السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

زايدالكتاب الكبير

7 مايو 2015 00:02
في زمن الكفاف، وقبل نصف قرن تقريباً من الآن، أراد رجلٌ عظيمٌ، رجلٌ صاحب إرادة حديديَّة، رجلٌ حالمٌ وتاريخي بامتياز: طموحٌ، مخلصٌ، محبٌّ، ويحمل رؤية ورسالة، أن يؤلف كتاباً كبيراً لشعبه، كتاباً جديداً في معناه ومبناه؛ ولكن ليس كمثله كتاب! كتاب لا يُكتب على ورق، ولا تخطه أقلام. كتاب أكبر من الكلام، وأوسع من الأحلام. كتاب لا تحمله الكفوف ولا يوضع على الرفوف، بل ينقش على الجِلْدِ والعَظْمِ ويسكن في الأحشاء والرؤوس. كتاب أفعال وليس أقوال، بل أقوال بحجم الأفعال. كتاب سهر، وتعب، وجَلَد، وصبر على الشدائد، ومتابعة دؤوبة، وتخطيط سليم، ويقظة دائمة، وحكمة رشيدة، وحوار بنّاء، ومحبّة طاغية، وبصيرة ثاقبة، وانتماء مُخْلِص، وضمير كبير وحي. كتاب للجميع، ومن أجل خير الجميع، يصنعه الرجل والمرأة، ويسع الجميع، ولا يضيق على أهله بشيء. كتاب يليق بمن يحلم بوطنٍ واحد منشود، وبقيام بلدٍ متماسك، موحد، ناهض، مستقل، قوي، وحديث. كتاب لا يدعو للاستعباد ولا للإذلال ولا للتخلف والانحطاط، وإنما يسمو بشعبه عالياً، ويدفعهم بحنانٍ وقوّةٍ لأن يقبلوا بهمَّةٍ وشغفٍ على الحياة والبناء والانفتاح والتعليم والمعرفة والإبداع والابتكار، من دون تشوهات وعُقَد نقص فظيعة. كتاب وحدة واتحاد وتوحيد، لا كتاب انقسامات ومحاصَصات طائفية وعنصريّات وظلاميّات متطرفة وإرهاب وجمود وتشتيت وتبديد. كتاب سلام واستقرار وأمان ومحبّة ومثاقفة وانفتاح على العالم وتنوير، لا كتاب تناحر ومؤامرات وعداوات وفوضى وجهل وانغلاق وضغائن وكراهية وتكدير. كتاب تُكتبُ له الديمومة والاستمرار، ولا يتوقف في تطلعاته عند حدٍّ معين، ولا ينتهي عند نقطةٍ أخيرة تعود به إلى الوراء مطلقاً. كتاب مخلص لهويته وأمته وزمنه وغده، قابل للإضافة والزيادة والابتكار والتعديل، من قائدٍ إلى قائدٍ، ومن حكومةٍ إلى حكومةٍ، ومن جيلٍ إلى جيلٍ، ومن زمنٍ إلى زمن، شريطة ألا تمس تعاليمه ومبادئه الإنسانية والوطنية الأولى التي نشأت وقامت عليه. كتاب يعلِّم الإنسانية معنى التعايش السلمي، وكيف يحتضن الناس ويقف معهم ويمد لهم يد العون في وقت الصعاب. كتاب لا ينظر للبشر من زاوية ملَّتهم أو ديانتهم أو طائفتهم أو أصولهم، فكلنا في النهاية عبّاد الله وهو وحده من يتولى محاسبتهم؛ وإنما يُنظر إليهم في مدى تحقيقهم لشرطهم الإنساني واحترامهم والتزامهم بقوانين البلد الذي يقيمون فيه. كتاب لا يتخفَّى وراء الشعارات الكاذبة ولا الأقنعة الزائفة؛ فهو لا يحتاج إليها مطلقاً؛ لأن شواهد ومنجزات ما تحقق على أرض الواقع، كبيرة جداً وواضحة للعالم أجمع. كتاب هو دستور للآتي، لليوم وللغد، كُتب لكي يكون شمساً مشرقةً وهاديةً، لكل من يتطلع إلى النور والخير والمحبّة والسلام والحياة الآمنة المستقرة والجديدة. إنه باختصار، كتاب يليق بمن أراد كتابة كتاب مغاير ومختلف لشعبه، في زمن الكفاف، فصنع فوق هذا معجزة حقيقية، اسمها: دولة الإمارات العربية المتحدة. هذا الكتاب الكبير، الكتاب - الدولة، الذي يحتفي بشخصية صاحبه معرض أبوظبي الدولي للكتاب، في يوبيله الفضي اليوم، الذي تعلمنا منه وحفظناه عن ظهر قلب، حكومةً وشعباً، الذي بادلناه حبّاً بحبٍّ، هو كتاب المؤسس، الوالد، المغفور له بإذنه تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. هكذا، وعلى يد زايد، أصبح الكتاب بلاداً: ورقه الأرض، وحبره النور، ولغته وفصوله وسيرته الشعب، وعنوانه سعادة الإنسان ومجد العَلَم. عبد العزيز جاسم
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©