الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فتيات في صف الأبطال

18 مايو 2014 22:45
فريدا جيتيس محللة سياسية أميركية تطلب الأمر ثلاثة أسابيع تقريباً قبل أن ينتبه العالم أخيراً إلى الدراما المتواصلة فصولها في نيجيريا، حيث قامت مجموعة من الإرهابيين الإسلاميين المتطرفين بخطف أكثر من 300 تلميذة ثم اختفت معهن وسط الأدغال. وإذا كان لدى أي شخص شك بخصوص خبث الخاطفين، وهم المجموعة المعروفة باسم «بوكو حرام»، فقد تبدد عندما أفرج زعيم المجموعة «أبوبكر شيكو» عن فيديو قال فيه: «إن الله يقول إن عليّ أن أبيع. إنه يأمر بالبيع. لذلك، فإننا سنبيع النساء». «شيكو» وعصابته يريدون إقامة خلافة إسلامية في نيجيريا وفق فهمهم المغلوط للشريعة الإسلامية. ويعني اسم المجموعة «التعليم الغربي حرام». فحسب فهمهم لما هو حلال وما هو حرام، فإن التعليم الغربي يعتبر إثماً، لكن خطف البشر وبيع الفتيات من أجل استعبادهن جنسياً على الأرجح، أمر مقبول على نحو ما! خلال الأسابيع التي تلت خطف الفتيات من مدرستهن الداخلية رأينا أبطالاً وأشراراً؛ وقد نرى شهيدات لاحقاً. وإضافة إلى ذلك، رأينا تحولاً بدأت فيه صفوف الأبطال تزداد وتتعزز. فمؤشرات الشجاعة ظهرت مع الفتيات؛ ذلك أنهن كن يدركن أن الذهاب إلى المدرسة خطير للغاية لأن «بوكو حرام» قتلت الآلاف خلال السنوات القليلة الماضية. لكن هؤلاء الفتيات كن يكافحن حتى يتلقين تعليماً حقيقياً. والحال أن ما يعتبره المتشددون «غربياً» ليس في الحقيقة سوى تعليم أوسع وأشمل من مجرد حفظ النصوص الدينية واستظهارها. وضمن قائمة الأبطال توجد أيضاً عائلات الفتيات، وخاصة أمهاتهن اللائي انتقدن تقاعس الحكومة وتحدين ضمير العالم عندما بدا أن لا أحد يكترث لمصير الفتيات. ففي بلد تعتبر فيه المظاهرات أمراً غير شائع، خرجت العائلات إلى الشوارع للاحتجاج، كما لجأت إلى تويتر وفيسبوك، وسعت لحشد الدعم عبر العالم، وتمكنت من ممارسة الضغط على حكومة نيجيريا، وعلى رئيسها الذي لم يتحدث عن عملية الاختطاف الجماعية إلا بعد أسابيع على وقوعها. وقد ساعدت جهود عائلات الفتيات المخطوفات ونضالها على وضع حد للامبالاة المجتمع الدولي؛ ذلك أن أحد الجوانب المزعجة الكثيرة في هذه القصة المؤلمة كان هو مدى تجاهلها من قبل الإعلام الدولي والدبلوماسيين والجمهور بشكل عام. ذلك أنه إذا كانت قصة الطائرة الماليزية المفقودة وكارثة العبارة الكورية الجنوبية قد استأثرتا بقدر كبير من الاهتمام الدولي، فإن الفتيات، اللاتي توجد حيواتهن في خطر، بالكاد حظين ببعضه. لكن ذلك تغير الآن؛ حيث ارتقى العالم أخيراً إلى مستوى الحدث، إذ شكّل الاهتمام الدولي ضغطاً على الحكومة النيجيرية وعلى الرئيس جونثان جودلاك. صحيح أنه مازال من غير الواضح ما الذي ستقوم به الحكومة بالضبط، إلا أنه ليس ثمة شك في أن الجو المحيط بالقضية قد تغير. وبينما أكتب هذه السطور وقد مرت على المأساة أربعة أسابيع، يمكن القول إن المجتمع الدولي وحتى الإعلام العالمي قد كفّرا عن خطئهما حيث أضحت مأساة التلميذات النيجيريات حاضرة في أذهان الجميع الآن؛ وأخذت مشاعر الانشغال والقلق تترجم على أرض الواقع. غير أن ذلك لا يمحو الأخطاء الأولى بالطبع. ذلك أن التحرك مبكراً خلال الأيام الأولى من الَأسر كان سيساعد على تسهيل عملية تعقب الفتيات المخطوفات وإنقاذهن. والحال أن الحكومة النيجيرية اليوم تقول إنها تجهل مكان الفتيات، رغم الفيديو الجديد الذي أفرجت عنه «بوكو حرام» ويزعم أنه يُظهر العشرات منهن وهن مرتديات الحجاب ويصلين باللغة العربية. ربما تم نقل بعضهن إلى بلدان مجاورة، وربما تم بيعهن. وربما لن يتم الوصول إلى بعضهن أبداً. غير أنه إذا تم إنقاذهن، فإنهن سيصبحن رمزاً للأمل بالنسبة لمستقبل نيجيريا. إننا لم نر الفصل الأخير من هذه الدراما بعد؛ لكننا نأمل أن تقوم الحكومة بكل ما يلزم حتى يمكن لكل النيجيريين أن يكونوا فخورين بها؛ فتستطيع الحكومة الانضمام إلى الفتيات ضمن صف الأبطال في قصة ذات نهاية سعيدة. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. انترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©