دخلَ الأبُ إلى غرفةِ ولدِه أحمد، ليَسْتعْجلَه في جمعِ حاجيَّاته، حيثُ إنَّ اليومَ هو اليومُ المقرَّرُ الذي تذهبُ فيه العائلةُ إلى بيتِ الجدِّ الكبيرِ كما اعتادوا تسْمِيتَه في مدينةِ العينِ.
سألَ الأبُ: هل أنتَ جاهزٌ يا أحمدُ؟ أجابَ أحمدُ: نعمْ يا أبي. الأبُ: هل جمعْتَ الأشياءَ الضَّروريةَ لقضاءِ نهايةِ الأسْبوعِ عنْدَ جدِّكَ؟ نظرَ أحمدُ باتجاهِ الحقيبةِ القابعةِ في الأرضِ. نعمْ لقدْ وضعْت فيها لوازمي الضَّروريَّة. ألقى الأبُ نظرةً فاحِصَةً إلى الحقيبَةِ وابْتسم، فلمْ يكُنْ في الحقيبةِ إلاَّ بعضُ الكتبِ. فقَدْ اعْتادَ أحْمدُ أنْ يأخُذَ معَه في كلِّ نِهايةِ أسبوعٍ مَجْموعةً من الكتبِ لِيقْرأَها في بيتِ جدِّهِ.
صعدَ أفْرادُ العائِلةِ إلى السيَّارةِ. نظرَ الأبُ إلى الجميعِ وسأَلَ: هل الجميع جاهز؟ أومأ الجميع برؤوسهم ورددوا نحن جاهزون. بدأَ الأبُ قِيادةِ السَّيَّارةِ منْ أبوظبي العاصمةِ متوجِّهاً إلى مدينَةِ العيْنِ، خلالَ الرِّحلةِ مَرُّوا بالعديدِ منَ الواحاتِ الخضراءِ في الصَّحراءِ التي تلفُّها الرِّمالُ من كلِّ جانب.
وصلت العائِلةُ إلى مدينَةِ العينِ قبْل غُروبِ الشَّمسِ وعندَ وصولِهم إلى بيْتِ الجدِّ الكبيرِ ترجّلَ أحمَدُ من السيَّارةِ بسُرعةٍ وعيناهُ تجولان في باحَةِ المنْزلِ الأماميَّةِ تبْحثان عن جدِّهِ، لمحَ جدَّهُ كعادَتِهِ يجْلسُ تحتَ النَّخْلةِ الواقعةِ في طرَفِ المنْزِل.
ركضَ أحمدُ نحْو جدِّهِ وهُو يُنادي عليهِ وعنْدَ وصولهِ قالَ أحمدُ: السَّلام عليْكم. التفَتَ الجدُّ نحْوَ أحمدَ وقدْ تهلَّلت أساريرُه وردَّ: وعليكم السَّلام. اقْتربَ أحْمد منْ جدِّهِ وقبّله على رأسِهِ ويديْه.
خرجَ أحمدُ معَ جدِّهِ وأبيه إلى المسجدِ لأداءِ صَلاةِ العِشاءِ وبعدَ أداءِ الصَّلاةِ توجَّه الجميعُ إلى بيتِ الجَدِّ حيثُ تمَّ إعْدادُ المجْلسِ في (السبلة) باحةِ المنزلِ الخارجيَّةِ استعداداً لاستقبال الضُّيوفِ الذين بدَؤوا بالتَّوافدِ إلى المنْزلِ في اجْتماعٍ أسْبوعيٍّ كان يُعْقَدُ في بيت الجدِّ.
عدد اليوم
