الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السيـاحــة فــي قـطــر .. حلـم يتبخــر

السيـاحــة فــي قـطــر .. حلـم يتبخــر
28 يوليو 2017 00:22
محمد شمس الدين (أبوظبي) على البوابة الإلكترونية للهيئة العامة للسياحة في قطر، سيجد الزائر عبارة تحتل الصدارة وهي «السياحة .. بوابة نحو مستقبل أكثر إشراقاً»، ولكن يبدو أن ذلك المستقبل المشرق، لم يجد من يعد له العدة، ويؤسس لدرب التطوير وتحقيق نهضة قطر السياحية، كما فعلت دول خليجية شقيقة مجاورة، فليس ما نقصده بالطبع على درب تطوير القطاع السياحي، هو الإنشاءات الفندقية الضخمة والبنية التحتية المتطورة، والمنتجعات السياحية الفاخرة، أو حتى إنفاق المليارات لاستضافة وتنظيم فعاليات كأس العالم. ولكن ما نقصده هو أهمية إقامة الدولة الراغبة في الارتقاء بقطاعها السياحي، لجسور من الشراكة والحوار والتلاقي الحضاري والمساهمة في دعم الأمن العالمي والإقليمي، بل إن العديد من الدول لا تتوافر لحكوماتها قدرات مالية لدعم وتطوير القطاع السياحي، بقدر ما تحرص قيادات وحكومات تلك الدول على ترسيخ سمعتها، كدول فاعلة تشرع في تعزيز السلام والأمن في محيطها، هكذا أجندة تطوير أي قطاع  اقتصادي في أي دولة طامحة للوثوب للمستقبل، فما بالنا بالقطاع السياحي، الذي يعد أكثر القطاعات حساسية تجاه التقلب في مفاهيم الأمن والاستقرار والسمعة الدولية التي تحرص كل دولة في سباق العالم الحضاري على التحلي بها، وتقديم أفضل صورة للعالم الخارجي عنها. ولعل المراقب لتداعيات الأزمة التي أشعلت رحاها قطر، طيلة سنوات من تأجيجها للصراعات في محيطها العربي والتوترات في الدول المجاورة الشقيقة، وتمويلها للأعمال الإرهابية، والتي تتشارك معها في المنافذ البرية والبحرية والجوية، بما يعزز طروحات تعزيز وتطوير قدرات قطاعها السياحي الذي أنفقت عليه حتى الآن مليارات الدولارات، ولم تجن ثماره بعد، سيجد أن النهضة السياحية التي قادتها قطر باتت على المحك، كما يتوقع المراقبون وخبراء القطاع السياحي، في حال استمرت المقاطعة من الدول الداعية لمكافحة الإرهاب المجاورة، الذي تعد متنفساً ورئة قطر الطبيعية للعالم الجوي عبر المنافذ البرية والبحرية والجوية فضلاً على الدول العربية الأخرى. ومن الواضح أن سيناريوهات وأد القطاع السياحي القطري الناشئ ستبدو قابلة للتحقق لمعطيات كثيرة حسب الدكتور ناصر الطيار مؤسس مجموعة الطيار للسفر والسياحة في المملكة العربية السعودية، والتي تعد أكبر دولة مصدرة للسياح لقطر، حيث يستأثر السياح السعوديون بأكثر من 35% من أجمالي السياحة القطرية. مؤشرات يقول الدكتور ناصر الطيار، إن هناك مؤشرات بدأت تظهر بقوة على صعيد تطوير القطاع السياحي في قطر نتاجاً للمقاطعة من الدول الداعية لمكافحة الإرهاب وعلى رأسها السعودية، والإمارات، والبحرين، ومصر ودول أخرى، نتاجاً لمواقف خاطئة منها في حق الجيران ومضامين الأمن الإقليمي. وأضاف الطيار أن أكبر المثالب على مسيرة القطاع السياحي في قطر الذي لم يبلغ ذات الدرجة التي بلغتها دولة الإمارات، ومملكة البحرين فضلاً على المملكة العربية السعودية، كوجهة للسياحة الدينية والسياحة الطبيعية هو أن القطاع السياحي يبدو الجسر الذي يربط دول العالم، ويمثل واجهة لتعريف كافة الجنسيات بمكتسبات وعادت وثقافات أي بلد، فضلا عن العوائد التي ترتبط بزيادة مصادر الدخل الوطني، وتعزيز فرص العمل، وجذب الاستثمارات وتعزيز التنافسية، فالجميع باتوا يدركون أهمية القطاع السياحي. وتساءل الدكتور ناص الطيار، كيف ستطور قطر وتطلق حملات إعلانية في الصحف ووسائل الإعلام العالمية لجذب السائحين وبلدها توصم بأنها راعية للإرهاب، إذ كيف تعول وتوازن قطر بين المليارات التي أنفقتها على السياحة والبنية التحتية وفي نفس الوقت الاستمرار في دعمها للأعمال الإرهابية، وعدم استقرار الدول المجاورة يضاف إلى ذلك بالطبع كيف يأتي السياح لقطر مع تجشم خطوط طيران مرتفعة وترانزيت. سمعة الدولة وقال الطيار إن اسم أي دولة تسعى للترويج لقطاعها السياحي، يؤسس في المحافل وأسواق السياحة العالمية على مقدار الاستقرار الذي تتمتع به تلك الدولة، وترحبيها بالسائحين وسمعتها الدولية، فالسائح يقارن ويسعى للدول المستقرة، مما سيجعل الحديث عن تطور ونمو وازدهار قطاع السياحة القطرية هو أضغاث أحلام. ويضيف قائلاً «ليس التدهور الذي سيصيب اقتصاد قطر سيقتصر على السياحة فقط بل على كافة القطاعات بما فيها القطاعات التكميلية كارتفاع أسعار تذاكر الطيران، والقطاعات الخدمية، والنقل والموصلات،  وقطاعات الصرافة، وغيرها لأن السائح يطلب خدمات عديدة ومترابطة». خسائر فادحة وأضاف الدكتور ناصر الطيار، أن الخسائر التي تعرض لها قطاع السياحة في قطر كبيرة جداً بالأخص مع فقدان تدفقات السياحة الخليجية مدللاً على ذلك وحسب الإحصائيات فإن قطر ستخسر مليون سائح سعودي سنوياً نتاجاً للمقاطعة، حيث يشكل السائح السعودي النسبة الأكبر على صعيد السياحة المتدفقة لقطر فضلاً على السائحين المتدفقين من الإمارات والكويت وعمان. وأضاف أن مكمن الخسائر الناجمة عن المقاطعة أن السائح الخليجي يتميز عن السائح الآخر بأنه ينفق على التسوق خلال زيارته لقطر وليس فقط من أجل السياحة، مما يعني أيضاً تأثر قطاع ومراكز التسوق بشكل حاد، فوفقاً لبيانات منظمة السياحة العالمية، يصرف السائح السعودي 5 أضعاف السائح الأجنبي، حيث إن السائح السعودي والخليجي بصفة عامة لا يقيم فقط في فنادق أو منتجعات سياحية بل يقوم بالتسوق والإنفاق داخل البلد الزائر لها. وتوقع ناصر الطيار أن تتفاقم خسائر قطاع السياحة في قطر نتاجاً للمقاطعة وصعوبة إجراءات السفر وطول المسافات، فيما ستتوقف العديد من الاستثمارات الفندقية، وكذلك المحال التجارية، فضلاً على هروب الاستثمارات السياحية نتاجاً لذلك المناخ. لا جدوى       من البدائل وبسؤاله عن جدوى البدائل أو الوجهات المصدرة للسياحة التي تسعى لها قطر تعويضاً عن خسارتها للسوق الخليجي كدول مثل إيران وتركيا فضلاً على دول العالم الأخرى قال الطيار: إنه سيناريو صعب التحقق إذ حتى لو استطاعت قطر تعويض خسارة السياحة الخليجية بالاعتماد على السائح التركي أو الإيراني فإن تلك الشريحة من السائحين ليس عندهم المقدرة الشرائية لدى السائح السعودي والخليجي بصفة عامة. افتقاد الحنكة من جانب آخر يقول حسين الشعفار النائب السابق بالمجلس الوطني الاتحادي بدولة الإمارات إن التأثيرات الناجمة عن المقاطعة الخليجية والعربية لقطر ستكون كبيرة جداً على مختلف القطاعات الاقتصادية، وليس القطاع السياحي لوحده، ولكنه أكد أنه نظراً لضخامة الاستثمارات التي ضختها الحكومة القطرية على القطاع السياحي طيلة الأعوام الماضية، فإنه لن يكون من الحنكة الاقتصادية والسياسية أن يتم معاداة الدول المجاورة والشقيقة، والتي تمثل رئة ومتنفساً للسياحة سواء الوافدة لقطر أو حركة الركاب والمسافرين والسائحين من قطر لدول العالم إذ لا بد من استخدام الممرات الجوية والبرية المجاورة. وأضاف أن تكلفة السفر زادت بشكل مؤثر على حركة الأعمال والسياحة وبما يعيق الآمال المرجوة على ذلك القطاع الاستراتيجي والداعم لخطى التنوع الاقتصادي، فضلاً على الضرر البالغ لسمعة قطر في المحافل والأسواق السياحية الدولية إذ أن السائح لا يذهب لدولة غير مستقرة والعالم بات الآن يوجه أصابع الاتهام لقطر. ضغوطات داخلية من جهته، يرى الدكتور علي توفيق الصادق مدير معهد الدارسات الاقتصادية السابق بصندوق النقد العربي، أن القطاع السياحي في قطر تأثر بصورة كبيرة نتيجة لمقاطعة الدول الداعية لمكافحة الإرهاب. وأوضح أن السياحة من القطاعات التي تعتبر قاطرة لنمو أي اقتصاد في العالم فهي تعزز التنوع الاقتصادي، وتنعش معها العديد من الصناعات والخدمات المرتبطة بها. وقال الصادق إن المستثمرين المتضررين في القطاع السياحي القطري سيمارسون ضغوطاً داخلية على الدوحة حتى تفيق قطر وتعود إلى رشدها، لأن هؤلاء المستثمرين أنفقوا مليارات الدولارات لتشييد فنادق ومنتجعات سياحية.  
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©