الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هولاند وساركوزي...أصداء المناظرة التلفزيونية

5 مايو 2012
في فرنسا اعتُبرت المناظرة التلفزيونية الأولى والأخيرة بين المرشحين الرئيسيين بمثابة مبارزة سياسية لن تنتهي إلا بهزيمة أحدهما. ففي الجانب الأيمين جلس الرئيس المنتهية ولايته، نيكولا ساركوزي، الساعي إلى إعادة انتخابه، وإن كانت نتائج استطلاعات الرأي لا ترجو فوزه. أما على "اليسار" فيقف منافسه الشرس الاشتراكي، فرانسوا هولاند، الذي تعطيه استطلاعات الرأي الأسبقية على غريمه، وربما لو صدقت الأرقام سيكون رئيس فرنسا المقبل خلال الجولة الثانية من الانتخابات المقررة يوم الأحد القادم. وعلى امتداد فترة المناظرة سعى كلا المرشحين إلى تعظيم فرصهم وتوظيف كل نقاط القوة لدعم حظوظهما، ولعل ذلك ما دفع ساركوزي إلى وصف المناظرة المهمة بأنها "لحظة الحقيقة"، لا سيما وأنها بالنسبة له فرصته الأخيرة لقلب أرقامه السلبية وتعزيز احتمالاته، لذا توعد ساركوزي بحماسه المعهود بـ "تفجير" خصمه. وبالنظر إلى الأهمية التي تنطوي عليها المناظرة في حسم موقف الفرنسيين المترددين لمواقفهم فقد حظيت على امتداد الساعة ونصف الساعة التي استغرقتها بمتابعة واسعة وصلت إلى 20 مليون متفرج يشكلون تقريباً ثلث الناخبين الفرنسيين. ومع أن قواعد الاشتباك لم تكن مثالية بين الخصمين خلال المناظرة التلفزيونية، إلا أن المشرفين حرصوا على توخي المساواة بين الطرفين وعدم الانحياز لطرف على حساب الآخر، وهكذا مُنع على المرشحين ارتداء ملابس تحمل ألواناً لها دلالة مثل الأحمر والأزرق الموجودين في العلم الفرنسي. واكتفى المرشحان بارتداء بدل سوداء وربطات عنق داكنة خالية من أي إيحاء سياسي، وحتى الكاميرات كانت غير متحركة وتنقل فقط المرشح الذي يتحدث دون لقطات بعيدة. لكن مع ذلك احتفظ كل مرشح بأسلوبه الخاص في الحديث والرد، فساركوزي حافظ على توقده والانطباع الذي يخلقه بأنه على وشك الإعلان عن شيء جديد حتى لو خلا من ذلك، وإلى غاية موعد المناظرة التي جرت يوم الأربعاء الماضي تبادل الطرفان التهم والسباب، حيث وصف ساركوزي خصمه "هولاند" بأنه "عديم الكفاءة" وأضاف أنه "كاذب". واعتبر "هولاند" أن "ساركوزي" رئيس"فاشل" ولا يفقه شيئاً، وبحلول الأربعاء الماضي، أصبحت المواجهة بين المرشحين وجهاً لوجه دون وسيط إعلامي ينقل عنهما التصريحات، فقد هاجم ساركوزي "اليسار" الذي بالغ بعض عناصره في انتقاد ساركوزي بعد تشبيهه بالجنرال الإسباني "فرانكو"، أو بالمارشال الفرنسي المتعاون مع النازيين، "بيتان"، وهو ما دفع ساركوزي لتوجيه سؤاله إلى هولاند: "لماذا لم تقولوا عني إنني هتلر؟" فرد "هولاند" قائلاً: "سيد ساركوزي إنك تسعى إلى إظهار نفسك وكأنك ضحية، لكني شخصياً تعرضت لشتى أنواع السب والقدح دون أن أحملك المسؤولية شخصياً، فأنا أندد بكل المبالغات والتجاوزات التي تحدث". غير أن الأهم من الأداء الشخصي والأسلوب الخاص بالمرشحين، هي المواقف السياسية والأجندات التي ظهر مدى اختلافها بين الطرفين خلال المناظرة، فالرجلان يحملان أفكاراً متباينة تكاد تكون على طرفي النقيض. فقد تصادما حول عدد من القضايا المتعلقة بالاقتصاد وبسبل الخروج من الأزمة المحدقة بفرنسا، فهولاند من جانبه يدعو إلى فرض ضرائب أعلى وتحفيز النمو الاقتصادي، فيما يصر ساركوزي على التقشف والادخار للخروج من نفق الأزمة وخفض الدين الفرنسي. كما اختلفا أيضاً حول كيفية تقليل نسبة البطالة التي تطال الشباب وتصل حالياً إلى نسبة 10 في المئة، فضلاً عن مشاكل التعامل مع الدين وخسارة فرنسا لتصنيفها المتميز. وفيما اتفق المرشحان على ضرورة ضبط ميزانية الدولة وإعادة بعض التوازن للوضع المالي فإنهما افترقا حول موعد تخفيض الدين العام بين هولاند الذي يقول 2017 وساركوزي الذي حدد الموعد في 2016، ثم سرعان ما عاد الطرفان إلى تبادل التهم وتحميل بعضهم المسؤولية، حيث اتهم ساركوزي غريمه بالكذب والافتراء. ورد "هولاند" قائلاً: "تعتقد أنه بإمكانك أن تقول أي شيء، إنه أسلوبك على كل حال، فأنت لا تستطيع الدفاع عن طروحاتك دون تقليل الأدب". وفي مرحلة من مراحل المناظرة شرع المرشحان في الجدال حول من يشكل الغنى في فرنسا، واندفع ساركوزي قائلاً "أنت تريد أعداداً أقل من الأغنياء، أما أنا فأريد أعداداً أقل من الفقراء، هذا هو الفرق بيني وبينك سيد هولاند"، أما هذا الأخير فلم يفوت فرصة الرد قائلاً "أنا أحمي أبناء الجمهورية فيما أنت تحمي أصحاب النفوذ". وحتى في المسائل الأخرى التي تهم الفرنسيين مثل الهجرة لم يتفق حولها المرشحان، ففي محاولة منه لاستقطاب أصوات اليمين الذين صوتوا بنسبة 18 في المئة على مرشحة الجبهة الوطنية المتطرفة، "مارين لوبين"، تبنى ساركوزي مواقف متشددة تجاه الهجرة، معتبراً أن فرنسا لا تستطيع "استقبال عدد أكبر من الناس"، معلناً عن نيته خفض عدد المهاجرين إلى النصف. أما "هولاند"، فقد أكد أيضاً عزمه على إصلاح القوانين المرتبطة بالهجرة، لكنه رفض القول إن فرنسا تستقبل عدداً كبيراً من المهاجرين، مشيراً إلى أن مشكلة الهجرة يتحمل مسؤوليتها ساركوزي نفسه الذي كان رئيساً للجمهورية طيلة السنوات الماضية، وقبلها تولى منصب وزير الداخلية دون أن يقوم بشيء، لكن بعد كل هذا الجدل الذي تخللته التهم والكلمات القاسية أحياناً خرجت استطلاعات الرأي لتقول إن "هولاند" حافظ على تفوقه بحوالي عشر نقاط على ساركوزي. كيم ويلشر - باريس ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم. سي. تي. إنترناشونال"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©