الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سوق السمك في الجيزة خلية نحل تعج بالأعمال والأسرار

سوق السمك في الجيزة خلية نحل تعج بالأعمال والأسرار
6 مايو 2013 21:03
«حلقة السمك» بحي المنيب في الجيزة، من أشهر الأسواق المتخصصة في تجارة الأسماك لأنها كانت مسرحاً للأحداث في عدد من الأعمال الفنية بالسينما والتليفزيون، ولحجم رؤوس الأموال التي تعمل في السوق والتي تصل ملياري جنيه سنوياً، وفقاً لتقديرات الغرفة التجارية، ناهيك عمَّا يحفل به المكان من حكايات وأسرار. حي «المنيب» يتبع إدارياً محافظة الجيزة المصرية، وحلقة السمك به تتميز بأنها تضم أنواعاً شتى من السمك النيلي وأسماك البحرين الأحمر والأبيض التي تنقل إليها ليلاً بانتظام، وهي حصيلة ما قام الصيادون بجمعه من الأنواع المختلفة للأسماك الطازجة، حيث يستيقظ أهل هذا الحي العريق يومياً على رائحة السمك الطازج، والذي يباع وفقاً لمزاد يجري بين تجار التجزئة، ويسرع من يفوز بالمزاد إلى نقل طاولات السمك إلى المتجر الخاص به، وكذلك لمطاعم الأسماك ما يجعل المكان خلية نحل لا تتوقف الحركة فيها ليلاً نهاراً، كما يضفي الصبيان أو صغار العمال في الحلقة جواً من الإثارة والتشويق على السوق بتفننهم في انتقاء عبارات معبرة ورنانة للمناداة على أنواع السمك وجذب الزبائن. نداءات الصبية تظل نداءات الصبية تتعالى إلى أن يقف التاجر الكبير أمام طاولات الأسماك ويفتتح المزاد، حيث ينادي بسعر محدد للكيلو جرام لكمية ونوع ما من الأسماك، ومن يزايد بسعر أعلى تكون الكمية من نصيبه ويبدأ بعدها تحميل طاولات السمك على سياراته والخروج من الحلقة ويتراوح وزن طاولة السمك بين 25 و27.5 كيلو جرام، ويستمر المزاد من نوع لآخر إلى أن يفرغ كل تاجر من بيع الكميات التي وصلت إليه من الموانئ المختلفة وتنتهي المزادات في الأسواق بحلول الثامنة صباحاً، ثم تبدأ سوق التجزئة، حيث تتراص طاولات السمك على الأرصفة المقابلة لواجهة كل محل وتستمر حركة البيع حتى الخامسة مساءً، ثم يتم تنظيف المكان وإعداده لاستقبال سيارات النقل التي تصل تباعاً من المصايد المختلفة. وتبلغ مساحة السوق نحو 5 آلاف متر مربع، وترجع تسمية حلقة السمك إلى الشكل الدائري الذي يكون عليه تجار التجزئة وقت إقامة المزاد، حيث يلتقون حول طاولات السمك التي يجري المزاد عليها. والسوق تستقبل يومياً أناساً من مختلف الطبقات كل يأتي ليبحث عن نوع السمك الذي يشتهيه ويتناسب مع دخله المادي، وهناك في السوق سياح أجانب وعرب لمعايشة يوم في عالم التجارة. إلى ذلك، يقول البائع أحمد عوف «السوق موجودة في مصر منذ مئات السنين وكانت تقام في ميدان الجيزة، حيث كانت المراكب النيلية تفرغ حمولتها من الأسماك هناك ويجري المزاد ويقوم التجار بنقل الطاولات إلى الأسواق المختلفة وظل الحال هكذا إلى أواخر الخمسينيات من القرن الماضي إلى أن وجدت الحكومة المصرية أن حلقة سوق السمك تعيق حركة المرور في الميدان الشهير، فنقلتها إلى حي المنيب، وتم تقسيم الحلقة إلى أماكن للجملة والتجزئة وأماكن للبائعين الجائلين الذين يدفعون حق انتفاع شهري، وتضم الحلقة 100 محل و30 مخزن خدمات للتجار، وبها مخازن علوية يتم تخزين الأسماك فيها حال وصولها مبكراً، وكل تاجر كبير له باكية في الحلقة، ومن حقه أن يقيم مزاداً على الأسماك التي تعاقد مع الموردين على جلبها من الصيادين التابعين له، على طاولات خاصة به وعليها علامة مميزة به سواءً كانت شعاراً أو لوناً أو حرفاً من اسمه، حيث يسهل ذلك على الصبية التابعين للتاجر المرور على محال ومطاعم السمك عصر كل يوم لاستلام الطاولات الفارغة وتحصيل بقية الحساب». وضع غير مقبول عن ارتفاع أسعار السمك، وهل يلعب التجار الكبار في حلقة السمك دوراً في هذا؟ يقول عوف «الوضع الراهن لا يرضي أحداً، ونحن دائماً نقف في صف الزبائن ونشعر بالحزن عند ارتفاع الأسعار لأنها تؤدي لانخفاض عملية البيع، فلا يعقل أن يصل ثمن كيلو البلطي الذي كنا نطلق عليه «لحم الغلابة» إلى 20 جنيهاً للمستهلك في حين أن سعره الطبيعي قبل سنة كان ما بين 8 و11 جنيهاً والبوري أربع أسماك في الكيلو جرام الواحد أصبح الآن ثمنه 23 جنيهاً، والوقار 75 جنيهاً، والقاروص 72، والسوبيا 64 جنيهاً، والدنيس 59 جنيهاً والجمبري تخطى 120 جنيهاً»، مشيراً إلى أن ارتفاع أسعار النقل وشح السولار أسهما في ارتفاع فاتورة النقل من الموانئ إلى السوق، كذلك ارتفاع أسعار الأعلاف التي تقدم في المزارع السمكية ليصل الطن إلى أربعة آلاف و300 جنيه بعدما كان 2500 جنيه. ويوضح أن تصبح معلماً كبيراً في السوق ليس بالأمر السهل أو الهين كما صورته السينما، فعالم تجارة السمك خطر جداً، وأخطر من البورصة. ويضيف «هنا السمك عمره قصير ولو فسد قبل بيعه، فإن التاجر يصاب بخسارة كبيرة جداً. ولذا، فإن التجارة هنا فن قبل أن تكون رؤوس أموال، وكذلك كيفية إدارة العاملين والاتصال والتنسيق مع الموردين والصيادين في الموانئ المختلفة والعاملين في النقل والشحن، وكل ذلك يحتاج إلى تركيز لا سيما وأن أغلب الصفقات تتم بكلمة شرف وبالسمعة والتأخير في الدفع أو المماطلة يفقد التاجر سمعته». ويشير البائع أحمد «جمبري» (39 سنة) إلى أن لقب «جمبري»، الذي منحه له كبار التجار في الحلقة يعد من أساليب المداعبة والتمييز بين العاملين في السوق. ويقول «اسمي الحقيقي أحمد فؤاد، وأعمل في الحلقة تاجر تجزئة منذ 20 سنة منذ كنت طفلاً أساعد والدي، وقد أطلق عليَّ التجار آنذاك اسم جمبري لأني كنت صغيرا مثل الجمبري. وغالبية العاملين في حلقة السمك لهم أسماء شهرة مستوحاة من أنواع السمك الشهيرة فهناك بسرية وبلطي والقرموط واستاكوزا وغيرهم»، مضيفاً «عملي في الحلقة يبدأ مع أذان الفجر، حيث أهرول من بيتي إلى الحلقة، للحصول على أنواع محددة من الأسماك، لا سيما فواكه البحر، بأسعار معقولة، وأبيعها لعدد من محال السمك والمطاعم الخاصة في وسط القاهرة». مواسم الانتعاش يقول بائع آخر يدعى علي سردينة «السمك الموجود هنا يأتي من كافة أنحاء الجمهورية فهناك النيلي من بحيرة أسوان والبحري من دمياط، والبرلس، ورشيد، والعريش، ومطروح، والغردقة، ورأس غارب والإسكندرية، لتباع بالجملة، حيث تقف المراكب في السويس، ويأتي السمك في عربات ليباع هنا، أما الأسماك النيلية، فتأتي فجراً». وبالنسبة لأنواع الأسماك والمأكولات البحرية التي تباع في الحلقة، يقول «هي جمبري وسردين، وقاروص، وكابوريا، وبوري، وبلطي، وبياض، وقراميط، وشيلان، وثعابين، ومكرونة، وبرانيس اسكندراني، وماكريل، وموسى، وسبيط، وسابيا، وحدادي، ودنيس، ومرجان، وبربون، ووقار»، مضيفاً «الأسعار تختلف من حيث الأحجام والأنواع وكميات الأسماك المتوافرة في السوق في هذا الوقت، حيث تخضع حركة البيع والشراء لسياسة العرض والطلب». وعن مواسم ازدهار حركة البيع والشراء في حلقة السمك بالمنيب، يشير إلى أن شهور الصيف هي الفترة التي تنتعش فيها حركة التجارة كثيراً، وتحديداً من مطلع شهر مايو وحتى نهاية أغسطس، وذلك مع تزايد حركة الصيد، موضحا أن صيد الشنشولة هو الخاص بسمك السردين والميكريل وصيد البحر هو الخاص بالجمبري وسمك المكرونة والنيلي وصيد الخليج هو الخاص بالصيد خارج المياه الإقليمية، حيث تخرج بعض مراكب الصيد بعيداً في المياه الدولية، وتعود بأنواع شتى من الأسماك سواء من سواحل شمال أفريقيا في البحر المتوسط أو سواحل البحر الأحمر مقابل الصومال، وأريتريا، والسودان. ويؤكد أن «شهر رمضان يعد ذروة حركة البيع، حيث يتزايد إقبال الناس على تناول الأسماك إلى جانب عيد الفطر وشم النسيم»، مشيراً إلى أن كميات السمك التي تصل إلى الحلقة تقل من بداية شهر ديسمبر وحتى فبراير من كل عام نظراً للتغيرات الجوية والرياح التي تعوق حركة الصيد، كما تقل حركة البيع كثيراً في السوق في أسبوع عيد الأضحى من كل عام نتيجة لإقبال الزبائن على اللحوم». وأمام أحد محال الأسماك كان عبدالله أبو يوسف (40 سنة) يسكب المياه على طاولة الأسماك التي أمامه في محاولة لإبقاء السمك طازجاً لإغراء الزبائن بالتوقف عند طاولته وشراء أسماكه الطازجة. ويقول «لا بد أن يكون هناك وعاء أو جردل به ماء مع بائع السمك بحيث نقوم كل خمس دقائق بسكب قليل من الماء على السمك. ما يجعل جلد السمك طازجاً ولا يتشقق أو يفسد بسبب حرارة الجو أو أن يقترب منه الذباب فينفر منه الزبائن». علامات الطزاجة يوضح البائع عبدالله أبو يوسف أن هناك زبائن يتعرضون للغش من صغار باعة السمك ممن أصاب الركود بضاعتهم، ولذا، فإن النصيحة لمن يتردد على حلقة السمك للشراء من تجار التجزئة ضرورة الانتباه لمدى جودة السمك الذي يرغب في شرائه، والتأكد من بعض العلامات التي تدل على أنه طازج، وهي أن تكون قشرته الخارجية لامعة، وأن تكون السمكة صلبة عند لمسها وليست رخوة، وتكون عيناها براقتين غير محمرتين، أما إذا لم تتوافر هذه العلامات فينصح بعدم شرائه، لأنه يصبح خطرا على الصحة.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©