أحمد مراد (القاهرة)
هي الصحابية الجليلة النوار بنت مالك بن صرمة بن مالك بن عدي بن النجار، واحدة من أشهر نساء الأنصار، جمعت بين صفات البر والصلاح والزهد والعبادة، وامتازت بالكرم والسخاء.
تزوجت النوار قبل إسلامها من ثابت بن الضحاك، وأنجبت منه الصحابي الجليل زيد بن ثابت وشقيقاً له يدعى يزيد، قُتل زوجها يوم «بعاث» -آخر معركة من معارك الأوس والخزرج بيثرب قبل هجرة الرسول إلى المدينة بخمس سنوات- وكان عمر زيد ست سنوات.
اعتنقت النوار الإسلام قبل قدوم النبي إلى المدينة، فراحت تغذي زيداً على مائدة القرآن الكريم وحفظه، وحب النبي صلى الله عليه وسلم، وقد عرف قلب زيد الصغير طعم هذا الحب وبركته من أول يوم التقى فيه رسول الله، وقد كان لقاء كرم وحسن ضيافة، إذ كانت أول هدية أهديت للنبي حين نزل بدار أبي أيوب الأنصاري بالمدينة، قصعة من طعام جاء بها زيد، أرسلته بها أمه النوار.
يقول زيد: أول هدية دخلت على رسول الله في بيت أبي أيوب، قصعة أرسلتني بها أمي إليه، فيها خبز مثرود بسمن ولبن، فوضعتها بين يديه، وقلت: يا رسول الله، أرسلت بهذه القصعة أمي، فقال رسول الله: «بارك الله فيك وفي أمك». بعد أيام قليلة من قدوم النبي إلى المدينة دفعت النوار ابنها إلى رسول الله ليحفظ القرآن منه مباشرة، وعندما بلغ 13 عاماً حاول أن يخرج للحرب في بدر، ولكن رده رسول الله لصغر سنه، وعندها رجع إلى البيت يبكي، ولما رأته أمه على هذه الحالة، قالت له: إن لم يكن باستطاعتك أن تجاهد بالسيف والدرع، كما يفعل المجاهدون في المعركة، فباستطاعتك أن تخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم والإسلام بالعلم الذي عندك.
كانت النوار تُقبل على القرآن الكريم فتحفظ ثم تلقن ولدها، الذي أصبح فيما بعد شيخ القراء وأحد كتبة الوحي وجامعاً لسور القرآن ومفتي المدينة. كان بيت النوار أول منارة للإسلام في المدينة يذكر فيها الله بالنداء للصلاة، قالت: كان بيتي أطول بيت حول المسجد، فكان بلال يؤذن فوقه من أول ما أذن إلى أن بنى رسول الله مسجده.
تزوجت النوار بعد ذلك من عمارة بن حزم بن زيد من بني النجار، وكان من السبعين رجلاً الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة، وشهد بدراً وأُحد والخندق، واستشهد يوم اليمامة.
عدد اليوم
