الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المشرعون الروس وتوسيع صلاحيات الأجهزة الأمنية

19 يوليو 2010 00:06
يوم الجمعة الماضي، أصدر البرلمان الروسي تشريعاً جديداً، اتسعت بموجبه سلطات الجهاز الاستخباراتي الأكثر أهمية في البلاد، بينما يخشى المنتقدون من أن تكون روسيا في طريقها نحو الانزلاق مجدداً إلى القبضة الحديدية للأجهزة الأمنية والاستخباراتية التي سادت طوال الحقبة السوفييتية. ووفقاً للسلطات والصلاحيات الجديدة التي منحت لجهاز FSB الذي خلف جهاز KGB الشهير إبان العهد السوفييتي، يحق للجهاز الجديد إصدار التحذيرات لأفراد لم ينتهكوا القانون، غير أنه ينظر إليهم رغم ذلك على أنهم "مجرمون" محتملون. وانتقد مراقبو حقوق الإنسان في روسيا القانون الجديد على اعتباره "عودة إلى الفترة السوفييتية"، التي كان يعيش فيها المواطنون في إطار خوف مستمر من قوة الدولة وسيطرتها على جميع الأفراد الذين ينظر إليهم على أنهم معارضون للأيديولوجية الاشتراكية السائدة وقتئذ. وفي الوقت نفسه حذر الكثيرون من أن يستخدم القانون الجديد لإسكات أصوات المعارضين للنظام الحالي. وعلى حد قول نيكيتا بيتروف -المؤرخ مع مجموعة ميموريال لحقوق الإنسان، المختص بتاريخ جهاز الـ"كي. جي. بي"- فإن من الواضح أن القانون الجديد يمثل محاولة من جهاز "إف. إس. بي" الجديد للعودة إلى ممارسات جهاز "كي. جي. بي" السابق، الذي يجعل من الأفراد الذين لم يرتكبوا أي جريمة كانت هدفاً له. وكان الجهاز السابق يصل إلى أهدافه ويمارس عليهم نوعاً من الضغط الذي يجعلهم يعيشون في رعب مستمر. يذكر أن مجلس بلدية موسكو أعرب هو الآخر عن قلقه من القانون الجديد، الذي تم تشريعه مباشرة عبر الدوما أو مجلس النواب الروسي. وطالب مجلس بلدية العاصمة بأن ينص التشريع الجديد على حصول عملاء جهاز "إف. إس. بي" على موافقة وكيل نيابة قبل إصدار أي تحذير لأي من المواطنين. غير أن هذه المطالبة لم تجد لها أذناً صاغية. وعلى رغم هذه الانتقادات والتحذيرات، تم تمرير التشريع الجديد بأغلبية 354 صوتاً مقابل 96 صوتاً في اجتماع الدوما، الذي عقد يوم الجمعة الماضي. ولكن لا يزال القانون بحاجة إلى إجازته من قبل المجلس التشريعي الأعلى، وهي مجرد مسألة إجرائية في نظر الكثير من المراقبين. فقد أيد المسؤولون الحكوميون هذه الخطوة بقوة حرصاً منهم على تمكين الجهاز من القيام بمهامه المتعلقة بالعمل الاستخباراتي المضاد، على حد تصريحات بعضهم لوسائل الإعلام المحلية المختلفة. غير أن معظم المنتقدين يعتقدون أن قوة تأييد المسؤولين الحكوميين للتشريع الجديد لها صلة مباشرة بتوجهات وسياسات الحكومة الحالية، التي تبدي حرصاً واضحاً على حماية نفسها ضد منتقديها. ونشر موقع جهاز "إف. إس. بي" الإلكتروني بياناً صادراً عن يوري جوربانوف -رئيس الجهاز - أوضح فيه أن المقصود من التحذير الموجه إلى الأفراد المعنيين ليس الترهيب أو وضع الناس في حالة مستمرة من الذعر، كما يقول المنتقدون، بل القصد منه إعطاء الأفراد الحق في تغيير آرائهم ومواقفهم. وقال المسؤول إن المقصود تحديداً، هو أن يكون التحذير الصادر بمثابة إجراء وقائي يحذر الشخص من ارتكاب جريمة أشد خطراً على أمن المجتمع ومصالحه في المستقبل القريب. هذا وقد نصت المسودات الأولى للتشريع الجديد على إعطاء الجهاز الاستخباراتي الحق في تغريم الأفراد الذين يتجاهلون تحذيراته أو سجنهم. وعلى رغم شطب هذه الفقرات من النسخة النهائية للقانون التي أجيزت يوم الجمعة الماضي، فقد بقي عنصر الترهيب الرئيسي قائماً في القانون: إصدار التحذيرات للأفراد. ومن رأي المراقبين أن التشريع الجديد صدر بإيعاز من رئيس الوزراء فلاديمير بوتين، الذي سبق له العمل في جهاز "كي. جي. بي". غير أن ميدفيديف أعلن توجيهه للمشرعين بشأن إصدار القانون. وقال ميدفيديف رداً على سؤال وجهه إليه أحد المراسلين الصحفيين الألمان مؤخراً: "إن هذا القانون الجديد المتعلق بتنظيم عمل جهاز "إف. إس. بي"، هو أحد تشريعاتنا المحلية. ويحق لكل دولة أن تعمل على تحسين تشريعاتها وقوانينها، بما فيها تلك المتعلقة بتنظيم الخدمات الأمنية الخاصة". هذا ومن رأي المنتقدين أن جهاز "إف. إس. بي"، قد واصل توجهه لأن يكون نسخة حديثة مطورة من جهاز "كي. جي. بي"، منذ صعود بوتين السياسي. وحسب فلاديمير فيونوفيتش، وهو كاتب روسي سبق له أن تعرض لمضايقات من جهاز "كي. جي. بي" في العهد السوفييتي- أن من شأن التشريع الجديد ليس استعادة سلطات جهاز "كي. جي. بي"، وإعادة فرض نفوذه القوي على حياة المواطنين اليومية فقط، إنما في وسعه كذلك استعادة نفوذ الدولة نفسها على المواطنين. واستطرد "فيونوفيتش" في القول إن مصير التشريع الجديد لن يكون أفضل حالاً من مصير التشريعات السابقة المنظمة لعمل الجهاز الاستخباراتي السوفييتي الأشد خطراً وسطوة على حياة المواطنين طوال الحقب والسنين الممتدة للنظام السوفييتي. ولكن التشريع الجديد قد يلحق الضرر بحياة أعداد كبيرة من المواطنين، قبل أن ينتهي إلى الزوال في نهاية الأمر. ميجان كي. ستاك موسكو ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم. سي. تي. إنترناشيونال"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©