سحر خليفة.. سبّاحة ماهرة في بحر القانون

أحمد السعداوي (أبوظبي) سحر محمد خليفة، مواطنة صاحبة تجربة مضيئة أثبتت خلالها قدرة بنات الإمارات على خوض أصعب المجالات وتحقيق التميز والنجاح، بالمثابرة والإيمان بإمكاناتهن التي اكتسبنها بالدراسة والعلم، ومساندة أولي الأمر في الدولة الذين يدعمون المرأة في كل المجالات حتى تم اختيار الإمارات مؤخراً في المرتبة الأولى عالمياً، في مؤشر احترام المرأة. سحر اختارت المجال القانوني وتدرس حالياً درجة الماجستير في جامعة الإمارات استعداداً للدكتوراه التي تخطط للحصول عليها من جامعة هارفارد بالولايات المتحدة الأميركية، تأكيداً لثقة بنات الإمارات بقدرتهن على الوصول إلى قمة العلم والعمل مهما كان التخصص صعباً والتحديات كبيرة. عن اختيارها المجال القانوني الذي يتسم بتعقيداته وكثرة تفصيلاته، ما يجعل كثيراً من الرجال يعزفون عن العمل فيه، قالت، إن أول أسباب اتجاهها لدراسة القانون والعمل بالمحاماة، إيمانها بأهمية المعرفة الحقيقية للقانون ونشر الثقافة القانونية، خاصة في العصر الحديث وتعقد العلاقات الاجتماعية والمعاملات بين الأفراد، ورغبة في زيادة وعي أبناء المجتمع الإماراتي بالقانون والمعارف الأساسية المتعلقة به والتي تجنبهم الوقوع في الكثير من المشكلات، علماً أن المجتمع الإماراتي يتميز بالانفتاح الاستثماري والاجتماعي، وهذا يتطلب كثيراً من الدراية بأهم مبادئ القانون التي تحكم العلاقات بين الأفراد، وهذا حاجز ومانع أمام المشكلات التي قد يعانيها أفراد كثيرون رغماً عنهم. السبب الآخر لدخولها هذا المعترك، أن أولي الأمر في الدولة يدعمون المرأة في كافة المجالات، وقد حرصت سحر على إبراز قدرة المرأة الإماراتية في التعامل مع مجال القانون المعروف باتساع معارفه وكثرة تفاصيله التي تحتاج إلى جهد ووقت قياساً إلى غيره من الأعمال، خاصة أن هناك مفاهيم متنوعة عن عمل المرأة بالقانون ولا يقتصر فقط على المحاماة والمرافعة في المحاكم كما يعتقد كثيرون، بل هناك تقديم الاستشارات القانونية والعمل في القضاء والشؤون القانونية في المؤسسات والشركات المختلفة. تركيز وجهد وتقول: هذا التنوع في العمل القانوني، يبين التركيز والجهد الواجب على من يريد دخول هذا المجال، الذي عادة ما يمثل عاملاً غير جاذب لهذا العمل، خاصة أن التعامل مع القوانين يتطلب درجة عالية من الالتزام وهو ما تتميز به المرأة الإماراتية، وجعلها نموذجاً يحتذى به في المنطقة والعالم ، خاصة أنها برعت في القيام بعدة أدوار، فإضافة إلى أعمالها التقليدية كزوجة وربة بيت وأم نجدها اليوم موظفة في كافة القطاعات والمجالات محققة نجاحات لافتة، وليست مجرد مشاركة صورية كما يحدث في كثير من المجتمعات. وأضاف: أنها من خلال عملها بالقانون استطاعت تقديم خدمات مختلفة لمجتمعها، خاصة في مجال العلاقات الأسرية والنزاعات التي تحدث بين الأزواج عند الرغبة في الانفصال، حيث تحرص دائماً على التوفيق بينهما، وهو ما نجحت فيه في حالات كثيرة، مؤكدة أن الهدف الأول للعمل بالمحاماة والقانون هو جعل العلاقات الاجتماعية تدور في إطار أفضل وليس المسارعة باللجوء إلى المحاكم والنزاعات القضائية بغرض الحصول على مكاسب مادية. وأوضحت أنها ومن خلال المركز الأول للاستشارات القانونية الذي افتتحته بداية العام الحالي، تقدم استشارات مجانية ودورات توعية قانونية للأفراد والمؤسسات مستقبلاً، ضمن الأفكار المتعلقة بالنواحي القانونية لدعم المجتمع. وقالت: سأعمل على إنشاء مُجمّع قانوني بكامل أفرع القانون لخدمة المجتمع والأفراد العاملين بالقانون بشكل عام، وسيشمل تدريب وتوعية المواطنين والوافدين بكافة النواحي القانونية الخاصة بالمعاملات التي تجري في حياتنا اليومية، ومنها المصالحة بين الأفراد قبل الدخول في منازعات، وتأمل دعم الدولة للنهوض بهذا المشروع الذي يعود بالفائدة على كافة فئات المجتمع، خاصة أنها بدأت الآن استقبال حالات مجانية لأصحاب القضايا الذين تعجزهم قدراتهم المادية عن دفع تكاليف الاستشارات القانونية وأعمال المحاماة. الحالات الإنسانية وأشارت إلى أن استقبال تلك الحالات الإنسانية يأتي ضمن قيامها بالدور المجتمعي الواجب على الجميع تأديته باعتباره جزءاً من رد الجميل للوطن الذي أعطانا الكثير. وتعرض سحر استعدادها التام لتقديم مشورتها القانونية في سرية تامة لأي شاب أو مواطن يواجه أي مشكلة قانونية من أي نوع قبل وصولها إلى الإجراءات الرسمية. وحول ما اكتسبته من فوائد على الصعيد الشخصي، من وراء العمل في القانون وملامسة مشاكل وخبرات الآخرين، تبين أنها تعلمت التفكير الموضوعي وترتيب الأفكار في تناول أمور حياتها المختلفة، وقوة الشخصية في التعامل مع المواقف والأفراد، واستيعاب الأمور بشكل أكثر منطقية. تنظيم الوقت أما سلبيات العمل، فمنها أنه يتطلّب الكثير من الوقت والجهد للبحث في القضايا المختلفة، ولكن هذا التعب يتحول إلى متعة حين تستطيع الوصول إلى حل لمشكلة ما أو إخراج شخص من ضائقة يعانيها، هنا تكون قمة النجاح للمشتغلين بالحقل القانوني. وعن كيفية الموازنة بين بيتها وزوجها وأطفالها والنجاح في العمل، تؤكد أنها تعطي كلاً منهم ما يستحق من اهتمام وهذا يأتي بحسن تنظيم الوقت وتشجيع الزوج الذي يعتبر صاحب الفضل الأكبر في تقديم الدعم والتشجيع المستمر لها على خدمة نفسها وأسرتها والمجتمع. وقالت: إلمامي بالقانون واختلاطي بمشاكل الناس، يجعلني أكثر حرصاً على بيتي وأولادي وقدرة على التعامل مع الظروف والمشكلات الحياتية التي تمر بها أي أسرة. ضرورة الحذر من الوقوع في مشكلات من الوقائع الغريبة التي ترويها سحر محمد خليفة، عن أهمية الوعي وضرورة الحذر من الوقوع في مشكلات وتحت طائلة القانون، تذكر قصة شاب إماراتي تنظر قضيته حالياً، ذهب في رحلة مع أصدقائه إلى إحدى الدول القريبة وبعد أن فقد مدواخه، أعطاه صديق له من تلك الدولة مدواخاً آخر، غير أنه لاحظ اختلاف المذاق ولم يعط اهتماماً لذلك، وبعد عودته إلى الإمارات بيومين، تعرَّض لحادث مروري، وعند عمل تحاليل طبية له تبين وجود نسبة مخدر في دمه، مما عرضه للمساءلة القانونية ويجري الآن التحقيق معه حول هذا النوع من المخدر وكيف وصل إليه، وهو مهدد الآن بالوقوع تحت طائلة القانون نتيجة الجهل بأساليب التعامل السليمة خلال الرحلات الخارجية. وتناشد شباب الإمارات أن يكونوا في منتهى الحرص والحذر عند سفرهم خارج البلاد لأنهم يتعاملون مع غرباء لا نعرف توجهاتهم ولا أفكارهم وربما يختلفون عنا في عاداتنا وتقاليدنا وأفكارنا.