر يبلي الجسد ويعجل الشيخوخة
6 مايو 2013 20:41
من منا يعجز عن التعرف إلى الحالة المزاجية لصاحب الوجه المتوتر؟ فهو يحمل مفاتيح سهلة لقراءة أقفاله التي تجعل حاجبيه تتقطبان ونظراته تحتد وفكيه تنقبضان. ومن منا لم يسبق له أن كان صاحب هذا الوجه ذات مرة أو مرات؟ هناك من يُلازمه هذا الوجه ما دام في مقر عمل تكثر ضغوطه، وهناك من لا يقدم أفضل ما عنده إلا عندما يصير وجهه على هذه الحال. فالأدرينالين والكورتيزول وباقي هرمونات التوتر تعطينا في الواقع الدفعة الأولى التي نحتاجها لتحقيق متطلبات العمل واحترام المواعيد النهائية ومواجهة كل التحديات لمواصلة المضي قُدماً في مسالك الحياة ودروبها الوعرة. لكن هذه الدفعات الهرمونية قد تتحول إلى دفقات طوفانية تُغرق صاحبها في بحر من العلل، بعد أن تَضْعُف مناعته وتخور لياقة قلبه ويتساقط شعره وترهق عظامه ويبدو شيخاً هرماً في منتصف عمره. هذا غيض من فيض ما اكتشفته دراسة هولندية حديثة. لا يظهر التوتر على ملامح الوجه فحسب، بل إنه يجد طريقه إلى كل جزء من أعضاء الجسم، بما فيها الخلايا الفردية والعظام والبشرة. ويمكن ملاحظة ذلك حتى في الصور الشخصية. وهو أمر أكدته دراسة هولندية نُشرت مؤخراً. إذ طلب مُعدوها من عدد من المتطوعين التخمين بشأن عمر أصحاب نحو 300 صورة، وذلك بعد أن قاسوا نسبة هرمون الكورتيزول لدى جميع من أُخذت صورهم. فوجدوا أن الأشخاص الذين ترتفع لديهم مستويات هرمون الكورتيزول يبدون دائماً أكبر من عمرهم الحقيقي. وقدر الباحثون أن كل زيادة طفيفة في هرمون الكورتيزول (مايكرومول لكل لتر) تجعل الشخص يشيخ بنحو نصف سنة. ويقول الكاتب والعالم النفسي بنيويورك رونالد ناثان إنه يستطيع دوماً معرفة علامات التوتر لدى زبائنه ومراجعيه، وعلى رأسها التجاعيد وظهور ما يشبه رقم «11» ما بين الحاجبين. ويضيف «لعل خبراء التجميل تنبهوا لهذا الأمر مبكراً وابتكروا «البوتوكس» خصيصاً لمحاولة إخفاء آثار التوتر». ويوجز ناثان أعراض التوتر الأكثر انتشاراً فيما يلي: ? طحن الأسنان: يقول زميل الأكاديمية الأميركية لطب الأسنان العام والطبيب الممارس بمدينة هانتيجتون في نيويورك الدكتور يوجين أنتينوكسي إن طحن الأسنان، أو ما يصطلح عليه آخرون بـ»صرير الأسنان»، هو امتداد طبيعي لانقباض الفك الذي يحدث لمعظم الناس في أوقات التوتر. ويضيف «عندما يأتيني المريض لعلاج ما انكسر أو أُتلف من أسنانه نتيجة إطباقها بشدة، فإنني أعلم من أول جلسة معه أنه يمر بوقت عصيب في حياته. فإما أن تكون وظيفته على المحك، أو يعاني مشاكل مادية، أو يكابد مرارة الحزن على وفاة عزيز. ويكون طحن الأسنان وصريرها من أولى التفريغات الداخلية التي يلجأ إليها المتوتر كنوع من التنفيس الوهمي عن شعوره». --- أمراض اللثة. فقد أظهرت دراسات عديدة أن الناس الذين ترتفع مستويات هرمونات الكورتيزول في دمهم يميلون في الغالب إلى معاناة أمراض النُسج الداعمة، مثل اللثة والرباط السني والملاط الجذري. وهذا يؤدي إلى فقدان السن والقناة الجذرية (الفراغ الموجود داخل جذر السن). ومن غير الواضح كلياً بالنسبة للباحثين سبب اعتلال اللثة نتيجة المرور بمشاكل في العمل أو البيت، لكن الدكتور أنتينوسي يقول إن المتوترين يتعرضون أكثر لجفاف الفم، وهذا أحد العوامل المسببة لأمراض اللثة. ويضيف «الأشخاص المتوترون يميلون بطبعهم إلى عدم الاهتمام الكافي بأنفسهم. وعندما تعاني التوتر، فإنك لن تجد لديك المزاج لغسل أسنانك بعناية بالفرشاة والمعجون مرتين كل يوم. ما يجعلك أكثر عرضة للإصابة بأحد أمراض اللثة». ? الالتهابات: يقول أستاذ علم النفس في جامعة كارنيجي ميلون الدكتور شيلدون إن كثيراً من الناس يصابون بأحد الالتهابات بمعناها الحرفي عقب توترهم. وهو يعزو حدوث ذلك إلى الكورتيزول وباقي الهرمونات باعتبار أن إفرازها يستثير معظم أجزاء الجسم. وعندما يتم إفراز هذه الهرمونات بجرعات صغيرة، فإن ذلك يمر دون أضرار تُذكر، نظراً لأن الالتهاب البسيط يمكن أن يساعد على مكافحة العدوى وتسريع وتيرة التعافي من إصابة ما. أما عندما يُفرز الجسم طوفاناً من الكورتيزول ويطول به الأمر على هذا الحال، فإن الالتهاب يخرج عن السيطرة ويُدخل الجسم في مرحلة مرضية متطورة يضعف خلالها الجهاز المناعي ويشتد الألم وتصبح فيها لياقة القلب أضعف ما تكون. إلى جانب ذلك، كان الدكتور شيلدون قد اكتشف في إحدى دراساته أن الأشخاص الأكثر إصابة بالتوتر أكثر عرضة لنزلات البرد. وهو دليل إضافي يؤكد مدى هشاشة الجهاز المناعي لدى الشخص المتوتر. ? تساقط الشعر: إن معظم الناس الصلع كلياً أو جزئياً أو خفيفي الشعر يلقون باللوم على الجينات والعوامل الوراثية. ومع الإقرار بمسؤولية الجينات نسبياً عن الصلع وخفة الشعر، ينبغي عدم تجاهل العوامل الأخرى المسببة للصلع، والتي يعد التوتر في صدارتها. وكانت دراسة نُشرت في عام 2012 وشملت 98 زوجاً من التوائم الإناث قد أظهرت أن البنات الأكثر إصابة بالتوتر هن الأكثر تعرضاً لتساقط الشعر. وربما لا يكون من قبيل الصدف أن تجد دراسات أخرى أن النساء اللاتي لديهن عدداً أكبر من الأبناء هن أكثر عُرضة لتساقط الشعر! ? ترقق العظام: من بين أخبث الآثار الجانبية للكورتيزول أنه يمنع العظام من امتصاص الكالسيوم. وقد سبق لدراسة نُشرت العام الماضي وشملت 135 امرأة خمسينية أن كشفت أن الكآبة والقلق والتوتر لها علاقة بانخفاض الكثافة المعدنية للعظام. ? زيادة الوزن: فقد كشفت دراسات حديثة أن من شأن التوتر زعزعة ميزان الهرمونات التي تساعد على التحكم في شهية الأكل. ومن غير الخفي أن كثيراً من الناس يلجؤون إلى الأكل بشراهة كلما أصيبوا بالتوتر. وقد كشفت دراسة شملت 457 امرأة وأعدها باحثون من جامعة كاليفورنيا أن النساء اللاتي يعانين كثيراً من التوتر لديهن مشاكل أكثر على مستوى الإفراط في الأكل. ويتفق معظم علماء النفس على أنه كلما تعددت المواقف المسببة للتوتر في حياة الشخص، انطبعت على محياه ملامح كئيبة وارتسمت عليها حروف حزينة، وفشلت عضلات وجهه في إخفاء مزاجه الشخصي العام الذي راكمته الأيام والأعوام. فالأشخاص الذين يطغى التوتر على مجرى حياتهم لسنوات يبدون أقل تحكماً في عواطفهم وأقل تركيزاً، كما يبدو عليهم الشعور بالانهزام. بصيغة أخرى، فإن زيادة جرعات التوتر في حياة الإنسان تجعل الجسد يبلى قبل أوانه، وعقارب ساعة العمر تسير بإيقاعات أسرع. ويبقى العلاج الأمثل لهذا المرض الصامت المفني للعمر هو اتقاء مسبباته قدر المستطاع. هشام أحناش عن «لوس أنجلوس تايمز» «قاتلْ واهرُبْ» يبقى السؤال المطروح والحال هذه هو لماذا يترك التوتر كل هذه الآثار؟ يقول الكاتب والعالم النفسي بنيويورك رونالد ناثان إن الكورتيزول وغيره من هرمونات التوتر تخلق في الجسم حالة ذهنية يمكن الاصطلاح عليها «قاتلْ أو اهربْ»، وهي حالة كانت تمثل عاملاً مساعداً لأجداد البشر عندما كانت تهاجمهم الأسود والسباع ووحوش الغاب. ويستطرد ناثان «لكن الإنسان غير محتاج في الوقت الحديث إلى استدعاء هذه الحالة الذهنية واستخدامها كشاحن عاطفي للقتال، كما أنه لم يعد له مهرب أو ملاذ كما كان حال أجداده السابقين». وهذا يؤدي إلى تفريغ التوتر في داخل الجسم بعد أن كان يُترجم في الماضي إلى قتال مع الآخر أو الهرب منه، وهذا التفريغ الداخلي تكون له في بعض الأحيان نتائج مدمرة لنفسية الإنسان وصحته. ويؤدي التوتر المتواتر إلى بلاء الجسم وشيخوخته المبكرة بطرق شتى. ولذلك فإن ناثان دأب في عيادته على إخبار جميع مرضاه ومراجعيه بأن المشاكل الناجمة عن التوتر هي في الأصل مشاكل يمكن تفاديها وتجنبها. ويرى ناثان أن إدخال تغييرات على نمط العيش وطلب الاستشارة وممارسة تمارين الاسترخاء تلعب دوراً كبيراً في امتصاص التوتر والتدرب على تجنب مسبباته.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©